منذ 7 سنوات | لبنان / السفير

يكفي سماع خطاب الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وردّ رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، عليه، للاستنتاج بأن كل ما يتم تداوله في الشأن الرئاسي، عبارة عن محاولة لملء الوقت الضائع بجرعات وهمية من التفاؤل سرعان ما تتبدد، عندما يكتشف اللبنانيون حجم الاشتباك الإقليمي الذي يدور من حولهم.
واذا كان «حزب الله» قد حدّد لنفسه خيارات اقليمية ومحلية واضحة، بمعزل عن صحتها أو عدم صحتها من منظور فريق لبناني معين، فإن «تيار المستقبل» بات أسير ارتباك وضياع، تعبّر عنه المواقف المتضاربة من داخله من جهة وعدم قدرة رئيسه على ايجاد مبررات مقنعة لفريقه تبرر تمسكه بترشــيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية من جهة ثانية.
وبينما كانت مواقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الأخيرة، كفيلة بإشاعة مناخ يشي بقرب التوصل الى تسوية للمعضلة الرئاسية، فإن زوار «بيت الوسط» نقلوا عن الحريري، أمس، أنه برغم انزعاجه من حالة الجمود واستمرار الفراغ وارتداداتها السلبية على البلد، فإنه ماض بدعم ترشيح فرنجية.
هذا المناخ، تناغم مع معطيات موازية، كان أهمها ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه فرنجية، أمس، بحضور وزير المال علي حسن خليل، بأنه ليس في جو وجود وقائع رئاسية نوعية جديدة ولا علم له به.
وعلم أن فرنجية قال أيضا لرئيس المجلس إن الإيجابيات الرئاسية التي يحكى عنها «مفتعلة أو على الاقل مضخّمة»، وعبّر عن امتعاضه من «التسريبات المغلوطة والمناخات التضليلية التي أوحت بأنه يقترب من الانسحاب من المعركة الرئاسية».
وخرج فرنجية من عند بري ليؤكد انه لن ينسحب من السباق الرئاسي، مشددا على «ان المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري ما زالت قائمة».
وفي موقف هدفه توضيح ما نقل عن لسانه أمام وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت، قبل أسبوعين، قال فرنجية «نحن قلنا انه اذا حصل اتفاق وطني، وخصوصا اذا قال الذين ايدوني ان اجماعا قد حصل على شخص آخر، أكان الجنرال (ميشال) عون ام غيره، فإننا لن نقف امام الاجماع الوطني، ولكن اذا كان هناك نائب واحد من خارج كتلتي يؤيدني، فسأقف على خاطره، ولننزل الى المجلس النيابي وليجر التصويت».
وكان الوزير الفرنسي قد سأل فرنجية خلال اجتماعه به في قصر الصنوبر: «ما هو موقفك اذا حصل اجماع لبناني على انتخاب العماد عون»؟
وكان جواب فرنجية «عندها لن أعطّل وحدي الاستحقاق الرئاسي، بل سأنسحب لمصلحة أي مرشح يحصل على الاجماع الوطني».
وردا على سؤال، قال رئيس «تيار المردة» إن الحريري «ليس من الذين يغيّرون رأيهم من دون استشارة من تفاهم معهم».
وتابع فرنجية: لن يطلب حلفائي مني أن انسحب، وما يقال إن السيد نصر الله سيستدعيني ويطلب مني أن أنسحب غير صحيح.. الرئيس بشار الاسد الذي يعتبرون أنه يمون عليّ لن يطلب مني ذلك أيضا. لم أبلغ دولا أو خصومي أنني سأنسحب، انا باق في المعركة الى آخر دقيقة ما دام هناك من يؤيدني».
هذا الكلام تقاطع مع ما قاله بري لزواره بعد ان بحث مع فرنجية «الاستعدادات لخلوة الحوار في مطلع آب وواقع الملف الرئاسي وما أحاط به في الآونة الأخيرة من تسريبات وأجواء».
