منذ 4 سنوات | العالم / مونت كارلو


التعبئة العامة مستمرة في فرنسا لليوم الرابع على التوالي. وفيروس كورونا يستحوذ على كلّ الاهتمامات داخلياً وخارجياً ويؤثّر على شرائح المجتمع الفرنسي من نواحٍ عدّة: سياسية وصحية وإنسانية واجتماعية.

"أزمة وباء كورونا ما زالت في بدايتها لكنّ فرنسا صامدة" هذا ما أعلنه الرئيس الفرنسي هذا الصباح أثناء توجّهه إلى وزارة الداخلية الفرنسية للبحث في مستجدّات الأزمة الصحية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التقى بوزرائِه هذا الصباح في وحدة الأزمات المشتركة بين الوزارات قبل أن يترأس اجتماعاً جديداً لمجلس الدفاع بهدف مناقشة بنديْن أساسيْين. البند الأوّل يتمحور حول احتمالية تمديد تدابير العزل الصحي في فرنسا بعد أن تزايد عدد الوفيات ووصل إلى مئة وثماني حالة وفاة في الأربعٍ والعشرين ساعة الماضية. أما البند الثاني فيتعلّق بالبحث في احتمالية تشديد التدابير الوقائية وتوسيع نطاقها لتشمل مجالات أخرى. وقد دعا ماكرون الوزراء الى مضاعفة الجهود في هذه المرحلة قائلاً "لقد أخذنا إجراءات استثنائية لاحتواء الموجة الأولى من أزمةِ الفيروس. أزمة تستدعي تعبئة عامة لكلّ المرافق الحيوية في الأمة الفرنسية".


الرئيس الفرنسي يكثّف الجهود على المستوى الأوروبي للضغط على منطقة اليورو. والمساعي الفرنسية على أشدّها هذه المنطقة على اتخاذ تدابير مالية تضامنية مع برنامج المصرف المركزي الأوروبي من أجل الحدّ من انتشار الوباء.

وزيرُ الاقتصاد والمالية برونو لومير (Bruno Le Maire) أعلن أمس، الخميس 19 مارس/آذار 2020، أمام الجمعية الوطنية الفرنسية أنّ فيروس كورونا يهدّد منطقة اليورو معتبراً أنّ على هذه الأخيرة إما أن تواجه الأزمة الاقتصادية الراهنة مُتحدّةً وتخرج منها منتصرة أو أن تواجهها مقسّمةْ وتعرّض نفسها لخطر التفكّك والزوال.

في هذه الأثناء، تتصاعد أصوات تنتقد طريقةَ الحكومة في تطبيق التدابير الوقائية عملياً على الأرض. منها صوت لوران برجيه (Laurent Berger) الأمين العام لنقابة الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل الذي انتقد بشكل خاص التدابير المتعلّقة بالموظفين وبشروط عملهم. وأشار، في حديث صباحي له الجمعة 20 مارس/آذار لإذاعة أوروب 1 (Europe 1) الفرنسية، إلى أنّ تعليمات الحكومة متناقضة وبالتالي فإنّ عليها أن تعتمد خطاباً أكثر وضوحاً بشأن المهن الأساسية التي عليها الاستمرار في نشاطها. الحكومة، برأيه، تواجه صعوبة في ترتيب الأولويات لأنّ السلسلة الاقتصادية مرتبطة ببعضها البعض ولا يمكن توقيف نشاط من دون التأثير على نشاط اقتصادي آخر. ودعا الحكومة إلى تجهيز الشركات بالمواد الطبية الوقائية اللازمة وفق أولوية المهن المعرّضة لخطر الإصابة بالفيروس. وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير، من جهته، دعا الشركات إلى دفع مكافأة، قدرها ألف يورو معفية من الضرائب لكلّ موظف يتابع عمله في ظلّ الظروف الراهنة.


وباء كورونا يؤثّر بشدّة في الحياة الاجتماعية وسلبياته تطال بشكل خاص شريحة المسنين في فرنسا. المتقدّمون في السن يتأثّرون أكثر من غيرهم بالتدابير الوقائية ويعيشون مأساة إنسانية.

هذا ما استنتجه طبيب فرنسي يعمل في مدينة رين (Rennes) الفرنسية. وخصَّ بالذكر المسنين الذين يعيشون بمفردهم ويحتاجون إلى المساعدة للتنّقل ولا يتابعون وسائل الإعلام ويتساءلون لماذا أولادهم لا يأتون لزيارتهم ولا يشترون لهم الطعام. وهدّد الطبيب من خطر وفاة هؤلاء ليس من الفيروس وإنّما من العزلة والخوف وسوء التغذية.

شريحةُ الأشخاص الذين يعيشون في الشارع تعاني بدورها من تداعيات التدابير الوقائية. وقد بدأت الحكومة في مصادرة غرف الفنادق لعزل المشّردين وفق ما صرّح به وزير الإسكان جوليان دونورماندي (Julien Denormandie). الغريب في الأمر أنّ عناصر الشرطة تُحَرِر غرامات بحقّهم بحجة أنّهم لا يحترمون العزل الصحي.


الأرياف الفرنسية تتخوّف من حركة النزوح الكثيفة القادمة من المدن الكبرى. معظم سكان المدن، بمن فيهم سكان باريس، يهربون من التدابير الوقائية إلى بلدات وقرى، الحركة فيها أقلّ من غيرها.

يتصرّف سكان المدن في الأرياف الفرنسية وكأنّهم في إجازة خصوصاً في البلدات الواقعة على شواطئ فرنسا. يمارسون الرياضات البحرية ويتنزّهون على درّاجاتهم الهوائية ضاربين باحتياطات السلامة عرض الحائط. سكان هذه البلدات يتخوّفون من انتشار الوباء في مناطقهم بسبب هذا النزوح غير المرغوب فيه.

من أخبار فرنسا المتفرّقة، حاملة المروحيات البرمائية التابعة للبحرية الفرنسية تتوجّه إلى جزيرة كورسيكا في نهاية هذا الأسبوع، السبت والأحد الواقعين في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من مارس/آذار 2020، لنقل المصابين بفيروس كورونا إلى مستشفيات مدن الجنوب الفرنسي. الهدف من هذا الإجراء، الذي أمر به الرئيس الفرنسي، تخفيف الضغط عن قسم العناية الفائقة في مدينة أجاكسيو التي تُعتبر واحدة من أهم مدن الجزيرة. من بين مدن الجنوب الفرنسي، نيس (Nice) هذه المدينة المتوسطية التي تُطلق في سمائها طائرة من دون طيار، تحلّق تحديداً فوق شواطئ المدينة وهي مجهّزة بمكبّر للصوت طالبةً من المتنزّهين العودة إلى منازلهم.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024