انتشر متقاعدو الجيش والامن على مداخل بيروت وطرابلس وصيدا وزحلة كما على مفاصل المحافظات متسلحين بعجلات السيارات وقوارير الديزل والولاعات وفق الخطة التي رسمها قادة التحرك الاحتجاجي على توجه الحكومة نحو تقليص مرتباتهم التقاعدية، بحسب تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل منذ ثلاثة ايام، ثم اضرموا النار في الاطارات التي «فلشت» على وسع الطرق الرئيسية، ما تسبب في تجميد حركة المرور على مداخل هذه المدن بدأت من التاسعة والنصف صباحا.

التحرك الذي يقوده 3 عمداء متقاعدين استمر وسط دخان الحرائق وابواق السيارات المحتجزة بركابها، المتأخرين على مواعيدهم، لم يتجاوز الساعة، أخمدت بعدها الحرائق وافرج عن السيارات وركابها، على امل ان تكون الرسالة الجوابية على اقتراح الوزير باسيل الموجود في موسكو ضمن فعاليات المنتدى العربي ـ الروسي قد وصلت الى عنوانها الصحيح، اي الى مجلس الوزراء واللجان الوزارية المعنية، ومضمونها القول بأن مرتبات المتقاعدين خط احمر.

واليوم ستكون هناك وقفة اضرابية شاملة لموظفي الدولة وللمعلمين دفاعا عن سلسلة الرتب والرواتب كحق مكتسب لهم، مع لفت الانتباه إلى ان تصحيح الموازنة ورفع سيف العجز عن عنقها يكون بوقف الهدر والسمسرات والمناقصات الرضائية والصفقات المريبة والعقود التي ما انزل الله بها من سلطان.

وقال احد المعتصمين بصوت مرتفع: من يريد سرقة حقوقنا المكتسبة سنقطع يده، ومن يريد تجويعنا سنأكل قلبه.

وقد صب الجميع جام غضبهم على الوزير باسيل الذي اطلق فكرة تقليص الرواتب بما فيها رواتب المتقاعدين من عسكريين ومدنيين، اضافة الى الوزراء والنواب والرؤساء الذين يتقاضون من الدولة اكثر من راتب واحد، كالعماد الذي صار رئيسا، او العميد الذي صار نائبا او وزيرا، والنائب الذي اصبح وزيرا، فكل من هؤلاء قبض تعويضا عن نهاية خدمته الاولى وصار يقبض راتبين، عدا المخصصات.

وسارعت القوى النيابية الى رفض فكرة باسيل بتقليص الرواتب، بدءا من الرئيس نبيه بري، بدوره حزب الله رفض التطلع الحكومي الى الحلقة الاضعف في حسابات المعينين، ألا وهي سلسلة الرتب والرواتب ومكاسب الموظفين، رافضا بلسان النائب حسن فضل الله مد اليد الى جيوب الفقراء او ذوي الدخل المحدود.

الاوساط الحكومية كثفت تسريباتها المؤكدة على ان التصحيح لن يطاول الرواتب، بل ستكتفي بالعلاوات والعطاءات والامتيازات وساعات العمل ونفقات السفر بعد ما لاح في افق بعضها الخوف من استنساخ الحالة الشعبية في الجزائر والسودان في لبنان.

لكن ما من اعلان حكومي رسمي يوضح الحقائق، فحتى وزير المال علي حسن خليل فضل عدم التعليق على مقترح باسيل، وبدوره ابتعد رئيس الحكومة عن مجرى العاصفة، بينما اكتفى النائب العميد شامل روكز برفض مقترح «عديله» باسيل، ودعا السياسيين الى مد الايدي الى جيوبهم بعد سحبها من جيوب المواطنين، وهكذا تركت الحكومة المجال لكلام باسيل بأن يتفاعل، مع التذكير بتجارب دول من صربيا الى البرتغال واسبانيا التي خفضت الرواتب في القطاع العام وصولا الى التلويح بسيناريو اليونان، في حين قرع الوزير باسيل باب سنغافورة، البلد الآسيوي الصغير الواقع في جنوب شبه جزيرة الملايو، الذي نهض من الصفر بعد 50 عاما من الفاقة بفضل قدرة حكامه وبخاصة الرئيسة الحالية حليمة يعقوب على توجيه سلوكيات مواطنيها نحو الافضل، حتى باتت سنغافورة واحدة من المراكز المالية الكبرى في العالم.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024