منذ 7 سنوات | لبنان / الديار








لا يجوز أن تُشكّل «الفيتوات» حاجزاً أمام الإسراع في تأليف حكومة العهد الأولى، في ظلّ انتظار الشعب اللبناني إنطلاقة عهد الرئيس العماد ميشال عون. فالمطالب كثيرة، والإتكال على الرئيس الجديد كبير الى درجة لا يُمكن معها التراخي قبل الإنطلاقة. هذا الكلام أكّدته أوساط سياسية مراقبة لما يحصل على صعيد المشاورات التي يقوم بها الرئيس المكلّف سعد الحريري لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، على ما يُفترض.


فتوسيع عدد الحقائب الوزارية كان الهدف الأول منه إرضاء جميع الأطراف السياسية لكي لا يبقى أي منها خارجاً، وبالتالي تسريع عملية التشكيل من أجل انطلاقة سريعة للعهد. غير أنّ بعض المعرقلين يريدون منذ البداية إظهار الشرخ السياسي الحاصل حالياً، والذي إذا ما استمرّ سوف يعيق عمل الحكومة ومقرّراتها، كما من شأنه أن يضع العراقيل أمام عهد الرئيس عون الذي يضع الكثيرون الآمال الكبيرة عليه.


ومن هذا المنطلق، فإنّ الرئيس الحريري الذي لا يضغط على أي طرف حتى الآن لكي يتنازل من أجل طرف آخر، لن يبقى صامتاً، على ما ذكرت، بل سوف يتحرّك في الأسبوع المقبل من أجل إيجاد بعض التفاهمات بين قادة الشيعة وحزب «القوّات اللبنانية»، بدلاً من «الفيتوات» الموضوعة من هنا وهناك لإعاقة التشكيل. والحريري الذي أخذ على عاتقه مبادرة انتخاب الرئيس لا يُمكنه أن يفشل اليوم بسبب عدم موافقة «حزب الله» أو رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي على إسداء وزارة سيادية للقوّات أو غير ذلك.


وأوضحت بأنّ «القوّات اللبنانية» هي أكثر من تنازل عن حقوقه، وأوّلها مرشحه للرئاسة رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع من أجل تسهيل الإستحقاق الرئاسي أولاً، وانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية ثانياً وليس أي مرشّح آخر. ولهذا فهي تستحقّ أن تُكافأ بوزارة سيادية أو مهمة. كما أنّ الوقت لا يبدو مناسباً لوضع «الفيتوات» في هذه المرحلة بالذات، وإلاّ فُهم منها أنّها ذريعة لعرقلة تشكيل الحكومة.


أمّا أن يقوم الحريري بتشكيل الحكومة من دون أحد الأطراف المتنازعة على الحقائب السيادية، فلن يفعل، على ما أكّدت الأوساط نفسها، بل سيسعى للتخفيف من حدّة الإحتقان القائم اليوم فيما بينها. وسيأخذ بالإعتبار وجهة نظر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يبدو موافقاً على أن يكون للقوّات ما تتمنّاه. وهذا الأمر لا يجب أن يخشى منه أحد لأنّه لن يضيف من حصّة المسيحيين، أو يقلّل من حصّة المسلمين، أو الشيعة بالتحديد، ولن يُصبح عُرفاً بالتالي يُخشى من الإلتزام به في الحكومات اللاحقة.


وفي الوقت نفسه، يجب على جميع المسؤولين معرفة أنّ التأخير في تشكيل الحكومة، من شأنه تأجيل كلّ الملفات الملحّة وعلى رأسها مشكلة النفايات التي لم تجد بعد طريقها الى الحلّ أو الى الترحيل، فيما يؤثّر انتشارها على الطرقات وفي الأماكن غير المخصّصة لها أو لطمرها سلباً على صحّة المواطنين. كما أزمة النازحين السوريين التي تتفاقم شيئاً فشيئاً من دون أن تقوم المنظمات الدولية بأي خطة أو خطوة مساعِدة للبنان في هذا الإطار.


كذلك فإذا جاء الوزراء الجدد هم أنفسهم وزراء حكومة تصريف الأعمال الحالية، على ما تساءلت الأوساط نفسها، فهل سيتمكّن الرئيس العماد عون من تطبيق العنوان الرئيسي لعهده : محاربة الفساد؟ ومن سيُحاسب من، وكيف ستتوقّف الصفقات المتعلّقة بكلّ ملف، بدءاً من النفايات وصولاً الى استخراج النفط والغاز من المنطقة البحرية، إذا ما كان كلّ طرف في الحكومة يريد حصّته المالية من كلّ ملف؟


وتقول بأنّه لا يُمكن منذ الآن إطلاق الأحكام المسبقة قبل أن تتشكّل الحكومة الجديدة وتبدأ بممارسة عملها، غير أنّ ما تفرضه الأطراف السياسية من شروط مسبقة للمشاركة في الحكومة لا يُبشّر بالخير، بل هو ما يعيق تأليفها وانطلاقتها سريعاً، على ما يريد الرئيس العماد عون، ويوافقه على ذلك الرئيس المكلّف الحريري. ولهذا يجب أن يسعى كلّ من جهته بتأمين الحدّ المقبول للتوافق بين كلّ الأطراف التي ستتشكّل منها الحكومة الجديدة، وبدون أي تأخير.


ولهذا تتوقّع أن يشهد الأسبوع المقبل الجوجلة الأخيرة لأسماء وزراء حكومة العهد الأولى، بين الرئيس عون والرئيس المكلّف الحريري. على أنّ الأيام التي تسبق ذكرى الإستقلال لا تزال كافية، بحسب رأيها، للعمل الجدّي من أجل ولادة الحكومة في غضون عشرة أيّام، لا سيما إذا ما نجحت المشاورات في جعل بعض الأطراف السياسية تقدّم بعض التنازلات، أو ترفع «الفيتو» الذي تضعه أمام حزب «القوّات اللبنانية»، وتُعلي المصلحة العليا للبلاد على أي مصالح شخصية أو سياسية أو حتى طائفية.


أمّا في حال بقي العناد السياسي سيّد الموقف، ولم تتشكّل الحكومة قبل الإستقلال، فإنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال تمّام سلام سيجلس في الصفّ الأمامي الى جانب كلّ من الرئيس عون وبرّي في مناسبة الذكرى الـ 73 للإستقلال في 22 تشرين الثاني الجاري، فضلاً عن جلوس الرئيس المكلّف الحريري الى جانبهم أيضاً.

 وسيبدو الرئيس عون والحريري محرجين، لا سيما وأنّ أول وعد للشعب اللبناني بتشكيل الحكومة في أقلّ من 20 يوماً بعد التكليف لم يتمكّنا من تحقيقه، فكيف سيتمكّنا بمفردهما لاحقاً القيام بإنجازات مهمّة تُسجّل للعهد والحكومة الأولى فيه، إذا ما استمرّ المعرقلون في مسيرتهم؟!


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024