منذ 3 سنوات | صحف / نداء الوطن


‎وكأنها أصبحت "بيتاً بمنازل كثيرة"، من كيان متماسك بقبضة محورية إلى آخر متهالك ‏تتنازعه المحاور وتتخاطفه الأهواء الروسية والسورية والإيرانية لتبدأ قواها تخور سياسياً ‏وحكومياً ونيابياً وإعلامياً على الساحة اللبنانية. يكفي المتابع أن يترصد "الهريان" الحاصل ‏في القبضة الحديد الناظمة لقوى 8 آذار ويتتبع خطوط تشققاتها الآخذة بالتمدد في أكثر ‏من اتجاه وعلى أكثر من مستوى ليعلم أنّ خَطباً ما أصاب عمق العلاقة التي تربط بين ‏عناصر مكوناتها فتحولوا تباعاً أشبه بالـ"الإخوة الأعداء" يتقاتلون بين بعضهم ويتآكلون ‏بعضهم ويتربصون ببعضهم البعض، وحتى خصومهم يكادون لا يتكلفون عناء التنقيب في ‏فضائحهم طالما أنهم من أفواههم أضحوا يدانون، فهذا تراه يفضح ذاك في ملف النفط ‏وآخر يفضح غريمه في ملف الكهرباء وجهة تطعن أخرى في ملف العفو… وحبل الفضائح ‏على الجرار يومياً على المنابر ومواقع التواصل بين بني الحلف الواحد‎.‎
‎ ‎
‎"‎شو هالحكومة هيدي إذا هني من فريق واحد ومش طايقين بعض!"… عبارة اختصرت ‏حجم الهريان الضارب في بنية 8 آذار قالها صراحةً المدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد ‏عبيد بالأمس في معرض انتقاده أداء الحلفاء في الحكومة وتوالي مسلسل الحرد وتهديد ‏أطراف فيها بالانسحاب منها "من نبيه بري على خلفية الكابيتال كونترول إلى سليمان ‏فرنجية وصولاً بالأمس إلى تلويح النائب طلال أرسلان" بتعليق المشاركة في الحكومة على ‏خلفية موضوع تعيين قائد للشرطة القضائية. باختصار 8 آذار ليست بخير، فإذا كان عبيد ‏المعروف بقربه من قيادة "حزب الله" لم يتوانَ حتى عن التشديد على كون وزراء "التيار ‏الوطني الحر" الذين استأثروا بحقيبة الطاقة منذ العام 2011 هم "وزراء فاشلون إن لم نقل ‏أنهم فاسدون"، يُصبح لنكئه "ذاكرة الرابية" نكهة أخرى حين كشف أنه كان مكلفاً قناة ‏التواصل بين العماد ميشال عون والرئيس السوري بشار الأسد قبيل انتخاب عون رئيساً ‏للجمهورية، ملمحاً إلى أنّ البوح بمضامين هذه الرسائل قد يأتي وقته وأنه شخصياً لم يعد ‏على القناعة نفسها التي أدت إلى انتخاب عون، في وقت لا تزال المشادات بين مكونات ‏قوى الثامن من آذار تتمظهر في أكثر من صورة وعلى أكثر من مستوى وقد انزلقت أمس ‏إلى درك كيل السباب والشتائم بين النائب جميل السيد والإعلامي سالم زهران على خلفية ‏ملف الاتصالات… وكل ذلك ضمن إطار "صراع المحاور داخل المحور الممانع" حسبما ‏وصفته مصادر مواكبة لتصدع العلاقة بين الحلفاء في 8 آذار، مشيرةً إلى "أبعاد محض ‏داخلية وأخرى لها امتداداتها الإقليمية والدولية‎".‎
‎ ‎
وأوضحت المصادر أنّ "تحالف 8 آذار باتت تتنازعه محاور داخلية وأجنحة متعددة لم يعد ‏يجمع بينها سوى القبة الحديدية لـ"حزب الله" الناظم السياسي والعسكري والمالي ‏للمنظومة برمتها"، لافتةً الانتباه إلى أنه "ورغم الهالة الكبيرة للحزب فإنّ مسار الأمور بدأ ‏يتفلت بعض الشيء من بين يديه في أكثر من ملف، سواءً على مستوى الاستقتال الحاصل ‏بين الحلفاء على خلافة رئيس الجمهورية ميشال عون أو على صعيد لعبة شد الحبال الخفية ‏في صفوف قوى 8 آذار لتطويق رئيس المجلس وتحضير البدائل لخلافته، أو لناحية محاولة ‏بعض المتحالفين مع "حزب الله" القفز من مركبه خشية الغرق في رماله المتحركة محلياً ‏وإقليمياً"، وهنا تشير المصادر إلى عناصر متداخلة محلياً وإقليمياً ودولياً في تكوين صورة ‏التضعضع المتنامي على أرضية قوى 8 آذار ومردُّه إلى "تفرع الأجندات والولاءات ‏والأهداف بين بعض يدور في فلك "حزب الله" وإيران وآخر يدور في فلك روسيا والنظام ‏السوري"، مؤكدةً أن "جزءاً من الكباش الدائر في صفوف الحلفاء في لبنان متصل بخيوط ‏مرتبطة عضوياً بالكباش الدائر في سوريا وستتبلور صورته أكثر فأكثر عند الاستحقاقات ‏المقبلة‎".‎
