الفوضى التي عمت لبنان في اعقاب عدم انصات القوى السياسية لنصيحة الاميركي روبرت مور في العام 1988 بانتخاب النائب (السابق) مخايل الضاهر بايحاء من دمشق، تلوح في افق هذه الايام اقله على المستوى الدستوري، بعدما بات كل فريق سياسي او طائفي يُفسر الدستور اللبناني على طريقته وبما يناسب مصلحته، كما تبدى في موضوع صلاحيات تشكيل الحكومة، وكما يتبدى كل يوم في تحويل مؤسسات الدولة الى اقطاعيات حزبية بأغلفة طائفية مزيفة لاستقطاب بسطاء الناس وما اكثرهم.

في هذا الوقت، الرئيس المكلف سعد الحريري ينتظر جوابا مباشرا من الرئيس ميشال عون على المسودة التي رفعها اليه بعيدا عن الضوضاء الاعلامية، ومصادر التيار الوطني الحر تقول ان الرئيس عون ينتظر استجابة الرئيس الحريري الى ملاحظاته على المسودة التي يتمسك بها الحريري بالحرف والنقطة، فيما الرئيس نبيه بري منشغل بالتحضير للجلسة التشريعية الاستثنائية للمجلس، والتي سيكون عليها معالجة غياب التحديد الدستوري لمهلة تأليف الحكومة استنادا الى رسالة يفترض توجيهها من قبل الرئيس عون.

غير ان مصدرا بارزا في تيار المستقبل رأى ان مثل هذه الرسالة مضيعة للوقت و«لا نعتقد ان الرئيس عون في وارد تضييع وقته»، مشيرا الى ان اقصر الطرق لمعالجة موضوع الحكومة ان يوجه الرئيس عون رسالة الى صهره الوزير جبران باسيل ينصحه فيها بتقديم تنازلات في موضوع الحكومة والكف عن وضع العراقيل امامها.

من جهته، رأى وزير التربية مروان حمادة امس ان لا حكومة في المدى المنظور واكد تمسك الحزب التقدمي الاشتراكي بالوزراء الدروز الثلاثة، وقال ان طائفة الموحدين عصيّة على كل من يحاول ان يضع يده عليها.

بدوره، اشار وزير شؤون النازحين معين المرعبي (المستقبل) الى ان من حق رئيس الجمهورية ان «يتسلى» بموضوع الرسالة الى مجلس النواب من الآن وحتى مئة عام، ولن يبدل الواقع قيد انملة.

ودعا المرعبي الى تطبيق اتفاق الطائف وإلى الغاء الطائفية السياسية، وليأخذ كل فريق حجمه على قاعدة الديموقراطية العددية، مبديا اسفه لأن ربع اللبنانيين ـ في اشارة الى المسيحيين ـ يأخذ نصف وظائف الدولة، عملا بالمناصفة المحصورة بالنواب والوزراء وموظفي الفئة الاولى، بينما يريد الوزير باسيل تطبيق هذا المعيار على موظفي الفئة العاشرة للهيمنة على كل البلد.

في هذا الوقت، تحول الحديث عن تشكيل الحكومة وصلاحية التشكيل الى الجلسة النيابية التشريعية التي يعتزم رئيس المجلس نبيه بري الدعوة اليها قريبا.

بري الذي استعان بعنوان فيلم فاتن حمامة «افواه وارانب» كمسبب لاعاقة تأليف الحكومة، قال انه توافق مع الرئيسين عون والحريري على عقد هذه الجلسة التشريعية للحكومة.

بانتظار ذلك، قرر تيار المستقبل وحلفاؤه تجنب الحديث عن صلاحيات الرئاسات او التطرق للمسائل الطائفية، والتركيز على حماية الدستور واتفاق الطائف، مسجلا على التيار الحر ووسائل اعلامه الانخراط في لعبة حقوق المسيحيين بغية حشر رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع المتجاوز للاغلفة الطائفية التي يتوسلها البعض لتحقيق مصالحه الذاتية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024