منذ 4 سنوات | لبنان اقتصاد / أ ف ب

خوفاً من إنهيار القطاع المصرفي وأمام إجراءات متشددة تمنعهم من سحب ودائعهم، يلجأ لبنانيون إلى خيارات بديلة لإنقاذ أموالهم العالقة في البنوك، باستثمارها في العقارات، والذهب، وشراء اللوحات الفنية، وحتى السيارات الفخمة.

ويشهد لبنان انهياراً إقتصادياً متسارعاً وسط شح في السيولة، ومخاوف من عجزه قريباً من سداد جزء من الدين العام المتراكم، مع تراجع الثقة في قطاعه المصرفي، الذي كان يُعد يوماً العمود الفقري للاقتصاد المحلي، ودعامة للنظام المالي، الذي يقترب من الإفلاس.

وتحولت فروع المصارف منذ أسابيع إلى مسرح للصراخ والإشكالات وصلت الى حد العنف بين زبائن يطالبون بأموالهم، وموظفين يطبقون إجراءات متشددة، تحد من سحب الدولار والليرة اللبنانية.

ويحاول لبنانيون كُثر إنقاذ ما يمكن من ودائعهم، بسحبها على شكل شيكات مصرفية يشترون بها ممتلكات غير منقولة مثل المنازل، التي تنتشر إعلانات ترويجية لها في شوارع بيروت، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقبل بعض أصحاب العقارات الشيكات المصرفية وسيلةً للدفع، فيما يرفضها الذين يحتاجون إلى سيولة.

تنويع الاستثمارات

ويقول الوكيل العقاري كارل كنعان لوكالة فرانس برس: "ارتفعت مبيعاتنا ثلاثة أضعاف منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الطلب علينا كبير جداً"، مضيفاً "يريد الناس تنويع استثماراتهم لتفادي المخاطر التي تهدد القطاع المصرفي والعملة الوطنية".

وتزامنت الإجراءات المصرفية، مع تراجع كبير لقيمة الليرة اللبنانية في السوق الموازية مقابل الدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن.

ولا يزال سعر صرف الرسمي ثابتاً عند 1507 مقابل الدولار، ويتخطى في السوق الموازية عتبة 2000 ليرة لبنانية.

لا يقتصر الأمر على شراء عقارات داخل لبنان، بل تنشر العديد من الشركات إعلانات تدعو اللبنانيين للاستثمار في اليونان، أو قبرص، على أن يكون الدفع في لبنان، بعد منع التحويلات إلى الخارج بقرار مصرفي.

ويشرح خبير في سوق العقارات، فضل حجب هويته "يُفضل البعض شراء شقة أو حتى أرض في الخارج خوفاً من انهيار الأسعار في لبنان".

ومنذ بداية الإجراءات المصرفية في سبتمبر(أيلول) الماضي، تهافت اللبنانيون لإنقاذ ودائعهم وبات كثيرون يحفظون أموالهم في منازلهم، بالتوازي مع اتهام المصارف بتحويل مبالغ مالية ضخمة لمسؤولين ونافذين إلى الخارج.

وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الخميس الماضي، التحقيق في تحويل مليار دولار إلى الخارج في نهاية  2019، رغم القيود المشدّدة للمصارف على حركة الأموال. 

وتراجعت الودائع المصرفية في الأشهر الـ 11 الأخيرة من 2019 بنحو 12 مليار دولار، بينها 4.8 مليار في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، وحده، وفق إحصاءات رسمية.

وفي محاولة لصرف مبالغ لا تزال محاصرة في الحسابات المصرفية، يستخدم لبنانيون ما يُسمح لهم من بطاقات ائتمانهم لشراء الذهب.

ومن شأن ذلك أن يتيح لهم الحفاظ على قيمة أموالهم وأن يعود عليهم بأرباح لاحقاً، إذا واصل سعر الذهب الارتفاع بعد تراجعه 20% في 2019.

ويقول أحد أصحاب محال المجوهرات، مفضلاً كتم هويته: "يشتري الزبائن أكثر وأكثر ليرات الذهب، فضلاً عن السلاسل، والأساور وغيرها، فقط لقيمتها المادية".

ويعمد آخرون، خاصةً أصحاب الثروات، إلى استثمار أموالهم في سلع كمالية فخمة مثل السيارات.

وتجد سيارات البنتلي، واللامبورغيني الشهيرة، والتي تتخطى أسعارها 400 ألف دولار، سوقاً في لبنان، في وقت تتدهور فيه سوق السيارات بشكل عام، وفق وكيل بيع سيارات.

ويقول: "بالطبع، السيارات تفقد قيمتها مع مرور الوقت، لكن الأمر ببساطة وبالنسبة لكثيرين هو تفادي خسارة كل أموالهم".

ولا يستثني أصحاب الثروات الأعمال الفنية القيمة.

ويقول صاحب معرض لبيع اللوحات الفنية في بيروت: "زارني أخيراً أشخاص لم أرهم من قبل" وبعضهم غير مهتم بالأعمال الفنية، لكنهم يريدون إنقاذ أموالهم من المصارف "فيشترون اللوحات الأغلى ثمناً".

ومنذ سبتمبر(أيلول) الماضي،حدّدت المصارف سقفاً للسحوبات المالية بالدولار بالكاد يلامس في قلة منها الألف دولار.

ويقصد لبنانيون كثر المصارف بشكل شبه يومي للحصول على 100 دولار فقط.

وخشية من سرقة أموالهم، يقبل كثيرون على شراء خزائن ووضعها في منازلهم، ويصل سعر بعضها إلى 20 ألف دولار.

ومنذ سبتمبر(أيلول) الماضي، وفق أرقام رسمية مصرفية، خزّن اللبنانيون 3 مليارات دولار في منازلهم.

ويقول خليل شهاب، صاحب محل لبيع الخزائن في بيروت: "ارتفعت مبيعاتنا 50% في تلك الفترة"، مضيفاً "قبل الأزمة، كانت المصارف أبرز زبائننا، أما اليوم فبات مودعوهم من يأتون إلينا".

وقال: "الناس لم تعد تبحث عن الربح، كل ما تريده هو إنقاذ أموالها مهما كلف الأمر".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024