منذ 7 سنوات | العالم / Huffington Post

يحب دونالد ترامب التحدّث عن "تجفيف المستنقع". يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب يعني تنظيف واشنطن من الفساد. لكن، لكي يظهر المستنقع الحقيقي لعام 2016 فأنت لست في حاجة إلى النظر إلى مبنى الكابيتول - فقط، التقِط هاتفك وافتح فيسبوك.

تصف شركة التواصل الاجتماعي نفسها بأنّها شركة تقنية، لكنها في الحقيقة مصدر الأخبار الرئيسي لعدد متزايد من الأميركيين، وفقاً لبياناتٍ من مركز أبحاث بيو. في الفترة المؤدية إلى انتخابات 2016، كان فيسبوك غالباً فجوة سوداء من المعلومات المغلوطة والبروباغاندا، وهو ما غذى التحيز والكراهية على الجانبين، بحسب تقرير نشرته النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست".

يوم الخميس، قال فيسبوك إنّه سيفعل المزيد ليمنع انتشار القصص المغلوطة على منصته.

آدم موسيري، نائب رئيس إدارة المنتجات في فيسبوك، أخبر موقع TechCrunch بأنّ فريق العمل يتعامل مع المعلومات المغلوطة على فيسبوك "بجدية كبيرة"، وأنّهم يتفهون أن "هناك الكثير مما نحتاج إلى فعله، لهذا من المهم أن نستمر في تحسين قدرتنا على تتبع المعلومات المغلوطة".

لكن في الوقت ذاته، قلّل مارك زوكربيرغ، مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي، من دور الأخبار الزائفة في هذه الانتخابات. نُقل عن زوكربيرغ، في مؤتمرٍ عُقد الخميس، قوله: "شخصياً، أظن أن فكرة كون الأخبار الزائفة على فيسبوك، والتي هي جزءٌ ضئيل جداً من المحتوى، أثرت في نتيجة الانتخابات بأي طريقة كانت. أظن أنّها فكرة مجنونة جداً؛ الناخبون يتخذون القرارات استناداً إلى خبراتهم الحياتية".

الأخبار الزائفة

لكن زوكربيرغ لا يمكنه أن يعرف حقاً إن كانت الأخبار الزائفة لم تلعب دوراً في الانتخابات، وهناك عدة دلائل على أنّها أثرت بالفعل على الحوار الدائر في 2016 (بإشعال نار قصص، مثل المتعلقة بصحة هيلاري كلينتون، على سبيل المثال).

لكن الأخبار الزائفة ليست مشكلة فيسبوك الوحيدة. المنصة مصممة لإثارة عواطفنا. والمنابر الإعلامية المحترمة ومنصات المحتوى ذات الجودة المنخفضة على حدٍ سواء تعرف هذا، وتُشكل قصصها بما يتناسب مع شبكة التواصل الاجتماعي واضعة هذا في الاعتبار. والـ"هافينغتون بوست" من ضمنها.

ونقلُ القصص الجديدة من عالم الحقائق إلى عالم المشاعر يُسبب المشاكل. فينصب تركيز مبالغٌ فيه على التفاهات -ترامب كان ينظر إلى ورقة تصويت زوجته!- وتركّز أقل من اللازم على مواد الصفحات الأولى التي لا تحمل القدر ذاته من الإثارة. هذا هو الميدان المثالي بالنسبة لمرشّح خفيفٍ سياسياً، ويتلاعب بسهولة بالحقائق، وماهر في إثارة غضب مؤيديه وخصومه.

مؤسس فيسبوك

يوم الخميس، سمّت مجلة Fortune مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك ومديرها التنفيذي، رجل أعمال العام. بعد كلّ شيءٍ، الشركة مُربحة جداً، تسير على خطى إدرار 27 مليار دولارٍ من العائدات و7 مليارات من الربح الصافي هذا العام. في قصتها، تحتفي المجلة بفطنة زوكربيرغ الإدارية التي لا تُقدر حق قدرها، لكنها تُلقي ملاحظة عابرة عن فشل الموقع في التعامل مع دوره كمنصة أخبار.

زوكربيرغ نفسه قال إن فيسبوك ليست شركة إعلامية.

لكن فيسبوك هو المكان الذي يحصل فيه عدد متزايد من الأميركيين على أخبارهم، 44% منهم على الأقل، وفقاً لاستطلاع رأي لمركز أبحاث بيو أجري مؤخراً.

وبينما شبكة الإنترنت كانت دائماً أرضاً خصبة للمعلومات المغلوطة ونظريات المؤامرة، فإن الحدائق المسوّرة وقاعدة المستخدمين الهائلة لفيسبوك تُشكّل تهديدات وجودية أعمق.

تغريدة سام بيدل: "زوكربيرغ وشيريل ساندبرغ سمحا بأكبر حملةٍ منسّقة لخطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة في التاريخ الحديث تجري تحت أعينهما".

