البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وصل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت مبادرة "عام التسامح"، وسبق الزيارة دفق من رسائل المحبة والسلام، كيف لا، وهو البابا حامل السلام، والرجل المتواضع والمنفتح، وعابر الحدود، وهذا ما سهل التقاءه مع كلّ المذاهب والطوائف والديانات.

في العام 2017، شارك البابا في مؤتمر ديني في العاصمة المصرية القاهرة، ليشجع على الحوار بين الأديان، ويوضح في الوقت نفسه أن هذه ليست مجرد محادثات، إنما لإرسال رسائل قوية بشأن كيفية تحقيق السلام، والتحقق من الرفض الحازم للعنف، وهو صاحب المقولة المشهورة "دعونا نقول مرة أخرى (لا) لكل شكل من أشكال العنف والانتقام والكراهية التي تتم باسم الدين أو باسم الله".

نائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أشار إلى "أنّنا نرحّب بزيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات"، وشدّد في تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّها "زيارة تاريخية هدفها تعميق قيم التسامح والتفاهم والحوار الديني"، مركّزًا على أنّه "تجمعنا الأخوة الإنسانية وتجمعنا الوصايا السماوية المشتركة، وتجمعنا نياتنا من أجل مستقبل أفضل البشرية. أهلاً وسهلاً بك في عام التسامح على أرض الإمارات."

البابا قلِق على اليمن

قبيل ساعات من مغادرته العاصمة الإيطالية روما، قال البابا في قداس الأحد إنه يتابع الأزمة الإنسانية في اليمن بقلق كبير، وحضّ جميع الأطراف على احترام الاتفاقات الدولية وضمان وصول الغذاء لليمنيين الذين يعيشون في معاناة.

أضاف "أذهب إلى الإمارات العربية المتحدة أخاً كي نكتب معاً صفحة للحوار وللسير معاً على دروب السلام."

زيارة الإمارات تأكيد للأخوة بين الأديان

وكان الحبر الأعظم أكد في رسالة متلفزة قبيل الزيارة أن الإمارات أرض الازدهار والسلام، ودار التعايش واللقاء، موجهاً التحية للشعب الإماراتي، ومعتبراً الزيارة صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان، وتأكيداً للأخوة الإنسانية.

يتضمن برنامج الزيارة، إلى الاستقبال في مطار أبو ظبي، وحفل الترحيب الرسمي في قصر الرئاسة، واللقاء بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والبابا، يتضمن لقاء خاصاً للبابا مع شيخ الأزهر أحمد الطيب الشريف، وأعضاء مجلس حكماء المسلمين في مسجد الشيخ زايد الكبير، ثم ينتقل للمشاركة في "لقاء الأخوة الإنساني" في صرح زايد المؤسس حيث سيلقي كلمة خاصة بالمناسبة، ويزور كاتدرائية أبو ظبي، ثم ينتقل إلى مدينة زايد الرياضية لإقامة القداس في 5 فبراير (شباط) الذي يتوقع أن يحضره أكثر من 135 ألف شخص، على أن تختتم الزيارة بمراسم رسمية في مطار أبوظبي الدولي.

ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يستقبل البابا في مطار أبو ظبي الدولي (رويترز)

وازدانت شوارع أبو ظبي بأعلام دولة الفاتيكان الى جانب علم دولة الإمارات احتفاءً بوصول الحبر الأعظم، وقال سكان وزائرون للبلد إن زيارة البابا فرنسيس تحمل رسالة سلام وتفاهم.

تزامناً مع زيارة البابا، انطلقت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي الأحد 3 فبراير، أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، الذي ينظمه "مجلس حكماء المسلمين"، بمشاركة قيادات دينية وشخصيات فكرية وإعلامية عالمية.

البابا أحمد الطيب.jpg


البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر الشريف أحمد محمد الطيب لدى وصوله إلى مطار أبو ظبي الدولي (رويترز)

"مسؤوليتنا جميعاً أن نعمل معاً من أجل تعزيز قيم التسامح"

رعى المؤتمر ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، وشاركت فيه شخصيات دينية، أهمها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب.

فتى من أبو ظبي.jpg


البابا فرنسيس يستقبله فتى إماراتي لدى وصوله إلى مطار أبو ظبي الدولي (رويترز)



وقال وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان في الافتتاح: "المؤتمر هو حدث متعدد الثقافات يشجع على التآخي والحوار، وهو حدث استثنائي وتاريخي لنبرهن للعالم على ما يمكن لقوة التسامح والتآخي أن تحققه"، وأشار إلى أن "الإمارات تركز على أن تقود التجربة التعليمية لديها إلى فهم صحيح للتسامح والاختلاف بين البشر، ونعيش في وطن يحظى ببيئة ثقافية مرموقة وله تاريخ عريق في إرساء قيم التسامح". وتابع: "مسؤوليتنا جميعاً أن نعمل معاً من أجل تعزيز قيم التسامح والأخوة الإنسانية، والإمارات تمثل جسراً لتواصل الثقافات وتلاقي الحضارات ونعتز بدورنا الرائد في نشر مبادئ التعايش والسلام والتآخي". وشدد نهيان على أن "التسامح والأخوة الإنسانية يساعدان على تحسين مستوى التعليم وتعزيز ثقافتنا"، لافتاً إلى أن "المؤتمر سيعمل على ترسيخ قيم التسامح في العالم".

