منذ 7 سنوات | لبنان / الحياة



سألت مصادر نيابية لبنانية بارزة عن أسباب نأي «حزب الله» بنفسه عن المشاركة في المفاوضات لتشكيل الحكومة الجديدة وتفويضه رئيس المجلس النيابي نبيه بري التفاوض عنه في كل شاردة وواردة. وقالت ان تفويضه على بياض لحليفه الشيعي في هذا الخصوص لم يكن عن عبث وإنما ليقينه بضرورة الوقوف على الحياد حيال حليفه الآخر «التيار الوطني الحر».

واعتبرت المصادر النيابية نفسها أن تفويض «حزب الله» المطلق للرئيس بري أتى بناء لمعلومات توافرت لديه حول مضمون التفاهمات التي توصل اليها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل مع حزب «القوات اللبنانية» في أعقاب مبادرة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري إلى تبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ما أدى الى فتح الباب على مصراعيه لوصوله الى سدة الرئاسة الأولى...

ولفتت الى ان باسيل توصل أيضاً الى تفاهم مع «المستقبل» على العناوين السياسية الرئيسة، وإلى ان تفاهمه هذا استبق تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، وقالت ان «حزب الله» ارتأى النأي بنفسه عن المفاوضات انطلاقاً من اعتقاده بأن في كل من التفاهمين بنوداً تتعارض مع بنود التفاهم الآخر. وبالتالي يفضل الوقوف على الحياد لئلا يحشره حليفه «التيار الوطني».

وأكدت المصادر عينها ان «حزب الله» تصرف مع انتخابه عون رئيساً للجمهورية على أنه وفى بالتزامه الذي كان قطعه على نفسه بمقاطعة جلسات الانتخاب ما لم يضمن وصوله الى الرئاسة.

وبكلام آخر، فإن «حزب الله» يعتبر أنه بانتخابه عون. سدد له ديناً سياسياً وبالتالي استحصل منه على براءة ذمة تعفيه من الدفاع عنه أمام حليفه الرئيس بري، اعتقاداً منه بأن تفاهم «التيار الوطني» مع «القوات» يمكن ان يستهدفه، وهذا ما برز جلياً من خلال وضع «فيتو» على اسناد حقيبة المال الى حركة «أمل» بذريعة انه لا بد من تطبيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب السيادية بناء لاتفاق مسبق تم التوصل اليه في هذا الشأن. ناهيك بأن «حزب الله» بدأ يتوجس من تفاهم «التيار الوطني» و «القوات» على توزيع الحقائب الوزارية على قاعدة المساواة بينهما في توزيعها، وربما يشارك بري في توجسه في ضوء عتب الأخير على «المستقبل» لعقده تفاهماً ثنائياً مع باسيل لم يكن على علم به.

 

اصطفافات

كما ان «حزب الله» لا يبدي ارتياحاً - وفق ما تقوله المصادر النيابية - حيال امكان قيام حلف ثنائي بين «التيار الوطني» و«القوات»، فيما الأخير يحرّض عليه ويسعى إلى ضرب علاقته برئيس الجمهورية، وهذا ما دفع برئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الى توثيق علاقته بالرئيس المكلف تحسباً لما سيشهده البلد من اعادة لخلط الأوراق السياسية في ضوء تراجع الاصطفافات السياسية السابقة التي كانت قائمة قبل انتخاب عون رئيساً كمؤشر الى قيام اصطفافات من نوع آخر مع ارتفاع منسوب التوقعات بأن «قوى 14 آذار» و «8 آذار» قد تصبح من الماضي.

وفي هذا السياق قالت المصادر هذه ان «القوات» بدأ يتصرف منذ اللحظة الأولى لانتخاب عون وكأنه العراب الأول للعهد الجديد ويسعى الى توظيف حاجته اليه في تصفيه حساباته مع منافسيه في الشارع المسيحي وتحديداً «تيار المردة» وحزب «الكتائب» بذريعة انهما رفضا ان يكونا في مركب واحد مع الآخرين في تأييدهم لانتخابه. اضافة الى انه يتصدى لإعادة وزارة المال الى «أمل».