خلال الدورة الانتخابية، أدلى المحافظون ومؤيدو ترامب بجرعات منتظمة من الكذب الصريح بشأن كلينتون: أنّه سيتم إدانتها، أنّها كانت مريضة لدرجةٍ لا تستطيع معها القيام، أنّها مرتبطة بحلقة جنسية تنتهك الأطفال، كما يُشير ديمون بيريز من موقع Mashable. القصة الأخيرة حظيت بمئات الآلاف من المُشاركات.

المستخدمون الليبراليون

واللوم يقع أيضاً على المستخدمين الليبراليين، الذين يشاركون وينقرون على الكثير من القصص المغلوطة حول ترامب و"حظره للمسلمين"، الأمر ليس كذلك بالضبط. ترامب اقترح حظر هجرة المسلمين إلى هذا البلد، هذا تمييز ديني يغذي التعصب والكراهية وهو أمرٌ مريع بالتأكيد، لكن الأمرين لا يستويان.

بشكل متزايد، يزوّد المراسلون والمحررون فيسبوك بعناوين أخبار مقصودٌ بها تحريك المشاعر بجعل المستخدمين ينقرون زر الإعجاب أو الحب أو الحزن أو الغضب. يعني هذا غالباً تغلب المشاعر على المنطق، أو اللعب على تحيزات القراء. هُنا، ينهار الحوار المتمدن.

كاتبٌ بموقع TechDirt جادل بأن فيسبوك ليس المشكلة وأنّنا سنكون "أغبياء" إن لُمنا الموقع على صعود ترامب، والكثيرون غيره فعلوا. كُتب" "نعم، هناك العديد من الأشخاص الذين يسقطون في فخ الأخبار الزائفة أو المفبركة أو المثيرة. لكن الناس يصدّقون هذه القصص؛ لأنهم يطابقونها بخبراتهم الحياتية التي رأوا فيها كيف يعمل النظام (أو لا يعمل) لوقتٍ طويب جداً".

بعباراتٍ أخرى، الناس يصدقون ما يريدون تصديقه. الأمر هو أن فيسبوك يجعل هذا أسهل بكثير.

فيسبوك لم يخلق الانقسامات الحزبية، هناك العديد من الأسباب التي صعد ترامب بسببها؛ الجهات الإعلامية والأكاديمية ستحلّل هذه الانتخابات لأعوام قادمة.

بالتأكيد، بعض الحوارات على فيسبوك أصيلة وجامعة، والعديد من الناس وجدوا الدعم بعضهم لبعض هناك. لكن الجدال بأن الطريقة التي يستهلك بها الناس الأخبار لم تُسهم في خلق واقع جديد، وأن الفيسبوك هو "مجرد منصة" تبدو على أقل تقدير فكرة غير ناضجة، إن لم تكن مُبالغة دفاعية.

بدا أن زوكربيرغ، يوم الخميس، يجادل أيضاً بأننا نحتاج إلى فهمٍ أفضل لمؤيدي ترامب. قال: "أعتقد أن هناك افتقاراً عميقاً إلى الإحساس بالآخر في تأكيد أن السبب الوحيد الذي صوّت به هذا الشخص بهذه الطريقة هو أنّه رأى بعض الأخبار الزائفة. إن اعتقدتم ذلك، فلا أظن أنّكم تلقيتم الرسالة التي يحاول مؤيدو ترامب توصيلها".

الأخبار الزائفة

لكن هذا خاطئ. لا أحد يُجادل بأن الأخبار الزائفة هي الدافع الوحيد لانتخاب ترامب، فقط هذا جزء من الرواية الإعلامية الواسعة في 2016 والتي ساعدت في تغذية صعوده.

البعض في مجتمع التقنية بدأ يفهم مسؤوليته بصفته مزود معلومات، كما تُشير مقالة ممتازة بجريدة LA Times الخميس.

نحن في أرضٍ جديدة لم تُكتشف من قبل وغير موجودة على الخرائط: فيسبوك والمدافعون عنه يجب أن يفكروا بعمقٍ في دوره الجديد ويتحمّلون المسؤولية. فكّروا في الأمر كجزء من مجهودات الشركة لـ"الارتقاء"، وهو مصطلح شائعٌ في أوساط المشروعات الناشئة يعني التكيف مع قاعدة المستخدمين المتزايدة.

يجب ألا يكون الأمر متعلقاً باللوم. إن كان زوكربيرغ هو عبقري الإدارة كما تريد Fortune منّا أن نصدّق -وإن كان جاداً بشأن أمنيته التي صرّح بها بأنه يريد جعل العالم مكاناً أفضل- فإنّه يجب أن يفحص دور موقعه بصفته منصة إعلامية ومزوداً للأخبار.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024