يبدو المشهد على الأرض أكثر صدقية، من الاجتماعات والبيانات، والارادات والرغبات، فانهيار سعر الدولار في أسواق بيروت، يعالج على طريقة «نظرية المؤامرة» وبالتالي فالمعالجات الجذرية لم ترتق إلى خيار المعالجة بالاقتصاد، بل بالأمن، سواء عبر اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى، الذي ينعقد تباعاً بموازاة مجلس الوزراء، بل يزيد، أو عبر «غرفة العمليات» لمتابعة أو ملاحقة كل المتاجرين بالدولار في البلد بصورة غير شرعية، وفقاً لما أكده المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من عين التينة، والذي يبذل جهوداً استثنائية لوقف تداعيات الانهيار المالي.

وفي إطار، ما يمكن ان يبحثه مجلس الوزراء في جلسته المقبلة، كشف مصدر مطلع ان الجلسة واردة الخميس، ولكن لم يتحدد بعد جدول الأعمال، ولا مكان الانعقاد في السراي أو القصر الجمهوري.

في الأسواق، تراوح سعر صرف الدولار بين 4200 و4400 ليرة مقابل الدولار، وفقاً لما نقلته «فرانس برس» عن أحد الصرافين، على الرغم من ان المصرف المركزي ضخ كميات من الدولارات للجم انهيار الليرة.

وفي المعلومات ان مصرف لبنان ضخ في السوق اليوم 3 ملايين و500 الف دولار للصيارفة فئة اولى، وحركة البيع للافراد بمعدل 200 دولار اسبوعيا بلغت نحو 690 عملية. وشح في الدولار في السوق لدى الصرافين المرخصين الفئة الثانية، واصطفت طوابير من المواطنين امام محلات الصيرفة.

وقالت: أن كمية الدولار التي تم ضخها في السوق اليوم لم تصمد اكثر من ساعات قليلة وتم بيعها. 

وفي سياق فك الارتباط بين التدهور المالي والنقدي، وانعكاساته الخطيرة على أسعار السلع وتآكل القدرة الشرائية وعمليات الشغب في الشارع، يمكن القول ان المجلس الأعلى للدفاع بحث في نقطتين لا تلازم بينهما:

1- النقطة الأولى تتعلق «بأحداث الشغب» التي حصلت في عدد من المناطق، لا سيما في بيروت وطرابلس والتي أخذ بعضها طابعاً طائفياً، إضافة إلى استهداف القوى العسكرية والأمنية.

2- النقطة الثانية: الكميات المستهلكة من المحروقات في السوق المحلي، وسبل معالجة الخلل بين الطلب والعرض.

وقد استهل الرئيس ميشال عون الاجتماع الذي حضره الرئيس حسان دياب والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ومدعي عام التمييز، بالإشارة الى احداث الشغب التي حصلت في عدد من المناطق، لا سيما في بيروت وطرابلس والتي اخذ بعضها طابعا طائفيا، اضافة الى استهداف القوى العسكرية والأمنية بالاعتداء المباشر. 

وقال: ان مثل هذه الاحداث سببت استياء واسعا، الامر الذي يفرض اتخاذ إجراءات متشددة لمنع تكرارها، إضافة الى القيام بحملة توقيفات تشمل المخططين والمحرضين والمنفذين على حد سواء. ولن يكون من المسموح بعد اليوم تجدد مثل هذه الاعمال التخريبية التي تؤثر على هيبة الدولة ما ينذر بمضاعفات خطيرة. وجدد الدعوة الى العمليات الاستباقية لتفادي تكرار ما حصل من فلتان وتعد على الأملاك العامة والخاصة واحراقها.

وعلمت «اللواء» ان المجتمعين بحثوا بالتفصيل احداث الشغب والتخريب التي جرت في وسط بيروت وطرابلس والمعطيات والمعلومات المتوافرة لدى الاجهزة العسكرية والامنية حول مفتعلي هذه الاعمال والذين باتت الاجهزة الامنية تملك معلوات عنهم، واسباب تأخر تدخل القوى الامنية بقمع الشغب ما زاد من تردي الوضع بالتخريب والتعديات على الممتلكات. وتقرر اتخاذ ترتيبات امنية تمنع تكرار هذه الاعمال، وتفعيل القضاء بملاحقتهم والتشدد في معاقبتهم، خاصة ان لا علاقة لهم بالمطالب الشعبية المعيشية والاقتصادية.

وعلمت «اللواء» ان المجلس توقف عند الصور التي تمّ توزيعها بعيد الأحداث التي وقعت وتحدث بعضهم عن آلة متطورة تساهم في كشف الهويات والتدقيق بالمعلومات.

وقالت مصادر مطلعة ان المجتمعين لفتوا الى ان ما جرى يوم الجمعة كان مخططا له ليتحول الى المشهد الذي ظهر، مع العلم انه في بداية الأمر لم يدل المشهد على شيء حتى ان قوى الأمن الداخلي تأخرت في النزول متحدثة عن صعوبات تواجه الأجهزة الأمنية.

