منذ 7 سنوات | لبنان / Huffington Post

ميشال عون، هنري حلو، سليمان فرنجية.. إنهم الثلاثة المبشرون بمنصب الرئيس، وفق خارطة تحالفات القوى السياسية التي يشهدها لبنان في الآونة الأخيرة، وأشعلت بعض تصريحات رموزها بورصة التوقعات بشأن المنصب الشاغر منذ أكثر من عامين، في بلد تمثل فيه الطائفية رقماً صعباً في المعادلة السياسية.

ومع دعوة نبيه بري (رئيس مجلس النواب) الأخيرة إلى عقد الجلسة رقم 46 لانتخاب رئيس للبلاد، والمزمعة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2016، بدأت معالم تفاؤل تتكشّف مع احتمالات تلوح في الأفق حول حل الأزمة عبر تسوية ثنائيّة بين رئيس "تكتل التغيير والإصلاح"؛ النائب ميشال عون، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

ومع ذلك فإن هناك ترجيحات بأن تؤجّل الجلسة لأيّام، علّ تسويةً أشمل تُبصر النور، فحتّى الآن ليس هناك إجماع سياسي على عون، بالرغم من ميل الكفّة الرئاسية له، وذلك بعدما أبلغ الحريري كتلته وحلفاءه ورئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية الذي كان رشحّه سابقاً أنّه سيدعم "الجنرال"، في إشارة إلى عون.

وينتظر أن يشارك في الجلسة القادمة 126 نائباً -بعد استقالة النائب روبير فاضل وغياب النائب عقاب صقر خارج لبنان- استعداداً لانتخاب رئيس، ما زال الموقف الدولي منه غير واضح، حيث تشهد هذه الأيام مساعي يقوم بها السفيران الروسي والأميركي، إضافةً إلى الموفد الفرنسي بين الفرقاء اللبنانيين، فيما تشير تسريبات إلى أنّ الولايات المتحدة أبلغت الحريري عبر السفيرة إليزابيث ريتشارد تحفظها على قدوم عون كونه "حليفاً" لحزب الله، وبذلك تنضمّ إلى السعودية التي لا يزال موقفها غير واضح بعد.

أمّا الموقف الروسي فقد أعرب عنه السفير ألكسندر زاسبكين خلال لقائه مؤخراً بالحريري، حيثُ شدّد على ضرورة درس كلّ الخطوات قبل الإقدام على أي خطوة لا تحظى بإجماع وطني. ما يعني أنّ التفاؤل اللبناني قد يصطدم بعقبات جديدة تطيل أمد الأزمة.

عن عون

عام 1988، كان عون قائداً للجيش اللبناني، وفي نهاية الحرب الأهليّة كلّفه الرئيس أمين الجميّل بتشكيل حكومة عسكريّة بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد يخلفه، وأصبحت هذه الحكومة حينذاك في مواجهة الحكومة المدنية التي يرأسها بالنيابة الرئيس سليم الحص، وقد استقال الوزراء المسلمون من الحكومة بعد تشكيلها بساعات وبذلك أصبح للبنان حكومتان.

في آب 1989 تمّ التوقيع على اتفاق الطائف بوساطة سعودية من أجل إنهاء الحرب، لكنّ عون رفض حينها الاتفاق بشقه الخارجي، وذلك لأنه يقضي بانتشار سوري على الأراضي اللبنانية ولا يحدد آلية لانسحابه من لبنان.

بعد ذلك، اندلعت معارك ضارية، فما كان من عون إلا أنّ غادر بعبدا متجهاً إلى السفارة الفرنسية في بيروت، والتي توجّه منها إلى منفاه في فرنسا في 28 آب 1991 حيثُ بقي 15 عاماً، قبل أن يعود إلى لبنان في 7 أيار 2005، ويدخل معترك الحياة السياسية مجدداً، لا سيما البرلمان والحكومة، ووقّع على وثيقة تفاهم مع "حزب الله" في 6 شباط 2006 في كنيسة مار مخايل.

من يدعم عون؟

منذ بداية شغور منصب الرئيس، جاهر حزب الله علناً بدعم حليفه المسيحي -عون- لسدّة الرئاسة، وكرّر الأمين العام للحزب حسن نصر الله أكثر من مرة أنّ الحزب الممثل في كتلة الوفاء للمقاومة والتي تضمّ 13 نائباً ستنتخب عون فقط.

أمّا ترشيح الحريري فقد عدّل المقاييس، إذ إنّ عدد نواب كتلة "المستقبل" يبلغ 31 نائباً، وهنا تشير أوساط الحريري عن كيفية الدعم الرسمي لعون، إذ كشفت مصادر مقرّبة منه (رفضت نشر اسمها) إلى أنّ السيناريو الأكثر ترشيحاً هو أنّ عون سيزور بيت الوسط (منزل الحريري في وسط بيروت)، يوم غدٍ الخميس، وبعد اللقاء سيُعلن الحريري دعمه لعون.

وعن رأي المملكة العربية السعودية التي، زارها الحريري مؤخراً، حول ترشيح عون، لفتت المصادر إلى أنّ الحريري لم يلتقِ ولي ولي العهد محمد بن سلمان، لكنّ الرسائل التي تصله باستمرار هي أنّ الرئاسة شأن داخلي، وإذ لم تضع السعودية فيتو على عون، فهي لم تدفع به من أجل الرئاسة.

