منذ 3 سنوات | لبنان / نداء الوطن

كتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : بالمختصر المفيد، احترقت ورقة حكومة حسان دياب وانطلقت رحلة البحث عن البدائل ‏المتاحة. صحيح أنّ موضوع التعديل الحكومي طُرح منذ حوالى الشهر وسقط، لكن وأمام ‏ارتفاع منسوب الارتباك والتخبط في وعاء 8 آذار الحكومي عاد هذا الموضوع ليُطرح بقوة ‏في كواليس صُنّاع حكومة حسان دياب من منطلق أشمل وأوسع وعلى أسس ومنطلقات ‏جديدة باتت تُحتّمها المرحلة بعدما استنفدت هذه الحكومة رصيدها باكراً ووصلت بصيغتها ‏الحالية إلى حوائط مسدودة في مختلف الاتجاهات شعبياً واقتصادياً ومالياً وعربياً ودولياً ‏وباتت تشكل عبئاً على رعاتها بعدما كان تشكيلها يقوم على فكرة إنشاء "بارافان" وزاري ‏تكنوقراطي من شأنه أن يساعد السلطة على امتصاص النقمة الشعبية وفكفكة قيود ‏المقاطعة العربية والدولية للبنان. وإذا كانت مداولات الكواليس تنطلق من كون حكومة ‏دياب "هرهرت" ولم تعد ذات منفعة يُعوّل عليها، فإنّ السؤال المحوري الذي تدور حوله ‏هذه المداولات بات يقتصر على ما إذا كان المخرج من الأزمة يحتاج إلى تعديل وزاري أو ‏تبديل للحكومة برمتها؟‎.‎

ووفق معلومات "نداء الوطن" المستقاة من مصادر مطلعة على مجريات البحث الدائر ‏حول مصير الحكومة، فإنّ الكفة لا تزال تميل إلى تعزيز أرجحية الاكتفاء بإجراء تعديل ‏حكومي باعتباره حلاً متاحاً في يد قوى 8 آذار ولا يحتاج إلى مشاورات وطنية مع قوى ‏المعارضة، سيّما وأنّ هذه القوى قد لا تجد بديلاً أفضل من خيار حسان دياب في ظل ‏ظروفها الراهنة، إنما هي ستجد نفسها مضطرة في حال المضي قدماً بعملية إقصائه، إلى ‏اختيار شخصية أكثر التصاقاً بـ 8 آذار إن هي أعادت إنتاج حكومة جديدة مماثلة لحكومته من ‏لون واحد (ربطاً بكون العديد من الأسماء "الرمادية" أصبحت تحاذر أكثر فأكثر مسألة ترؤس ‏حكومة محسوبة على "حزب الله" ومحور الممانعة خصوصاً مع دخول حزمة العقوبات ‏مرحلة أقسى وأشد وطأة على المتعاونين مع هذا المحور من بوابة "قانون قيصر")، أو أنها ‏ستضطر إلى الرضوخ لشروط الثورة والمعارضة في عملية تشكيل الحكومة الجديدة إن ‏هي ذهبت باتجاه إيجاد أرضية توافقية مع مختلف القوى السياسية والوطنية على البديل ‏للحكومة الحالية. وعلى هذا الأساس، تفيد المعلومات بأنّ "مطبخ" 8 آذار يبحث جدياً في ‏عملية إجراء تعديل وزاري يبقي على رئاسة دياب للحكومة مقابل إدخال "بُعد عسكري" إليها ‏عبر استبدال بعض الوزراء بضباط من الجيش سعياً من جهة إلى استمالة الشارع ‏والانتفاضة الشعبية باعتبار المؤسسسة العسكرية غير موصومة بوصمة الفساد، ومن جهة ‏ثانية إلى استدراج المجتمع الدولي نحو عملية احتضان حكومة ذات طابع "تكنو - عسكري" ‏انطلاقاً مما يتمتع به الجيش اللبناني من حيثية ومكانة لدى واشنطن والدول الغربية قد ‏تشكلان عامل دفع لمساعدة دولية لحكومة يشكل الجيش إحدى ركائزها‎.‎