بري يستعد لخلوة الحوار
وأشار بري، حسب زواره، الى انه كان مسافرا (في ايطاليا) «ولست في جو وجود وقائع نوعية جديدة في الشأن الرئاسي، ولا علم لي بها»، وأكد أنه يجري بعد عودته من الخارج اتصالات سياسية من اجل تأمين أفضل الظروف الممكنة للخلوة الحوارية التي يجب الاستفادة منها والبناء عليها لمعالجة الأزمة الداخلية.
وعلم أن بري الذي وجد بعد عودته لائحة طويلة من المواعيد، كان حريصا على أن يعطي الأولوية للقاء سليمان فرنجية.
نصر الله: السعودي يطبّع بالمجان
في هذه الأثناء، أطلق السيد نصر الله، أمس، دعوة لافتة للانتباه، في مهرجان تكريم القيادي المقاوم الراحل إسماعيل أحمد زهري (أبو خليل)، في بلدة النبطية الفوقا، تمثلت بالطلب من العلماء والفقهاء والمثقفين والنخب والقوى والشخصيات السياسية إدانة التطبيع المجاني بين السعودية والكيان الإسرائيلي، وقال: «هذا الموضوع ليس من مواضيع المجاملات، ممكن مع الأنظمة والحكومات والمؤسسات الدولية، واحد يُجامل هنا ويصمت هنا و»يطنّش» هنا ويجد أنه ليس من مسؤوليته أو ليس من واجبه أن يعلن موقفاً هنا أو هناك، ولكن في ما يتعلق بفلسطين وشعبها ومقدساتها وإسرائيل والقبول بها والاعتراف بها وإقامة العلاقة معها والتطبيع معها مِن أي كان، هذا ليس موضع مجاملة».
ووفق بعض المراقبين، فإن هذه الدعوة لا تستثني كل المرشحين لرئاسة الجمهورية بأنه صار مطلوبا منهم ان يحددوا موقفهم من التطبيع السعودي، خصوصا ان بعض المرشحين تعرضوا للمساءلة في موضوع علاقتهم سواء بـ «حزب الله» أو ايران أو النظام السوري، والبعض الآخر ينتظر «على أحرّ من الجمر» دعوة رسمية تأتيه من السعودية لتلبيتها بأسرع مما ينتظر الدعاة أنفسهم.
وقد واصل السيد نصر الله، أمس، هجومه على السعودية، واعتبر أن أهمية ما جرى في حلب أخيراً «يرتبط باسقاط المشاريع الاقليمية والاحلام الامبراطورية»، وتوجّه الى السعودية قائلاً «مشروعكم لا مستقبل له وأمامكم فرصة للتفاوض في اليمن والبحرين وسوريا والاّ فسوف تهزمون».
وأكد أنه مع المشهد العربي الهزيل (القمة العربية الأخيرة) «يزداد تمسكنا بالمقاومة وكذلك الأمر في فلسطين».
واعتبر أن أكبر تطور سيئ في الحالة العربية حالياً هو انتقال العلاقة بين السعودية واسرائيل من السر للعلن، مشيراً الى أن زيارة لواء متقاعد من المخابرات السعودية لاسرائيل ليست بداية علاقة وتنسيق، فهذا موجود، بل هو انتقال العلاقة من السر الى العلن.
واذ لفت النظر الى أن السعودية تطبّع مع اسرائيل بالمجّان، قال ان «تواصل الأمير تركي الفيصل مع اسرائيل ليس مخالفاً لسياسة السعودية بل هو بداية لانتقال التواصل مع العدو الى العلن»، وأضاف ان «السعودية تتصل وتطبّع وبعدها تعترف وتنسّق مع إسرائيل والفتاوى تجهّز لذلك»، ونبّه الى أن «أخطر ما في التطبيع السعودي هو التضليل الثقافي والفكري الذي سيرافق هذا المسار، وأكد «اننا سنكون أمام كارثة فقهية وثقافية لأن المطلوب القبول شرعاً والاعتراف» بـ «اسرائيل».
