منذ 5 سنوات | لبنان / الحياة

أكدت رئيسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضية ايفانا هردليشكوفا أن عمل المحكمة "بعيد من أي تأثير سياسي، والعدالة ستأخذ مسارها الطبيعي حتى في غياب المتهم. وأن الأحكام ستصدر قبل نهاية السنة".

وكانت القاضية هردليشكوفا يرافقها نائبها القاضي رالف رياشي والمحامي نيكولا غيو، بحثت مع وزير العدل ألبرت سرحان في مكتبه في الوزارة مسار التحقيقات والمحاكمات في المحكمة. (في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري).


بعد اللقاء قال سرحان: "استعرضنا مسار التحقيق والمحاكمات التي تجري لدى المحكمة الدولية، وشرحت لنا الرئيسة تفاصيل هذه الأصول، وهي أصول خاصة ومعقدة بعض الشيء، وطمأنتنا الى ان الأحكام ستصدر قبل نهاية هذه السنة".

وعما يحكى عن معطيات جديدة في بعض عمليات الاغتيال، أجاب: "لم يطلعوني على هذه الأمور على اعتبار أن المحاكمات تبقى سرية، ونحن بانتظار صدور الحكم عن المحكمة الإبتدائية حتى يصار لاحقا الى إصدار العقوبة في حال كان هناك إدانة".

قيل له هناك فريق أمني يستطلع الأجواء، هل يمكن أن تحصل ردة فعل في حال صدور القرار وهل سئلت عن هذا الموضوع وهل لديكم خشية منه؟ أجاب سرحان: "لم نتطرق الى هذا الأمر لأن ليس من المستحب استباق صدور الحكم، فالنتيجة غير معروفة حتى اليوم، وهنا أشدد على أن التحقيقات والمداولات التي تجريها المحكمة هي سرية، وبالتالي ليس هناك أي فكرة مسبقة حول هذا الأمر، ومن جهتي ابديت كامل استعداد الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة العدل للتعاون مع المحكمة في كل ما تطلبه منا، كما أنهم أثنوا على تعاون الجانب اللبناني، خصوصا وأنه يتحمل الجزء الأكبر من نفقات المحكمة".

أضاف: "اتفقنا أيضا على نوع من التعاون بين وزارة العدل والمحكمة من خلال إيفاد عدد من القضاة اللبنانيين للاطلاع عن كثب على مجريات الأمور والأصول المتبعة لدى المحكمة، وسوف نعمل على تنظيم مثل هذه الحلقات الدراسية بحيث يستفيد القضاة اللبنانيون من هذا النوع من المحاكم لأن الأمر يشكل خبرة وتجربة جديرة بالاهتمام لصالح القضاة والقضاء اللبناني".

ن جهتها عرضت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن في الوزارة بعد ظهر اليوم، مع رئيسة المحكمة الدولية، مسار التحقيقات والمحاكمات في المحكمة.

وفي دار نقابة المحامين في طرابلس التقى النقيب محمد المراد وأعضاء المجلس، القاضية هردليشكوفا والوفد المرافق. وشدد المراد على "أهمية المحكمة في إحقاق الحق، وإظهار المسؤولين عن الجريمة الإرهابية التي أودت بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط (فبراير) عام 2005".

وتابع "اطلعنا على التقرير الأخير الذي صدر عن المحكمة في 12 آذار(مارس) 2019، وننظر بعمق الى هذا التقرير والى الجهود التي بذلت على مستوى الاجهزة الأربعة التابعة للمحكمة، كما نتطلع ونراقب مجريات عمل محكمة الدرجة الأولى، والتي استغرقت المئات من الجلسات، وكنقابة محامين تعنينا هذه المجريات من الناحية القانونية، ونتطلع كما أهالي الشهداء، وكما اللبنانيين الى ما بعد انتهاء المرافعات والى الحكم الذي سيصدر".

وأضاف "نواكب مسار عمل المحكمة بمختلف أجهزتها من الناحية القانونية والتقنية التي يقوم بها فريق الإدعاء، وممثل فريق المتضررين وخصوصا فريق الدفاع، وبالمجمل العالم اليوم في حال ترقب، وخصوصا العالم الحقوقي والقضائي حول الحكم الذي سيصدر، والى بنيان هذا الحكم، الذي سيعطي نموذجا للمحكمة وإنعكاسا لعملها، والى الادلة الدامغة والمؤكدة، سواء لجهة الإدانة او البراءة، وخصوصا على المستوى اللبناني شعبيا وحقوقيا وبمكان ما سياسيا".

وواشار الى ان "المحكمة ولدت خلال ظروف صعبة في لبنان، ونحن على ثقة أن الحكم سيكون مهنيا حرفيا قضائيا، يعتمد على أدلة الإقناع، وبعد مرور ما يزيد عن ستة أشهر وهي تناقش وتدقق وتراقب، سيكون الحكم صورة إيجابية فيها الكثير من الإهتمام والدقة، حيث ستعطي نموذجا للجميع بتحقيق العدالة، وعدم إفلات المتورطين من العقاب لصالح لبنان واستقراره ومن أجل العدالة، فالشعب اللبناني ينظر الى هذه الجريمة منذ حصولها، وبالتالي يشعر أن الحكم طال وطال جدا". وقال: "يعنينا عمل المحكمة الدولية، لأن العدالة تعنينا، خصوصا وأنها نموذج عالمي لتحقيق العدالة تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، ونحن مستعدون للمشاركة في هذا الحدث القضائي الدولي والذي بإذن الله سيكون له أثر قانوني كبير في جريمة إرهابية على مستوى العالم وفي قضية من هذا الحجم هزت لبنان والضمير اللبناني والعالمي".