‎ ‎
وفي إطار مرتبط بمحاولة تخفُّف حلفاء "حزب الله" من عبء التحالف معه أمام واشنطن، ‏بدأت عملية "تحسّس الرقاب" تهيمن على أداء بعضهم خشية أن تشمله مقصلة العقوبات ‏الأميركية، وفي هذا المجال يبرز إسم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في طليعة ‏قائمة الحلفاء الذين يعملون جاهدين على إيصال "رسائل مشفرة" إلى الأميركيين تتنصّل ‏من روابط "تفاهم مار مخايل" وتسعى إلى إعادة خطب ودّ واشنطن على حساب التحالف ‏مع الحزب بدءاً من "تهريبة عامر الفاخوري" مروراً بحديثهم عن "قوى الأمر الواقع" عند ‏الحدود وصولاً إلى المس بقدس أقداس "حزب الله" والتطرق إلى مسألة سلاحه مقروناً ‏بالتلويح بخيار الفيدرالية. وبالأمس جاء توعّد السفيرة الأميركية دوروثي شيا عبر قناة "أو تي ‏في" بسلة عقوبات جديدة مرتقبة لتؤرق حلفاء "حزب الله" والنظام السوري في لبنان، سيما ‏وأنها كشفت عن حزمة جديدة سيعلن عنها اليوم وتطال أطرافاً في لبنان متورطين بقتل ‏المدنيين في سوريا، مشيرةً إلى أنّ العقوبات الاقتصادية الآتية لن تستهدف لبنان بل "حزب ‏الله ومن يدعمه ويساعده"، وسط تشديدها في الوقت عينه على أنّ سلاح الحزب كان من ‏بين الأسباب الرئيسية التي حالت "دون اتخاذ إجراءات إصلاحية" في الدولة اللبنانية فضلاً ‏عن كونه "أضر بسمعة البلد وبمصداقيته" أمام المجتمع الدولي والمستثمرين الأجانب‎.‎
‎ ‎
توازياً، وعلى مقربة من استحقاق التجديد لمهام اليونيفل في مجلس الأمن، دعا رئيس ‏الجمهورية سفراء الدول الخمس الكبرى إلى بعبدا بعد غد الأربعاء لشرح موقف لبنان من ‏هذه القضية، كما أوضحت مصادر بعبدا لـ"نداء الوطن" من زاوية التأكيد أمام السفراء على ‏أهمية وجود هذه القوات الدولية في الجنوب والطلب من دولهم إبقاء مستوى مشاركاتها ‏المالية والعسكرية واللوجستية في إطار هذه القوات من دون انتقاص لا في العديد ولا ‏في الميزانيات ومن دون أي تعديل في المهام وفي قواعد الاشتباك‎.‎
‎ ‎
وعشية اجتماع بعبدا، كان القصر الجمهوري أمس على موعد مع مشهدية قمعية، وثّقتها ‏الشاشات والكاميرات بالصوت والصورة، لعدد من المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مداخل ‏القصر، حيث استرعى الانتباه توجه عناصر مسلحة بلباس مدني إلى المكان والتصدي ‏بميليشيوية للعناصر الأمنية الرسمية في محاولة منهم لبلوغ نقطة تجمع المتظاهرين ‏المناوئين للعهد العوني وقمعهم بقوة السلاح، بينما لم يكن تعامل العسكر والحرس ‏الجمهوري أكثر ليونة مع الثوار إنما بادروا إلى فض اعتصامهم بقوة مفرطة فضلاً عن ‏التعرض للإعلاميين المتواجدين في محيط قصر بعبدا لمنعهم من تصوير مجريات الأحداث ‏هناك‎.‎
‎ ‎
وبدا من سلسلة تحركات ميدانية في بيروت والمناطق أمس أنّ الثورة تتجدد وتتحضر ‏أرضيتها لانطلاقة جديدة قد يشكل تاريخ 6/6 محطة مفصلية فيها على وقع الدعوات ‏المتتالية للحشد في وسط بيروت والتظاهر ضد الطبقة الحاكمة، في حين شكلت ساحة ‏النجمة ليلاً نقطة صدام واشتباك بين الثوار وحرس المجلس النيابي الذي استخدم الرصاص ‏الحي لتفريق المتظاهرين إثر إقدامهم على نزع عوائق حديدية محيطة بأحد مداخل ‏المجلس‎.‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024