السقف الزمني المحدد في السيناريو الافتراضي لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية هو 31 اكتوبر الجاري، وثمة محطتان أساسيتان مفترضتان: الأولى إعلان الرئيس سعد الحريري تبنيه رسميا ترشيح عون للرئاسة، وهذا الإعلان سيتم على الأرجح في يوم 20 منه بعدما يكون الحريري عاد من جولته الخارجية الثانية ويكون عون أتم عرض القوة الشعبي في ذكرى 13 الشهر.

بعد إعلان الحريري تأييده انتخاب عون يرتسم واقع سياسي جديد، وتنتقل كرة الرئاسة الى حزب الله الذي ينتظر هذا الإعلان ليبدأ تحركا ضاغطا في اتجاه اتفاق بين الرئيس نبيه بري وعون.

وهذا الاتفاق يستدعي اتصالات بدأها الوزير جبران باسيل وتتوج بزيارة عون الى عين التينة، وقد تليها زيارة الى بنشعي للوقوف على خاطر النائب سليمان فرنجية. ويحكى عن لقاء ثلاثي يضم عون وبري ونصرالله ربما يتحول رباعيا بانضمام فرنجية إليه.

الاستحقاق الرئاسي هذا الشهر محكوم بثلاثة أسئلة:

1- هل يعلن الحريري موقفا رسميا بتبني ترشيح عون أم تحول ظروف وعقبات دون هذا الإعلان؟

2- هل تأييد الحريري عون كاف لوصوله الى قصر بعبدا؟

3- هل المهلة الزمنية الممتدة حتى نهاية الشهر كافية لإنجاز عملية التفاهمات السياسية التي تتم عن طريق حوارات ثنائية بعدما فرط عقد الحوار الوطني ومشروع السلة الواحدة؟

التفاهمات السياسية على مرحلة ما بعد الرئاسة لا تشمل قانون الانتخاب الذي يستلزم توافقا وطنيا ووقتا طويلا. وما تعذر الاتفاق عليه في غضون ثلاث سنوات لن يكون ممكنا في ثلاثة أسابيع. ولذلك تركز هذه التفاهمات على الحكومة الجديدة أولى حكومات العهد التي ستكون برئاسة سعد الحريري. فمعادلة عون الحريري التي ستنبثق عن انتخابات الرئاسة ليست كافية لإرساء وضع مستقر واتفاق على الترتيبات السياسية للمرحلة المقبلة وفي أساسها تركيبة الحكومة وتوازناتها وحصصها وبرنامجها السياسي، إضافة الى التعيينات في المراكز الأساسية والحساسة. وهذا ما يدور عليه التفاوض وتتمحور حوله حركة الاتصالات السياسية هذه الأيام.

ما أعلنه الوزير جبران باسيل عن التوصل الى تفاهم مع تيار المستقبل لم يكن مفاجئا، فقد ضجت الأوساط السياسية بأقاويل و«شائعات» عن اتفاق تفصيلي أبرم بين باسيل ونادر الحريري وشمل تعيين قائد جديد للجيش (شخصية مقبولة من حزب الله وغير مستفزة له) وحاكم جديد لمصرف لبنان، إضافة الى اتفاق على أن يكون البيان الوزاري مطمئنا لحزب الله باعتماد النص نفسه الذي اعتمد في بيان حكومة سلام في موضوع المقاومة، وكذلك تم الاتفاق على أن سلاح حزب الله هو أكبر من لبنان وحله لا يكون إلا جزءا من تسوية إقليمية شاملة، هذا «الاتفاق» الذي أعاد الى الأذهان اتفاقا مماثلا عقده فرنجية مع الحريري في باريس، شكل استفزازا للرئيس نبيه بري الذي ساءه أن تعقد التفاهمات من وراء ظهره، ما اضطره الى التذكير بأن عين التينة و«السلة» هي الممر الإلزامي لانتخاب أي رئيس جمهورية.

ترافق ذلك مع شائعات سياسية أخرى ترددت عن تفاهم جانبي حصل بين معراب والرابية بشأن الحكومة الجديدة وأبرز ما فيه حصول القوات اللبنانية على وزارة سيادية للمرة الأولى، قد تكون وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع. وهذا «التسريب» استفز حزب الله الذي تعاطى جديا مع الأمر وبنى عليه موقفا رافضا لتولي القوات أي حقيبة أمنية.

وأما حقيقة الأمر في التفاهمات التي يحكى عنها بين عون وكل من الحريري وجعجع، فإنها تختصر بالنقاط التالية:

٭ ما تم الاتفاق عليه بين باسيل والحريري «مبادئ سياسات عامة وخطوط عريضة تتعلق بالأمن والاقتصاد وقانون الانتخابات واتفاق الطائف.

ولم ترتق هذه التفاهمات الى مرتبة ومستوى وثيقة التفاهم التي وقعها عون مع حزب الله أو ورقة التفاهم التي أبرمت بين عون وجعجع وأعلنت من معراب.

٭ أي بحث في الحقائب الوزارية لم يحصل بين عون وجعجع. وتحديدا في موضوع وزارتي الداخلية والدفاع خصوصا بعدما بات شبه مؤكد أن الوزير نهاد المشنوق باق وزيرا للداخلية، وأن الحريري يريد وزارتي الداخلية والعدل، وأن العميد شامل روكز سيكون على الأرجح وزيرا للدفاع. ثم من قال إن القوات اللبنانية تريد وزارة أمنية أو عسكرية تضعها على خط تماس وتصادم أو على خط تكيف ومسايرة مع حزب الله.

٭ الوزارات السيادية والأساسية ستقر وفق «سلة واحدة».

فإذا كانت وزارة المال باقية في يد الشيعة والرئيس بري ووزارة الصحة في يد جنبلاط والوزير أبو فاعور ووزارة التربية باقية للتيار والوزير بو صعب، فإن الأنظار تتجه الى وزارة النفط التي ربما تكون جائزة ترضية لفرنجية الذي سيعهد بها الى الوزير السابق بسام يمين. وأما القوات فإنها لم تعد تقبل بوزارة ثانوية أو هامشية (سياحة أو بيئة) وتريد وزارات أساسية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024