منذ 4 سنوات | صحة عامة / Independent


طوال آلاف السنين، استخدم الشعب الصيني الملح لإعداد الطعام وحفظه. لكن تناول كمية كبيرة منه يرفع ضغط الدم، ويزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتشكِّل أمراض القلب والأوعية الدموية، التي تشمل الإصابة بنوبة قلبية وسكتة دماغية، 40 في المئة من الوفيات في الصين.

وبشكل عام، يعرف عن معدل استهلاك الملح في الصين أنّه مرتفع، لكن التقييمات الدقيقة في ذلك المجال نادرة. وتالياً، يحتاج خبراء الصحة العامة إلى أرقام صحيحة كي تساعدهم في إيجاد استراتيجيات للحدّ من استهلاك الملح. ثمة استراتيجية تعتمد على استبدال ملح المائدة العادي بملح البوتاسيوم لاحتوائه على كمية أقل من الصوديوم (الذي يرفع ضغط الدم) ومزيد من البوتاسيوم (الذي يخفض ضغط الدم).

كذلك تكمن الطريقة الدقيقة لاحتساب معدل استهلاك الملح للفرد في فحص كمية الصوديوم التي تتراكم في البول على مدار 24 ساعة. وعلى الرغم من أن بيانات من ذلك النوع قد جُمِعَتْ في الصين، إلا أنها لم تخضع لمراجعة شاملة. تهدف مراجعتنا الأخيرة المنشورة في مجلة "جمعية القلب الأميركية" إلى سد تلك الفجوة المعرفية.

بعد البحث في قواعد البيانات (باللغتين الإنكليزية والصينية) للدراسات المنشورة التي ذكرت الكمية التراكمية للصوديوم أو البوتاسيوم في البول على مدار 24 ساعة في الصين، وجدنا 70 دراسة تتطرّق إلى بيانات الصوديوم (مأخوذة من 26 ألفاً و767 مشاركاً)، من بينها 59 دراسة ذكرت بيانات البوتاسيوم أيضاً (من 24 ألفاً و38 مشاركاً). غطت البيانات أربعة عقود ومعظم مقاطعات الصين.

من بين المراجعات حول تناول الملح في الصين، تبقى مراجعتنا أول مراجعة منهجية، وإلى حدّ بعيد تمثّل المراجعة الأكبر أيضاً.


كثير من الملح قليل من البوتاسيوم

كشف التحليل التجميعي للبيانات كافة عن أنماط خطيرة في استهلاك الملح والبوتاسيوم في الصين. ومثلاً، وجدنا أن الأطفال والمراهقين في المتوسط يتجاوزون كمية تناول الملح المحدّدة للبالغين.

في ذلك السياق، توصي منظمة "الصحة العالمية" البالغين باستهلاك أقل من خمسة غرامات من الملح يومياً، وخفض ذلك الحد الأقصى بالنسبة للأطفال والمراهقين وفقاً لمتطلباتهم من الطاقة. وعلى الرغم من ذلك، يتبيّن أنه في الصين، يستهلك أطفال يتراوح متوسط أعمارهم بين ثلاث وست سنوات، خمسة غرامات من الملح يومياً. كذلك يتجاوز الأطفال والمراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين ست سنوات و16 سنة توصية منظمة "الصحة العالمية" بأشواط، إذ بلغ متوسط استهلاكهم من الملح 8.7 غرامات يومياً، ما يعتبر نسبة مقلقة تماماً.

بالنسبة إلى البالغين، ظهر أن متوسط استهلاك الملح 10.9 غرامات في اليوم، ما يتخطى ضعفي الحد الأقصى الذي توصي به "منظمة الصحة العالمية"، ويُعتبر من أعلى معدلات استهلاك الملح في العالم.

كذلك أظهرت مراجعتنا اختلافات في استهلاك الملح جغرافياً بين شمال الصين وجنوبه. فقد انخفض استهلاك الملح في شمال البلاد على مدار العقود الأربعة الماضية. جاء ذلك على الأرجح نتيجة لجهود الحكومة في تعزيز الوعي بأضرار الملح، إضافة إلى توفير مزيد من المنتجات الطازجة على مدار العام. ولكن على الرغم من ذلك الانخفاض، لا يزال متوسط استهلاك البالغين من الملح في شمال الصين مرتفعاً إذ يسجّل 11.2 غراماً يومياً.

على النقيض من ذلك، ارتفع معدل تناول الملح في جنوب الصين خلال الفترة نفسها، جراء زيادة استهلاك الأطعمة المصنّعة ومأكولات المطاعم والوجبات الجاهزة، التي ترتفع فيها نسبة الملح عادة.

وجدنا أيضاً أن معدل استهلاك البوتاسيوم بلغ أقل من نصف النسبة التي توصي بها "منظمة الصحة العالمية". وتبيّن أنّ المعدل سجل انخفاضاً في جميع أنحاء الصين على مدار الأربعين عاماً الماضية، إذ يستهلك الصينيون من الفئات العمرية كافة أقل من نصف الحد الأدنى الموصى به من البوتاسيوم.


تحسين معدلات الاستهلاك

يشكِّل الصينيون خمس سكان العالم، لذا يُعتبر خفض استهلاك الملح في مقابل زيادة استهلاك البوتاسيوم خطوة لها فائدة صحية كبيرة عالميّاً. إليك كيفية تحقيق ذلك:

استبدل ملح المائدة بملح البوتاسيوم. على عكس البلدان الغربية حيث يأتي معظم الملح من الأطعمة المصنعة، تأتي غالبية الملح المستهلك في الصين من الملح المضاف أثناء عملية الطهو. لذا يمكن استخدام ملح البوتاسيوم بدلاً منه، وسيشكّل فائدة إضافية تتمثل في زيادة كمية البوتاسيوم المُستهلكة.

ابدأ بخفض استهلاك الملح منذ الطفولة. تتشكل عادات المرء الغذائية وتفضيلاته الذوقية خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة. إذا استهلك الطفل كثيراً من الملح ستزداد رغبته في تناول مزيد منه عندما يصبح بالغاً. كذلك يستمر ارتفاع ضغط الدم لديه مع الانتقال إلى مرحلة البلوغ.

•  حذارِ مصادر الملح الجديدة. يزداد استهلاك الأغذية المصنعة والأطعمة من أسواق الشوارع والمطاعم وسلاسل الوجبات السريعة في الصين. لذلك يساعد وضع حد أقصى لمستوى الملح في الأطعمة التي تقدمها تلك المصادر على تعوّد الناس على طعم أقل ملوحة.


مونيك تان باحثة دكتوراه في جامعة كوين ماري بلندن.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024