منذ 5 سنوات | صحة عامة / الجزيرة

تنم قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره -سواء الإيجابية منها أو السلبية- عن تمتعه بقدر كبير من الاتزان الداخلي، فضلا عن كونها مقياسًا للصحة النفسية الجيدة، في حين يؤدي كبت المشاعر إلى التنفيس عنها بطرق ذات أضرار بالغة على الصحة العامة، كإيذاء النفس أو الانعزال أو تناول الطعام بشراهة.

ويعد التنفيس الانفعالي في الطعام، أو ما يسمى "الجوع العاطفي"، أخطر أنواع التنفيس النفسي، نظرًا لأنه يُدخل الكثيرين في دوائر مفرغة من الحزن والسمنة والندم، خاصة في فصل الشتاء الذي يتسم بتقلبات مناخية تثير الشعور بالكآبة والحزن.

يقف المتخصصون في مجالي الصحة النفسية والتغذية العلاجية على أسباب ودوافع المشكلة، مع بيان كيفية التعامل معها وفق أسس علمية وعملية.

دائرة الحزن والندم والسمنة
يقول الدكتور شريف حسن أخصائي التغذية العلاجية، إن التنفيس الانفعالي في الطعام رغبة تنتاب كثيرا من الأشخاص، خاصة النساء اللواتي يتميزن برقة المشاعر والحساسية المفرطة تجاه المواقف والأشخاص.

ويلفت الدكتور حسن إلى أن هذه الرغبة تعقب الشعور إما بمشاعر سلبية مثل التوتر والحزن والملل والغضب، وإما بمشاعر إيجابية كمشاعر الحب والسعادة، وإما بالاستمتاع بجلسات السمر وسط الأهل والأصدقاء.

شعور الشخص برغبة مُلحة في تناول الطعام دون إحساسه بالجوع حالةٌ مؤقتة من اللاوعي وتتحول للشعور بالندم (غيتي)

رغبة ملحة دون شعور حقيقي بالجوع
ويوضح الدكتور حسن أن شعور الشخص برغبة ملحة في تناول الطعام دون إحساسه بالجوع، هي حالة مؤقتة من اللاوعي وتتحول في الأغلب إلى الشعور بالندم الشديد فور تناول الطعام مباشرة، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة، أو ذوات الأجسام القابلة للزيادة.

ويلفت أخصائي التغذية العلاجية إلى أن الأشخاص الذين يربطون بين حالتهم المزاجية ورغبتهم في تناول الطعام، غالبًا ما يتناولون أطعمة تحتوي على الكثير من السعرات الحرارية، مما يزيد من احتمال إصابتهم بأمراض نفسية وعضوية جديدة.

ومن الناحية الغذائية، يؤكد الدكتور حسن أن الجسد قلما يستفيد من الطعام الزائد عن حاجته، مشيرا إلى أن اشتهاء الشخص لأنواع بعينها من الأطعمة يعد دليلا قاطعا على عدم وجود شعور حقيقي بالجوع، والذي بدوره يدفع الإنسان لإشباعه بواسطة أي طعام متاح.

وينصح حسن بتوخي الحذر ومراقبة النفس وعدم الاستجابة لرغباتها من دون وجود سبب مقنع يستدعي تناول الطعام كالشعور بالجوع، أو وخزات بالمعدة، أو سماع أصوات صادرة منها، أو الإحساس بالإرهاق والتعب وانعدام الطاقة اللازمة لممارسة الأنشطة اليومية.

بدائل تفريغ المشاعر كثيرة
من جانبها شددت الدكتورة منة الله الجندي، أخصائية نفسية وأسرية، على أهمية التدريب الذاتي للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة، على أن يشتتوا انتباههم والتفكير في أمور أخرى تساعد على تحسين حالاتهم المزاجية بخلاف الطعام.

وتشير الجندي إلى أن الأنشطة التي تبعث على تحسين نفسية الأفراد تختلف من شخص لآخر، وتتنوع بين ممارسةرياضة بعينها، والمشي، والركض، والقراءة، والحديث إلى شخص قريب، وغيرها.

وتنصح الأخصائية النفسية والأسرية بشرب كميات كبيرة من الماء فور الشعور بالرغبة الزائفة في الأكل، بالإضافة إلى التنفس بعمق، وتجنب تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين مثل الشاي والقهوة.

من الناحية الغذائية، يؤكد الدكتور حسن أن الجسد قلما يستفيد من الطعام الزائد عن حاجته (غيتي)

أهمية التدريب الذاتي لتحسين المزاج
وفي حال الشعور بضغط نفسي أو حزن شديد وغير محتمل، توضح الدكتورة الجندي أهمية إفساح المجال للذات للبكاء والصراخ، نظرا لأن هذا النوع من التنفيس يُعد إيجابيا، ويساعد الشخص على تفريغ طاقاته السلبية، ومن ثم الاسترخاء والشعور بتحسن نسبي في المزاج.

وأثناء نوبات الغضب التي تسيطر على البعض من حين لآخر، نصحت بالتدريب الذاتي على الجلوس في مكان هادئ ثم تقطيع مجموعة من الورق الأبيض إلى أجزاء متساوية ببطء شديد، مؤكدة أن تكرار هذه العملية يعمل على تفريغ شحنات الغضب، وتحفيز الشعور بالراحة والهدوء.

وتشير الدكتورة الجندي إلى وجود بعض الحالات المرضية المستعصية والناجمة عن اعتياد الشخص منذ صغره على التنفيس عن مشاعرة عن طريق تناول الطعام، وأن هؤلاء الأشخاص قد يحتاجون إلى استشارة أخصائي نفسي وتغذية للحد من آثار تلك المشكلة ومنع تفاقمها.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024