وفيما أشار نصر الله الى أن السعودية مصرّة على مواصلة الحروب في كل الساحات ورفض الحوار في البحرين واليمن وسوريا وهي تبادر فقط باتجاه الاسرائيليين وبلا أثمان، أشار الى أن «هناك اجراماً يحصل بحق أهل اليمن وهناك مجزرة ارتكبها الدواعش بغطاء سعودي في الصراري لأن هذه هي ثقافة السعودية والوهابية».
واذ لفت النظر الى أن «وزير الخارجية السعودي نصّب نفسه ولياً وحاكماً على الشعب السوري»، قال «العرض الذي قدمه (عادل) الجبير لروسيا مهزلة ومثير للضحك»، وشدد على ان السعودية ليست «في موقع من يوزع الحصص، ومن يعقد الصفقات، ومن يقيم المساومات، ومن يفرض الشروط». وبرغم ذلك، اعلن نصرالله ان «حكام السعودية، أمام فرصة ليعودوا، ويتداركوا كل الموقف في المنطقة».
وفي الشأن البحريني، قال نصرالله «المعتصمون في البحرين منعوا السلطة حتى الان من اعتقال الشيخ عيسى قاسم»، وأضاف «نحن نعلن تضامننا ووقوفنا مع الشيخ قاسم».
وحول الوضع اللبناني، طالب الحكومة بالمبادرة واتخاذ موقف مما يجري الان في بلدة الغجر وهي تحت سيادة لبنان، لافتا النظر الى ما يقوم به الاسرائيلي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر، مؤكدا انها «أرض لبنانية باعتراف الامم المتحدة».
نصرالله: لا لفرض ضرائب جديدة
كما دعا الحكومة الى التصرف بمسؤولية وطنية في ملف تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون، وأكد أن هذا الملف يخص كل اللبنانيين من دون استثناء، وأضاف «اذا كان المطلوب اغلاق المرامل والمعامل، فيجب أن تغلق للحفاظ على مياه الليطاني»، ودعا «الحكومة والسلطات المعنية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة وأي تهاون فيها هو شراكة في القتل»، ولفت النظر الى أن هناك «ملفاً آخر ضاغطاً بقوة وهو ملف المياه فهناك بعض المدن تعاني من العطش وهذه مسؤولية الحكومة».
وحذر نصرالله من تمييع ملف الانترنت ‏غير الشرعي ومحاولة تزييفه، كما حذر من محاولة بعض الجهات في الحكومة رفع الضريبة على القيمة المضافة أو فرض ضرائب ورسوم جديدة على الفقراء، معتبرا أن الأولوية لفتح ملفات الفساد، وقال: «نحن لا يمكن أن نوافق على زيادة قرش واحد على ‏الضريبة، مهما كانت المبررات والاعذار والأسباب، واعتبر أنه إذا تم التعامل رسميا بجدية مع بعض الملفات «تستطيع الحكومة ان تسترد مليار دولار للخزينة اللبنانية».
الحريري: ابداع في التزوير السياسي
في المقابل، سارع الرئيس سعد الحريري، الى الرد على نصرالله، عبر «تويتر»، لكن من دون ان يسميه، ليؤكد أن السعودية «تاج مرصّع بالخير والمكرمات»، معتبرا أن «مواصلة التحامل على المملكة من بعض المواقع، علامة سوداء في تاريخ وحاضر الباحثين عن اي وسيلة لتعميم ثقافة الفتنة والحروب في العالم العربي».
أضاف: «من تتلطخ يداه بدماء العرب في سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت ولبنان لا يحق له ان يعتلي منابر الاساءة للسعودية وقيادتها وشعبها. ومن يسمح لحزبه ومسلحيه ان يكونوا اداة إيرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية، لن يحصل على براءة ذمة مهما أبدع في التزوير السياسي».




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024