فضائل البابا

أبرز فضائل البابا البساطة والفقر والتواضع والتقوى:

يخبر أحد الصحافيين الأرجنتينيين أنه عندما عيّن البابا الراحل الطوباوي يوحنا بولس الثاني المطرانَ خورخي برغوغليو كاردينالاً (البابا فرنسيس) عام 2001، أرادت مجموعة من المؤمنين مرافقته إلى روما لمشاركته في هذا الحدث الإستثنائي، ولكنه طلب منهم البقاء في "بوينوس آيرس" وتقديم الأموال التي كانوا يريدون تخصيصها للسفر إلى الفقراء، هذا الأمر نفسه تكرر اليوم خلال انتخابه بابا إذ دعا المؤمنين إلى القيام بالأمر عينه وإلغاء السفر من الأرجنتين إلى الفاتيكان.

بالإضافة إلى ذلك، عُرف عنه أنه لم يرد يوماً أن يحصل على سائق سيّارة، وكان يتنقل في وسائل النقل العامة أو في القطار، وعندما كان يسافر إلى روما بالطائرة، كان يختار دائماً الفئة السياحية.

أما خادم إحدى رعايا أبرشية "بوينوس آيرس" الأب خوان إيساسمندي فيصف البابا الجديد بأنه "شخص مهمّ جداً بالنسبة إلى مدينته. فهو كان يمرّ بشوارعها سيراً بمفرده، من دون أية مشكلة، ملقياً التحية على الجميع. وهنا يحبّونه كثيراً.

البابا رجل تقي ويصلي كثيراً، وهو رجل متواضع بامتياز".

وكشفت صحيفة "لا ناسيون" الأرجنتينية أنه، قبل 12 سنة، بعثت السيدة بيلار مارتينيس ثوبيريا، أم لستّة أولاد، برسالة إلى رئيس أساقفة "بوينوس آيرس" الكاردينال بيرغوغليو، منتقدةً إياه على عدد من الأمور. وردّاً على هذه الرسالة، اتصل الكاردينال بالسيدة وشكرها على الرسالة مؤكداً أنه سيأخذ مضمونها في الاعتبار، طالباً منها أن تصلي كثيراً له. وقالت بيلار: "كان هذا مثالاً كبيراً عن تواضعه... فقد اتصل بي على رقم منزلي". وتضيف: "بعد سنوات، تكررت الحادثة نفسها، مع السيدة بيلار، فاتصل من جديد طالباً منها المزيد من الصلاة لأجله". إذ ذاك شرحت أنها تأثرت كثيراً، وبعدما مرّ الوقت فكّرت أنه "قد يكون الإعلام وراء انتقاداتي بسبب اجتزاء بعض مواقفه وإبرازها بطريقة مخطئة". وتابعت: "أرسلت إليه هذه المرة رسالة مدح، مشجعةً إياه على الإستمرار بما يقوم به، لكنه لم يردّ على الرسالة"، معتبرةً أن "هذا دليل كبير على تواضعه".

أجمل أقوال البابا

منتخبات من أقوال البابا:

"مغفرة الله أقوى من أي خطيئة".

"في سبيل تغيير العالم، يجب أن نفعل الخير إزاء أولئك الذين لا يمكنهم التعويض لنا".

"العائلة المثالية ليست موجودة، ولا وجود لزوج مثالي أو زوجة مثالية، ودعونا لا نتحدث عن الحماة المثالية! نحن الخطأة فقط موجودون". الحياة العائلية الصحية تتطلب استخداماً دائماً لثلاث جمل هي: "هل أستطيع؟ شكراً، وأعتذر" "وتلافي اختتام النهار من دون تصالح".

"قليلٌ من الرحمة يجعل العالم أقل برودة وأكثر عدلاً".

"أيها الشباب الأعزاء، لا تخافوا من اتخاذ خيارات حاسمة في الحياة. تحلّوا بالإيمان، والرب لن يتخلى عنكم".

"من الرائع لو يقدر كل واحد منا أن يقول في ختام اليوم: اليوم، قمت بعمل خيري تجاه الآخرين".

"لا يمكننا أن ننام بسلام في حين يموت أطفال من الجوع، ويُحرم المسنّون من المساعدة الطبية".

سيرة ذاتية

ولد البابا فرنسيس في بوينس أيرس في الأرجنتين في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 1936، باسم خورخيه ماريو بيرغوليو وحصل أولاً على شهادة في علم الكيمياء قبل أن يختار الالتحاق بالرهبنة اليسوعية عام 1958.

واصل دراسته في تشيلي قبل عودته إلى الأرجنتين للحصول على اللقب الأول في الفلسفة من كلية القديس يوسف في سان ميغيل.

وكان أستاذا في علوم الآداب وعلم النفس بين عامي 1964-1966، وبين الأعوام 1967 و1970 أنهى دراسته الجامعية حائزاً شهادة الدكتوراه. وسيم كاهناً في 13 ديسمبر عام 1969، وفي 20 مارس (أذار) 1992 عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني مساعداً لرئيس أساقفة بوينس أيرس وسيم أسقفاً في 27 يونيو (حزيران) ، وفي 28 فبراير 1998 عين رئيس أساقفة في بوينس أيرس.

له مؤلفات عدة صدرت بين عامي 1982 و1992، وإلى الآن كان أيضاً رئيساً للمؤمنين التابعين للطقوس الشرقية المقيمين في الأرجنتين.

ترأس مجلس أساقفة الأرجنتين بين عامي 2005 و2011. وحظي بلقب كاردينال على يد يوحنا بولس الثاني في 21 فبراير 2001، كما كان عضواً في العديد من المجامع الدينية واللاهوتية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024