هردليشكوفا

من جهتها، قالت رئيسة المحكمة الدولية: "صحيح أن المحكمة ولدت في ظروف صعبة، لكن عملها مستقل تماما وبعيد عن أي تأثير سياسي"، مشيرة الى أن "المحاكمات انتهت في شهر أيلول(سبتمبر) الماضي، حيث يعمل قضاة غرفة الدرجة الأولى على القرار الذي سنعلمكم فيه فور صدوره، فهناك وثائق وانظمة وقواعد إجراء وإثبات تابعة للمحكمة الدولية متوافرة باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنكليزية، وبالنسبة للقانون الوضعي فهي تتبع القانون اللبناني ومن هنا تكمن اهمية تواصل المحكمة الدولية مع جميع جهات المجتمع القضائي في لبنان".

وأضافت "نحن هنا لتقديم عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى المحامين في طرابلس، وهي معروفة أنها المحكمة الرائدة في مجالات عدة، فهي المحكمة الأولى التي تنظر في جريمة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، حيث قدمت محكمة الإستئناف عام 2011 تعريفا عن جريمة الإرهاب بناء على المعطيات اللبنانية والدولية، وفي العام 2017 تم تعريف الإشتراك الجرمي، أو مبدأ الإشتراك في الجريمة، فهذه المحكمة قدمت سوابق كثيرة من ناحية تطبيقها للقانون الجنائي، ومن ناحية تقديمها للأدلة العالية التقنية التي لم تقدمها سابقا أي محكمة أخرى".

وأردفت "تتألف المحكمة من أربعة قضاة لبنانيين، وسبعة قضاة دوليين، وفيها جنسيات من اكثر من 60 دولة، ولدينا أيضا مستشارون قانونيون وأمنيون من لبنان، ويسرنا أيضا أن ينضم الينا اكبر عدد من المحامين في لبنان وخصوصا لإعطاء دورات تدريب وبرامج تدرج في هذا المجال القانوني لمحامين من نقابة المحامين في طرابلس".

وختمت "نحن كمحكمة دولية خاصة بلبنان وجدنا من اجل لبنان، ومن اجل اللبنانيين، ونحن على استعداد ان نقرب المحكمة من الشعب اللبناني وإتخاذ كافة التدابير اللازمة لذلك".

"اربع مراحل عمل المحكمة

بعد ذلك، نظمت نقابة المحامين، لقاء حواريا مع القاضية هردليشكوفا حول آخر تطورات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمرحلة المقبلة. وشرحت هردليشكوفا عمل المحكمة قائلة "يقسم عمل المحكمة إلى أربع مراحل:

"- التحقيق وقرار الاتهام: يجري المدعي العام تحقيقات سرية حول المشتبه بهم. وإذا اقتنع بوجود أدلة كافية ضد أحد المشتبه بهم، يصوغ قرارا اتهاميا ويحيله إلى قاضي الإجراءات التمهيدية. وينظر قاضي الإجراءات التمهيدية في الأدلة ويجوز له أن يوقف الملاحقة، أو أن يطلب أدلة إضافية من المدعي العام، أو أن يقرر أن الأدلة كافية بصورة أولية لملاحقة المشتبه به.

"- المرحلة التمهيدية، وتكون بعد تصديق قرار الاتهام، حيث يكون قاضي الإجراءات التمهيدية مسؤولا عن تحضير القضية للمحاكمة. وخلال المرحلة التمهيدية، يتابع المدعي العام تحقيقه ويباشر مكتب الدفاع بتحقيقاته. ويفصل قاضي الإجراءات التمهيدية أيضا في أي طلبات يقدمها المتضررون للمشاركة في اجراءات المحكمة.

"- المحاكمة، ضمانا للإنصاف والشفافية، تكون المحاكمة علنية بصورة عامة، وتكون الإجراءات وجاهية، حيث تقرر غرفة الدرجة الأولى الدور الذي سيؤديه المتضررون المشاركون في الإجراءات، وبعد سماع كل الأدلة والمذاكرة، يصدر القضاة قرارا معللا يعتبرون فيه المتهم إما "مذنبا" أو "غير مذنب".

-الاستئناف، حيث يجوز للادعاء أو الشخص المدان تقديم استئناف طعنا بحكم غرفة الدرجة الأولى أو العقوبة أو كليهما، وتنظر غرفة الاستئناف في الأخطاء القانونية أو الأخطاء في الوقائع، وإذا اكتشفت في مرحلة لاحقة أدلة مهمة لم تكن متاحة خلال المحاكمة، يجوز للادعاء أو الشخص المدان تقديم طلب إعادة محاكمة".

وتابعت: "المحكمة الخاصة بلبنان كانت سباقة في الكثير من الأمور، خصوصا في موضوع المحاكمات الغيابية، وذلك لضمان محاكمة عادلة، لأن الحضور كان إحدى الحجج لعدم قيام المحكمة الدولية بدورها، وعلى الرغم من عدم وجود المتهمين، الا أن لهم محامين ممثلين، كما كانت سباقة في استخدام أدلة معقدة جدا استعملت للمرة الاولى في تاريخ محكمة جنايات دولية"، مؤكدة أن "العدالة ستأخذ مسارها الطبيعي، حتى إن لم يكن المتهم موجودا".

ثم كان نقاش وأسئلة ومداخلات لعدد من المحامين لإيضاح بعض التساؤلات حول طريقة عمل المحكمة.


شارك المقال





أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024