رغم «السخونة» التي طبعتْ اليوم الثاني من الجلسة التشريعية لمجلس النواب والتفاعُل الصاخب «عبر القارات» لِما رافَقَ سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى نيويورك، إلا أن الوقائع التي رافقتْ هذين العنوانيْن عكستْ التزام الجميع بالانضباط تحت سقف إبقاء الوضْع اللبناني محكوماً بضرورات «تنظيم» المرحلة الانتقالية بين انتخاباتٍ نيابية أفرزتْ برلماناً بتوازناتٍ جديدة وبين حكومةٍ لم تولد بعد بانتظارِ إيجاد «ترياقٍ» يسمح بالتوفيق بين مراعاة نتائج الانتخابات وبين تَفادي تشكيلةٍ حكومية «كاسِرةٍ للتوازُن» بامتداده الاقليمي ومن شأنها إغضاب المجتمع الدولي.
فقد حمَل اليومُ الأخيرُ من جلسةِ «تشريعِ الضرورة» إشاراتٍ بارزة على مستوييْن:


الأول سياسي - تشريعي - مالي عبّر عنه السجال بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب جميل السيّد خلال التصويت على مشروع قانون يتعلق بتعزيز النظام الصحي في لبنان (هو من ضمن مشاريع مؤتمر سيدر 1)، اذ قال الحريري «أي مشروع لقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات سيستفيد منه النازحون، فما رأيكم ان نوقف البلد لهذا السبب»؟ وحين ردّ السيد: «هذا ابتزاز»، أجابه الرئيس المكلف: «هذا ليس ابتزازاً بل الحقيقة، ومن أول الطريق ساكتين وكل شوي قاعد بتلطوش عشو بدك تلطوش»؟ 


وتابع في إشارة ضمنية الى خلفية موافقته على تشريع الضرورة في ظل حكومة تصريف أعمال: «انا هنا لتشريع البنود المطلوبة في سيدر 1 وإذا كنتم لا تريدون التشريع بهذه البنود، فأنا سأنسحب».
وفيما تدخّل رئيس البرلمان نبيه بري لفض السجال مؤيداً موقف الحريري، كانت المفاجأة بدعْم مماثل من رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد، الذي قال «يا بتمشي هالقروض يا خلينا نفلّ».
ولم يتوانَ الحريري عن توجيه سلسلة رسائل برسْم «الهجمات على حاكم المركزي رياض سلامة وعلى الليرة» معلناً «لسنا في حالة يرثى لها ولدينا مقومات للنهوض وهناك حملة على الليرة والاقتصاد لإحباط اللبنانيين، والبلد مش مفلّس».


والمستوى الثاني سياسي جاء مغلّفاً بمعاهدة ذات طابع عسكري وعكَس عدم قدرة «حزب الله» على «ترجمة» انتصارِه في الانتخابات مع حلفائه بمنْع إقرار مشروع قانون الموافقة على إبرام معاهدة تجارة الأسلحة ونقْلها الذي مرّ رغم اعتراضه.


وفي هذا البند وبعدما سقط طلب نواب «حزب الله» إعادة المشروع الى اللجان، انسحب النائب علي عمار احتجاجاً معتبراً ان المعاهدة تستهدف سلاح المقاومة، فيما أعلن زميله في الكتلة نواف الموسوي «العدو الاسرائيلي شريك في اتفاقية تجارة ونقل الاسلحة ولا مصلحة للبنان بتوقيعها». 


وبعدما تَدخَّل الحريري قائلاً «لا علاقة لاتفاقية معاهدة تجارة الأسلحة ونقلها بسلاح المقاومة، وعلى لبنان توقيعها لانها تصب في مصلحته»، تمّت الموافقة على إبرام المعاهدة بعد التصويت بالمناداة، ومع اعتراضِ نواب «حزب الله» والمردة والقومي والسيد والنواب السنّة المستقلين، فيما امتنعتْ كتلة بري والنائبان حكمت ديب وجورج عطالله (من الكتلة المحسوبة على رئيس الجمهورية).


وفيما كانت الجلسة التشريعية تترافق مع «صرخة مدوّية» للهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام دعت للإسراع بتشكيل الحكومة، مع التحذير من أنّ «الوقت يدهمنا ولن نسكت، فلا تدفعونا للتصعيد»، تتّجه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها عون اليوم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وستركّز على أزمة النازحين السوريين وملف «الاونروا» والإرهاب.


ويأتي ذلك فيما لم تهدأ «عاصفة» الالتباسات التي واكبتْ مغادرة عون بيروت يوم الأحد والكلام على طائرة الاحتياط (التمويه) الثانية وتأخير الرحلة التي كانت متّجهة الى القاهرة وتغيير موعدها فجأة الى المساء رغم وصول الركاب. وقد برز أمس بدء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس تحقيقاته «في معلوماتٍ توافرت لديه عن وجود معطيات عن خرق أمني للأمن الشخصي لرئيس الجمهورية أثناء توجهه الى نيويورك».


وهو زار مطار بيروت واستمع الى عدد من الأمنيين والموظفين المدنيين للتثبت من صحة هذه المعلومات ودقّتها.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024