يبدو الأسبوع الفاصل عن جلسة 31 الجاري الرئاسية مثقلا بمجموعة محطات سياسية مفصلية لكل منها دلالاتها الرئاسية التي تستقطب الاهتمامات المحلية والدولية. من موقف كتلة “اللقاء الديمقراطي” المرجأ الى الاسبوع المقبل، على رغم انعقاد الاجتماع الموسع في المختارة امس، بما يحتمل الارجاء من تأويل وتحليل، الى الكلام المنتظر اليوم من أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، المفترض أن يحدد بين سطوره توجه الرياح الرئاسية وما اذا كانت كلمة السر الايرانية بفتح ابواب قصر بعبدا وصلت، أم أن قرار استمرار التعطيل سيبقى متربعاً على العرش، وعدة العمل ما زالت تحوي الكثير من أدوات العرقلة، على رغم ذهاب رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري الى النهاية في مشروع حشر الحزب في زاوية تحميله كل المسؤولية عن عدم انجاز الاستحقاق الرئاسي.

أما سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جنيف ومغادرة الحلبة الرئاسية لمدة ثمانية ايام، تستبق جلسة الانتخاب مباشرة، فله كلام آخر في الحسابات السياسية ومؤشرات بالغة الجدية، خصوصاً أنه تزامن مع سفر الحريري الذي “قال كلمته ومشى” … الى المملكة العربية السعودية التي توجه اليها امس، علماً أن مسؤولاً أمنياً رفيعا موجود أيضاً خارج لبنان منذ مدة.

وإذا كانت محطات الداخل على مستوى من الاهمية، فإن مواقف الخارج تبقى تحت المجهر السياسي، تلمساً لاشارات يمكن تلقفها ازاء الرأي الدولي غير المعلن في مدى قابلية انتخاب رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب العماد ميشال عون رئيسا في هذه المرحلة بالذات، في ظل عدم وضوح الرؤية الاقليمية وتبيان الخيط الابيض من الاسود في ثلاثة مسارات مفصلية وحاسمة هي معركة حلب وموقعة الموصل والانتخابات الاميركية.

ففي أعقاب موقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليل اول من امس الذي اعتبر”حمّال أوجه”، وأدرجه البعض في خانة السلبيات ازاء حظوظ عون في الرئاسة لجهة قوله “نحن نأمل بالتأكيد أن يحدث تطور في لبنان، لكنني لست واثقاً من نتيجة دعم سعد الحريري … لا أدري”، جاء الناطق باسمه جون كيربي ليوضح ان “كيري اعرب عن الأمل في ان يجري مجلس النواب انتخابات، وينتخب رئيساً بعد ان ظل منصبه شاغراً منذ سنتين.

وقال “من المهم ان يُسمع صوت الشعب اللبناني وهذا ما قصده الوزير كيري حين تطرق لسير هذه العملية قدماً”. ورداً على سؤال بشأن دعم الولايات المتحدة انتخاب العماد عون رئيساً، اكد كيربي ان “واشنطن تدعم حصول الشعب اللبناني على الفرصة كي ينتخب ويكون له صوت في من سيكون رئيسه وهذا ما ندعمه”.

ووسط سيل التحليلات في نتائج الجلسة الرئاسية السادسة والاربعين وما اذا كانت الحد الفاصل بين زمن الفراغ والعهد البرتقالي، اعتبرت مصادر سياسية في فريق “14 آذار” أن مجموعة اشارات برزت في الساعات الأخيرة توحي بعدم نضوج الطبخة الرئاسية ابرز معالمها موقف بري المتصلّب في مربع رفض انتخاب عون.

وقالت “بعيدا عما اذا كان الموقف منسقاً مع الحزب ومن ضمن لعبة توزيع ادوار داخل فريق “8 آذار”، فإن أكثر ما يزعج “حزب الله” ويعبّر عنه بري هو استشعار مدى خطر رمي الحريري كرة التعطيل في مرمى “8 آذار” عبر ذهابه الى حيث لم يتوقع هؤلاء، وهو تأييد ترشيح عون، آخر المتاريس امام انكشاف لعبة التعطيل”.

وعلى الخط الرئاسي ايضاً الذي خلط خيار الحريري اوراق التحالفات والتفاهمات بشأنه، خصوصاً بين عين التينة (مقر بري) وبيت الوسط (مقر الحريري)، كرر المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب وزير المال علي حسن خليل القول، أمس، “انه لا يمكن لأحد ان ينفرد بتحديد خيارات اللبنانيين، سنمارس حقّنا بالتعبير عن موقفنا وسنفتح ونمد اليد معاً إلى تعاون حقيقي ومعارضة وموالاة في سبيل لبنان”.

وليس بعيداً، اشار الوزير السابق وئام وهاب الى “ان المفاجآت لم تعد واردة وقد حسمت مسألة انتخاب عون”. وإذ لم يستبعد “لقاء ثلاثيا بين عون والامين العام لـ “حزب الله” والرئيس بري لحل عقدة رئيس المجلس”، اكد أن “تكليف الحريري رئاسة الحكومة أمر محسوم أيضاً، لكن على الحريري ان يُغيّر خطابه السياسي بما يتلاءم مع المصلحة الوطنية”.

وقبل 9 ايام من جلسة 31 الجاري التي قد تكون الاخيرة في عدّاد جلسات الانتخاب، عقد “اللقاء الديمقراطي” برئاسة النائب وليد جنبلاط أمس اجتماعاً في المختارة للتشاور في المسار الرئاسي، قرر فيها عقد اجتماع آخر الاسبوع المقبل لاتخاذ موقف نهائي من الانتخابات الرئاسية.

ومع حسم مسألة النصاب في جلسة 31 الجاري بإعلان الكتل النيابية حضورها، يبقى الجدل القانوني بشأن دستورية الجلسة وهل تحتسب دورة انتخابية ثانية تستوجب فوز المرشح للرئاسة بغالبية الثلثين من مجمل أعضاء المجلس أم بالنصف زائداً واحداً لأن هناك جلسة اولى عقدت لهذه الغاية وشهدت حضور 124 نائباً العام 2014، ام جلسة انتخابية جديدة؟.

وفي السياق، أكد مصدر قضائي رفيع رداً على هذا التساؤل ان ما ساهم في تعطيل الدولة وعمل مؤسساتها كان التفسير الكيفي والمصلحي للدستور، الامر الذي انسحب على الاستحقاق الرئاسي وعطله، وانه بمجرد اكتمال نصاب جلسة 31 الجاري او اي وقت آخر، فإن فوز الرئيس يُحتسب على اساس انعقاد الجلسة في دورة ثانية والفوز بالنصف زائداً واحداًَ من عدد اصوات نواب المجلس.

من جهته، أوضح وزير العدل السابق ابراهيم نجّار أن “جلسة 31 الجاري انتخابية جديدة، يحتاج فيها المرشّح في الدورة الاولى ونصابها الثلثان، الى ثلثي الاصوات كي يُصبح رئيساً، أما اذا لم يحصل على ثلثي الاصوات من الدورة الاولى، فإنه ينتقل الى الدورة الثانية التي يكون نصابها ايضاً الثلثين، لكن عدد الاصوات التي يحتاجها المرشّح للفوز هي النصف زائداً واحداً”.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024