وكشفت المصادر أن إصرار «القوات» على وضع «فيتو» على ان تكون وزارة المال من نصيب «أمل» سيدفع الرئيس بري الى استخدام حق النقض لمنعه من تولي حقائب وزارية معينة. وقالت ان استعمال «الفيتو» ما هو إلا سيف ذو حدين.

ورأت ان تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة الحريري يجب أن يوظف لاستيعاب ما أمكن من جميع الأطراف، وقالت ان «التيار الوطني» لا يستطيع ان يطلب النجدة السياسية من حليفه «حزب الله» في مواجهته بري لأن تنظيم الاختلاف داخل التحالف الشيعي حول الانتخابات الرئاسية لن يتسبب في إحداث فجوة بين حليفين إستراتيجيين.

واعتبرت أن باسيل يريد أن ينتهز فرصة تشكيل الحكومة «ليثأر» من وزير المال علي حسن خليل في ضوء المطالعة التي صدرت عن ديوان المحاسبة بعدم دفع الأموال المترتبة للشركة التي تقوم بإنشاء معمل دير عمار لتوليد الطاقة على خلفية «تجهيل» الجهة التي يفترض فيها تسديد الضريبة على القيمة المضافة نتيجة تلزيم تشغيل هذا المعمل، اضافة الى وقف تمويل استكمال تنفيذ سد جنة بعدما تبين ان لا جدوى منه لتخزين المياه لافتقاده الشروط البيئية والمعايير الفنية المطلوبة.

 

فيتوات

وقالت إن هذين الأمرين هما السبب الذي يقف وراء فيتو «التيار الوطني» على إسناد المال إلى خليل، وهو يتناغم بطريقة أو أخرى مع «القوات» الذي يستخدم كل ما لديه من سلاح للحصول على حقيبة سيادية بناء على تفاهم مسبق مع باسيل على اقتسام الحقيبتين السياديتين من حصة المسيحيين في الحكومة.

ولاحظت المصادر أيضاً وجود فيتو على توزير «المردة» وآخر على «الكتائب». وسألت ما إذا كان «القوات» على تفاهم مع باسيل في استبعادهما عن الحكومة وأيضاً عن الدوافع التي أملت على «القوات» المطالبة بتوزير رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض منافس زعيم «المردة» النائب سليمان فرنجية في زغرتا؟

وتابعت أن لمطالبة «القوات» بتوزير معوض وأيضاً وزير السياحة المستقيل النائب ميشال فرعون من حصته أكثر من معنى سياسي، فهل توزيره الأول هو جزء من المعركة السياسية بين «القوات» و «المردة»؟

وأضافت أن جعجع تبنى ترشيح عون للرئاسة من زاوية أنه يعيق وصول فرنجية إليها بعد أن حظي بدعم الرئيس الحريري قبل أن يعود الأخير إلى التموضع في الضفة السياسية الأخرى داعماً ترشيح عون.

وسألت المصادر إذا كان «القوات» سيتمكن من إقصاء «المردة» وهل يدعمه في قراره هذا الوزير باسيل الذي سيواجه في حال تأييده له اعتراضاً من قوة سياسية ضاربة تضم بري والحريري و «حزب الله» وآخرين؟

لذلك، فإن رغبة «القوات» في إبعاد «المردة» قائمة، لكنها مستحيلة وإلا ستؤدي إلى تمديد المراوحة في تشكيل الحكومة، خصوصاً أن الحريري صامد على موقفه ولن يكون طرفاً في «معاقبة» فرنجية الذي تربطه به علاقة وطيدة وسيبقى وفياً له وبالتالي يرفض أن تتحول حكومته ساحة لتصفية الحسابات وأن تستخدم في وجه بري، وإلا كيف يمكن صرف طيّ صفحة الماضي لمصلحة فتح صفحة جديدة في أول انطلاقة العهد الجديد.

وعليه، فإن تأخير استكمال المشهد السياسي الذي سيكون عليه البلد مع تشكيل الحكومة ينتظر ما سيقدم عليه الرئيس عون من أجل إعادة الأمور إلى نصابها لجهة خفض سقوف من يطالب بحصص كبرى في الحكومة من أجل إقصاء الخصوم بدلاً من أن يتواضع ويكف عن إشهار «عصاه» ضد هذا الفريق أو ذاك.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024