منذ 7 سنوات | خاص / خاص - LIBAN8

صدمة مدويّة قد توقف عقولكم عن التفكير  لبضع ثوان .. هل تصدّقون أن لبنان في زمن ما كان ينافس الدول العظمى في الوصول إلى الفضاء؟ ربّما ستعتقدون أنه صاروخ إعلامي "كذبة" لنيل الشهرة والسبق الصحفي إلّا أن هذه الواقعة حقيقة سقطت سهوا في تاريخ اللبنانيين ورغم التجاذبات السياسية والأكاديمية على توحيد كتاب التاريخ في لبنان أحدًا لا يدري أنّ حقبة من تاريخ لبنان أصبحت منسيّة ومنتزعة من تاريخه .

ربّما يبرّر البعض أنّ التاريخ مجرّد نصوص لسرد المعارك الحربية وبثّ الرعب بنفوس العالم الثالث من الدول العظمى لكنّ المؤرخون تجاهلوا عن قصد إنجازاتنا لنتناسى ثم ننسى أننا قادرين على إنشاء دولة متطورة وشعب طموح حدوده الفضاء.

فخلال الستينات من القرن الماضي، تنافست الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في مجال السيادة على الفضاء. لكن كان هناك منافس آخر عربي في هذا السباق..كان المتسابق جمعية الصواريخ اللبنانية وهو نادي علمي بجامعة هايكازيان في بيروت  "

ففي 1960 قام لبنان بتجنيد مجموعة من الخبرات اللبنانية و بمساعدة الخبرات الفنية الأرمينية بتركيب اول صاروخ في الشرق الأوسط سمي بإسم أرز Cedar تيمنا بشجرة الأرز اللبنانية و قد تم اطلاق نماذج تجريبية منه بنجاح و منها النموذج Cedar IV

يقول مانوغ مانوغيان أستاذ الفيزياء بجامعة ساوث فلوريدا الأمريكية  والذي عاد إلى لبنان للتدريس في كلية هايكازيان الجامعية الصغيرة في بيروت وهو في الخامسة والعشرين." "لبنان الصغير هذا كان قادرا على القيام بما لم يفعله باقي العالم العربي"

يتحدّث مانوغيان عن تجربة إطلاق الصواريخ باعتبار أنّه قبل 80 عاما  وجد نفسه مع مجموعة من الطلاب اللبنانيين من خلال تطوير صاروخ قادر على الوصول إلى أطراف الفضاء  بالرغم من الميزانية المحدودة :

"أثار اندهاشي قرار عدد من الطلاب الانضمام (للنادي). لم يكن لدي أموال، ولم يكن هناك دعم يذكر لشيء من هذا القبيل، لكنني اكتشفت أنه يمكنني استغلال مرتّبي المتواضع وإقناع زوجتي بأنه يمكنني شراء ما احتاجه لإجراء التجارب"

كان يجب بناء كل شيء من الصفر لهذا المشروع. فقد تم تصميم نماذج الصواريخ من الورق المقوى وبقايا مواسير، وتم اختبارها في مزرعة في الجبال المطلة على بيروت.

ويقول مانوغيان "حضر (أشخاص من) الجامعة لمشاهدة إحدى عمليات الإطلاق الأولية. وبمجرد (اتمام مرحلة) الاشتعال، سقط الصاروخ، الذي كان مثبتا على منصة بدائية للغاية، ثم ارتفع أعلى الجبل وهبط أمام كنيسة."

ثم أدخل مانوغيان وفريقه الذي يضم سبعة طلاب تعديلات على التصميمات، وأصبحوا أكثر طموحا بشأن إطلاق الصاروخ. وتم تكليف كل طالب بتطوير جانب مختلف من الصاروخ.

وبحلول أبريل/ نيسان عام 1961، أصبح بإمكان الصاروخ الوصول إلى ارتفاع ألف متر. وتمكن بعدها الصاروخ التالي من الوصول لارتفاع ألفي متر.

وانتشر الحديث عن هذه التجربة، حيث اهتم الجيش اللبناني بالأمر، وعرض على الفريق الاستعانة بخدمات جوزيف وهبة وهو ضابط شاب متخصص في الصواريخ الباليستية.

يقول مانوغيان "تم إبلاغنا أننا بحاجة لمنطقة آمنة لنطلق منها (الصواريخ). وقد وفروا لنا منطقة قديمة (لإطلاق قذائف) مدفعية، ووسائل نقل للوصول إلى هناك."

وأصبحت جمعية الصواريخ مصدر فخر وطني. ودعي مانوغيان إلى حفل استقبال أقامه الرئيس اللبناني شهاب حيث تم إبلاغه أن وزارة التعليم ستمنح المشروع تمويلا محدودا لعامي 1962 و1963. وأعيد تغيير الاسم ليصبح الجمعية اللبنانية للصواريخ وجرى تبني شعار وطني للبرنامج.

وبهذا انضم لبنان إلى سباق الفضاء، رغم أن تقدمه كان بوتيرة أبطأ.

أما أخر تجربة لإطلاق الصواريخ انتهت بشكل كارثي حيث، أطلق صاروخ عام 1966في البحر المتوسط، وكان على مسافة آمنة على ما يبدو من جزيرة قبرص، لكن مسار الصاروخ أخذه مباشرة نحو سفينة تابعة للبحرية البريطانية كانت تراقب عملية الإطلاق، وهبط على بعد أمتار قليلة منها.

وتلقى مانوغيان عندها تحذيرات من أصدقائه في السفارة الأمريكية بأن مواجهة أخرى مع إسرائيل أصبحت وشيكة. وقال مانوغيان إن هؤلاء الأصدقاء كان "يطلق عليهم ملحقين ثقافيين، لكننا كنا نعلم أنهم من المخابرات المركزية الأمريكية."

وقد توقف البرنامج الفضائي اللبناني عام 1967 مع هزيمة العرب و منهم لبنان امام إسرائيل في حرب حزيران 1967 ولم يبق منه إلا الذكريات حيث غادر غالبية الطلاب للعمل في الخارج وأصبحوا من أهم رواد الفضاء العالميين.

يقول مانوغيان الذي غادر لبنان قبل وقوع حرب 1967 "هل كنت سأود الوصول إلى القمر؟ كي أكون واقعيا، ما كان بوسعي بذل المزيد، حيث أن لبنان لم يكن لديه الموارد المالية. لكن كان بوسعهم السعي وراء العلم واستكشاف الفضاء. كان بوسعهم إرسال أقمار صناعية للفضاء."

نعم.. هذا هو تاريخنا.. ونفتخر! رغم أنّه منسيّ ولا ندري لمصلحة من تمّ التعتيم عليه لدرجة اننا قد نصدم ونعتبره كذبة. 

واليوم، بعد نزع الستار عن هذه الحقيقة الصادمة التي قد يشكك فيها الكثيرين نسأل أين هي القاعدة الصاروخية؟ ولماذا اختفت؟ ولمصلحة من غيبها التاريخ؟ والأغرب بالأمر أن أجدادنا أنفسهم لم يتناقلوا الخبر حتى يومنا، ولولا الصدفة لما سطع هذا الموضوع في سماء لبنان.

 نعم ليست بروباغاندا إعلامية، لا بل هي حقيقة تثبت أننا كنا في طور الحداثة وعدنا القهقرة الى الجاهلية نتنازع على السلطة، يلهينا الشغور، ويقلقنا الوضع الأمني، وتميتنا الحسرة.









أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024