أما في السيناريوات الأخرى المطروحة على بساط البحث، فتؤكد مصادر سياسية رفيعة ‏لـ"نداء الوطن" أنّ ما بلغ مسامعها يفيد بأنّ خيار تغيير الحكومة لم يعد هو الآخر مستبعداً ‏كلياً لا سيما وأنّ أفرقاء رئيسيين في القوى الراعية لهذه الحكومة باتوا يتحدثون بمرارة عن ‏كون "خيار حسان دياب خذلهم"، فحكومته أعطيت فرصة كبيرة "ولكنه لم يُبلِ بلاءً حسناً في ‏كل الملفات وبقي يراوح مكانه من دون أن يقدّم خطوة واحدة لا في هذا الاتجاه ولا في ‏ذاك حتى غرق وأغرق حكومته وأسقطها في أعين الداخل والخارج"، مشيرةً إلى أنّ الرهان ‏على أن يشكل دياب نافذة أمل بإعادة تنشيط العلاقات العربية والغربية مع لبنان سقط "لا ‏بل إنّ هذه العلاقات ازدادت سوءاً وحتى الدول التي كانت تفضل إعطاء فرصة لحكومته ‏والتريث بالحكم عليها أصيبت هي الأخرى بالخذلان وفقدت الحماسة لمساعدة لبنان‎".‎

ومن هنا، يتردد أنّ مرجعاً معنياً يعمل على "جسّ نبض" الإمكانيات المتاحة لاستبدال ‏حكومة دياب بحكومة تكنوقراط يشارك في تزكية تركيبتها أكثر من طرف في الموالاة ‏والمعارضة من دون أي تمثيل سياسي فيها على أن تُمنح هامشاً أوسع في إدارة شؤون ‏البلد وتواصله مع المجتمعين العربي والغربي، لكن بحسب الأجواء التي رشحت حتى ‏الساعة بخصوص هذا الخيار، فإنّ العلاقة المتردية بين الرئيس سعد الحريري وبعبدا تحول ‏دون إمكانية قبوله بمد يد العون للعهد العوني وتأمين غطاء حكومي له ينتشله من قعر ‏الهاوية التي بلغها، وعليه فإنّ المرجع المعني يحاول استمزاج الآراء حول عدة أسماء من ‏الممكن أن تحدث تقاطعات مقبولة لترؤس الحكومة مع تسويقه في هذا السياق بعضاً من ‏الشخصيات ومن بينها شخصية شمالية يعتبر أنّ حظوظها التوافقية أكبر من غيرها وقد ‏تشكل "مفتاح فرج" مأمول لاستدراك تفلّت مسار الأمور من يد حكومة دياب على مستوى ‏التواصل مع صندوق النقد والمجتمعين العربي والدولي‎.‎

وفي مستجدات عملية "ترقيع" لوائح الحكومة الرقمية في مفاوضاتها مع صندوق النقد، ‏عُقد أمس اجتماع للجنة تقصي الحقائق للبحث في موضوع خطة الانقاذ المالية، وهو ‏الاجتماع الثاني الذي تعقده هذه اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة المال والموازنة، بحضور ‏وزير المال ووفد من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف ووفد من جمعية ‏المصارف برئاسة سليم صفير ونواب أعضاء في اللجنة التي يترأسها النائب ابراهيم كنعان ‏يمثلون مختلف الكتل النيابية‎.‎

وفي المعلومات المتوافرة لـ"نداء الوطن"، أنّ اجتماع الأمس الذي تقرر استئنافه في جلسة ‏ختامية أوائل الأسبوع المقبل، خلص إلى وجود إجماع نيابي ينحو باتجاه المعالجة التدريجية ‏للخسائر ورفض "الهيركات"، وسط إحراز تقدّم في موضوع مقاربة الأرقام المالية خاصة ‏بالنسبة لتقدير حجم التعثر في التسليفات من قبل لجنة الرقابة على المصارف، حيث أفادت ‏مصادر نيابية مشاركة في اللجنة أنه بلغ 12 ألف مليار ليرة عوضاً عن التقدير الوارد في ‏الخطة والمقدّر بـ 40 ألف مليار ليرة، كما دخل المجتمعون في تفاصيل المقاربات ‏المطروحة للمعالجة وسط مطالبة النواب بوضع الصندوق السيادي الوارد في خطة ‏الحكومة والمصارف تحت إدارة مستقلة تحمي الموجودات وأصول الدولة بالتوازي مع ‏تحميل المصرف المركزي والمصارف جزءاً من مسؤولية الإفراط في استدانة الدولة من ‏أموال المودعين. وفي هذا الإطار، نقلت مصادر مشاركة في الاجتماع أنّ "مصرف لبنان ‏نفى كل ما سُرّب في إحدى وسائل الإعلام عن رفض صندوق النقد أرقام المصرف ‏المركزي"، وجرى استعراض النقاط التي تم التفاهم عليها وتلك التي لا تزال قيد البحث ‏ومنها ما يتصل بالـpremium ‎على سندات الخزينة والبالغة قيمته خمسة آلاف مليار ليرة ‏والذي يصرّ مصرف لبنان على استهلاكه على طول استحقاقات هذه السندات‎.‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024