وقالت ان حركة الدراجات في تلك الحوادث كانت مؤثرة وبلغ عدد الموقوفين السوريين 15 كما ان هناك سودانيين وقد اظهرت التقارير الأمنية ذلك على انها لحظت دخول الدراجات الى الخندق الغميق اتية من بيروت وطرابلس وخروجها منه ومن ثم دخولها اليه.

وافادت ان المجتمعين اكدوا ضرورة اخذ ردود فعل انصار الذين تم توقيفهم في الحسبان وذلك في اكثر من محطة وعلمت اللواء ان سوريين كانوا في عداد الذين افتعلوا المشاكل وهم يتحركون بتوجيه من جهات محددة.

وكان كلام عن قرارات جذرية كي لا تتكرر الحوادث التي حصلت وكشفت المصادر ان الاجتماع توقف عند المواجهات الصعبة التي سجلت في طرابلس بين الجيش والمتظاهرين ونتج عنها 56 جريحا و35 موقوفا وحكي عن استنابات قضائية كانت قد صدرت لتوقيف الفاعلين ودارت اسئلة عن توقيف البعض واطلاق سراحهم.

وعلم انه تم التداول بأفكار واقتراحات لحماية الوسط التجاري وكان تركيز على ان الجهات التي كانت في الشارع يوم الجمعة هي جهات لا تعبر عن جوع وحرمان انما جهات ارادت التخريب.

وقالت المصادر ان موضوع تهديد المطار كما ذكر لم يناقش في حين انه جرى التأكيد على ضرورة متابعة الوضع والتنسيق بين الأجهزة الأمنية وان ما حصل في طرابلس كان خطيرا لجهة التعرض للجيش اللبناني

وفهم ان هناك تداببر تستهدف الدراجات النارية ولا سيما تلك التي يتم شراؤها ولا تسجل وفقا للأصول كما مصادرة الدراجات المشبوهة والتدقيق فيها.

وتوقف المجتمعون وفق المصادر عند موضوع المازوت حيث تإكد ان قسما كبيرا من هذه المادة يتم تهريبه والا كيف يفسر سحب كمية تبلغ 8 ملايين و870 ألف ليتر من هذه المادة في هذا العام مقابل مليونين و238 الف ليتر في العام الماضي وفي خلال هذه الفترة من العام.

وقالت المصادر ان هذه الحاجة ترتفع لكن ليس الى هذه النسبة ما يفسر ان هناك جهات تذهب اليها هذه الكميات ِ وافيد من مصادر اخرى ان ثمة اشكالا على ما يبدو يتصل بعمل المنشآت.

وعلمت «اللواء» ان وزير الإقتصاد والمدير العام للأمن العام كلفا بمتابعة موضوع اصحاب المولدات وحاجتهم الى المازوت.

وتطرق الأجتماع الى موضوع اعادة فتح المطار في 24 الحالي للطائرات الخاصة على ان يفتح في الأول من تموز المقبل لحركة الطيران بسعة اقل وسيطلب من المسافرين اجراء فحوصات ال pcr قبل السفر ومن لم يتمكن من القيام بها تجرى في لبنان ولفتت المصادر الى ان عودة حركة الطيران تساهم قي انعاش الحركة الأقتصادية كما يتيح انعاش موسم الأصطياف لا سيما بمساهمة اللبنانيين الذين يزورون بلدهم في الصيف.

وكانت لافتة للانتباه مداخلة الرئيس حسان دياب، حيث أعتبر «ان ما يحصل في البلد غير طبيعي. وواضح أن هناك قراراً في مكان ما، داخلي أو خارجي، أو ربما الإثنين معا للعبث بالسلم الأهلي وتهديد الاستقرار الأمني».

وقال: ما يحصل يحمل رسائل كثيرة وخطيرة، ولم يعد مقبولاً أن يبقى الفاعل مجهولا، وأن لا يكون هناك موقوفون من الممولين والمحرضين والمنفذين. هذه لعبة خطيرة جدا، ويجب وضع حد لهذا الأمر.

اضاف: الاستمرار بالوضع الحالي لم يعد مقبولاً، زعران يستبيحون الشوارع ويدمرون البلد ومؤسساته، والدولة تتفرج لماذا؟ هذه ليست احتجاجات ضد الجوع والوضع الاقتصادي. هذه عملية تخريب منظمة. من هنا، يجب ان يكون هناك قرار حاسم وحازم، بالتصدي لهذه الحالة التي تتزايد وتنتقل من منطقة إلى منطقة.

وقال رئيس الحكومة: يجب توقيف الذين يحرضون والذين يدفعون لهم والذين يديرونهم، من الداخل والخارج. وإذا لم نفعل ذلك، سوف تخسر الدولة نفسها وهيبتها، وستتفلت الأمور من أيدينا جميعا ويذهب البلد الى مكان مجهول. فلنتصرف بسرعة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024