وتكشف المصادر أنّ هناك تبايناً داخل "كتلة المستقبل" إذ إنّ رئيسها فؤاد السنيورة لن ينتخب عون، واعترض مثله النائب أحمد فتفت على هذا الترشيح، كذلك فهناك 4 نواب لم يحسموا لمن سيعطون أصواتهم، وبذلك لن تكون كتلة المستقبل (المحسوبة على الحريري) بكلّ نوابها مع عون.

إضافةً إلى "حزب الله" و"المستقبل"،فإن من بين داعمي عون، "كتلة القوات اللبنانية" والتي تضمّ 8 نواب، فضلاً عن نائبين من "حزب الطاشناق" الأرمني الذي لطالما عُرفَ بقربه من عون، بحسب مصدر مطلع رفض نشر اسمه.

وأخيراً فإنه من الطبيعي أن ينتخب "تكتل التغيير والإصلاح" رئيسه النائب ميشال عون.

وقال عضو "كتلة الكتائب" النائب فادي الهبر إنّ تكتّل "حزب الكتائب" -الذي يرأسه النائب سامي الجميّل- والذي يضمّ 5 نواب لن يصوّت لصالح عون، عازياً السبب إلى أنّ عون باتَ من فريق 8 آذار.

وبالرغم من ذلك أكّد الهبر أنّ نواب الكتائب سيشاركون في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة، لافتاً إلى أنّ عون لم يقدّم مشروعه الرئاسي ولم يعطِ رأيه الصريح بمسألة سلاح "حزب الله" ومشاركته في الحرب السورية.

وقال: "نحن نريد دولة ولن ننتخب لا عون ولا فرنجية"، ملمحاً إلى إمكان انتخاب مرشّح وسطي خلال الجلسة، علماً أنّ هناك مرشحًا ثالثًا من "اللقاء الديمقراطي" الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، وهو النائب هنري حلو.

وأضاف الهبر أنّ العلاقة جيّدة مع جنبلاط وما تريده "الكتائب" هو ما وصف بـ"مرشّح سيادي". كاشفاً أنّ المكتب السياسي في "الكتائب" سيجتمع يوم غدٍ الخميس للبحث في الملف الرئاسي ويمكن أن يصدر عنه موقف رسمي.

وينضمّ إلى المعترضين رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلته "التنمية والتحرير" التي تضمّ 13 نائباً، حيثُ أكّد بري أنّه سيهنئ عون إذا فاز لكنّه سيصبح في "المعارضة".

ومع هذا المشهد يرى متابعون أنه لو أتى عون رئيساً، سيواجه الحريري صعوبة شديدة في تشكيل الحكومة، وقد يستغرق الأمر عدة أشهر في ظلّ معارضة بري. إضافةً إلى أنّ هناك مباحثات جارية لإقناع بري بالتسوية، فحزب الله لطالما شدّد على أنّ بري حليفه وسيسيرا سويةً في هذه الملفات.

وكان النائب سليمان فرنجية زار عين التينة (مقر الرئيس بري) وخرج مبقياً على ترشيحه، ومن هنا يمكن التنبؤ بأنّ كتلة بري ستنتخب فرنجية.

وعلى الصعيد ذاته لن يُنتخب نائبا "التضامن الطرابلسي" نجيب ميقاتي وأحمد كرامي، عون، كما أعلن صراحةً كل من رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون ووزير الاتصالات بطرس حرب رفضهما تسلّم عون الرئاسة.

لا موقف!

"اللقاء الديمقراطي" الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط والذي يضمّ 11 نائباً لم يحسم موقفه بعد، بالرغم من أنّ جنبلاط معروف بتفاهمه الدائم مع الرئيس بري "المُعارض".

وتعليقاً على هذا قال مصدر نيابي من تكتل اللقاء الديمقراطي (رفض نشر اسمه)، إنّ "اللقاء كما عُهدَ ديمقراطياً وسيتيح لأعضائه اختيار من يريدونه رئيساً، ولذلك سوف يعقد اللقاء اجتماعا يوم السبت القادم من أجل بحث ملف الرئاسة". مشيراً إلى أنّ "هناك آراءً مختلفة، إلا أنّ جنبلاط يشدّد على أنّ الفراغ الرئاسي يتسبّب بأزمات اقتصاديّة ومالية، ومن هذه النقطة يجب الإصرار على إنهائه".

ويضيف المصدر أنّ "اللقاء الديمقراطي" قد رشّح النائب هنري حلو وهو ملتزم معه أدبيًا وأخلاقيًا وسياسيًا، ولم يسحب ترشيحه بعد، موضحاً أنّ جنبلاط أعلن دعمه في السابق لفرنجية إذا ما حصلت تسوية، كي لا يكون هو المعرقل لانتخاب رئيس.

إلى ذلك، باتَ معلوماً أنّ النائب طلال إرسلان مقرّب من فرنجية، وقد يدلي بصوته له في الصندوق الرئاسي، كما يدعم فرنجية كلّ من الحزب القومي والبعث. ومن هنا تلفت بعض الأوساط إلى ارتياح لدى فرنجية -صديق الرئيس بشار الأسد- للنزول إلى البرلمان وانتخاب الرئيس، وهو الذي دعا مرّة لذلك حيثُ قال: "لينزل عون إلى المجلس وصحتين على قلب اللي بيربح".

والجدير ذكره أنّ كتلة "لبنان الواحد الموحد" التابعة لفرنجية تضمّ 3 نواب سيصوّتون له إضافةً إلى صوته هو، مع الإشارة إلى أنّ هناك بعض النواب المستقلين الذين لم يعلنوا موقفهم بعد، والذين قد يضعون أوراقاً بيضاء في صناديق الاقتراع.







 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024