اكتملت عدة المبارزة الروسية: اتفاقية التمركز المفتوح في قاعدة حميميم، وتأهب أنظمة «اس 400» و«اس ـ 300»، ووصول السفينة الحربية الروسية «ميراج» خلال ساعات إلى شرق البحر المتوسط، وتهديد بـ «فيتو» في مجلس الأمن الدولي، وسيطرة للجيش السوري على تلة الشيخ سعيد الحيوية التي تفتح أمامه أحياء مثل العامرية والسكري. وإذا لم يكن كل ذلك مريحا، فإن الروس طرحوا معايير حيوية لبالون التسوية التي طرحها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا حول حلب الشرقية.

وليس أدل على العجز الأممي في أحدث خرق مقبول، من الرفض الذي أشهرته «جبهة النصرة» في وجه فكرة دي ميستورا «الانسحاب الآمن» من الشرق الحلبي، ما يعزز خيارات الحسم العسكري الآخذة بالتصاعد على حساب المخارج الملتوية التي تحاول واشنطن تمريرها عبر شعارات «إنسانية» براقة تثير شهية الأميركيين للتشهير بالروس والتلويح في وجوههم بعواقب ارتكاب «جرائم حرب» في سوريا، وهو ما استدعى ردا قاسيا من موسكو.

وفي دلالة إضافية على المشهد الجديد الذي فرضه الروس والسوريون ميدانيا، وتداعياته المحتملة، كشفت صحيفة «إزفيستيا» الرّوسية أن الجيش الإسرائيلي طلب من وزارة الدفاع الرّوسية عقد بروتوكولات ثنائية جديدة وتحديد قواعد للتّعامل في سماء سوريا، بعد نشر منظومة «اس-300». وقال مصدر روسي مطّلع: «في إطار خطّنا الثّنائي السّاخن، طلب منّا الجانب الإسرائيلي تنسيق بروتوكولات جديدة وقواعد للتّعامل مع أجل تحسين الآليّات الرّاهنة المتفق عليها بين وزارتَي الدّفاع الرّوسية والإسرائيليّة منذ بدء عمليّة القوات الجوية الفضائيّة الروسيّة في سوريا»، موضحاً أنّ «الجانب الرّوسي يُعِدُّ، في الوقت الرّاهن، ردّه على الطّلب الإسرائيلي».

وبعدما طرح دي ميستورا فكرة المجيء إلى حلب الشرقية لمرافقة نحو 900 من مسلحي «جبهة النصرة» إلى خارجها، في محاولة على ما يبدو لاستدراج الروس والسوريين إلى فخ هدنة جديدة غير معلومة النتائج، خرج المتحدث باسم «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا) حسام الشافعي ليعلن رفض دعوة دي ميستورا، معتبراً أن الدعوة تأتي تماشياً مع تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد القاضية بإفراغ المدينة من المسلحين. واعتبر الشافعي أن «فتح الشام قوة مجاهدة وأحد أركان القوة العسكرية للثورة السورية، لن تخذل شعبا مسلما يباد».

جاء ذلك في وقت قال فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو مستعدة لدعوة دمشق للموافقة على خروج مسلحي «النصرة» من حلب مع أسلحتهم، مشترطة لذلك انفصال من سيبقى في المدينة عن «النصرة» بشكل رسمي.

وأوضح لافروف أن المسلحين الذين سيبقون في أحياء حلب الشرقية، بعد انسحاب «النصرة»، يجب أن ينفصلوا عن «النصرة» نهائيا، وشدد على ضرورة تسجيل هذا الالتزام على الورق. وتابع: «إذا أراد هؤلاء الخروج مع أسلحتهم، فليذهبوا، ولن تكون هناك أي أسئلة. لكن إن أرادوا البقاء في هذه المدينة، فيجب علينا عقد اتفاق منفصل حول هذه المسألة».

واعتبر الوزير الروسي أن تنصل هؤلاء المسلحين من «النصرة» والتزامهم المكتوب بذلك من شأنهما أن يتيحا لقوات حفظ النظام التابعة لوزارة الداخلية السورية وللمعارضين المسلحين، تشكيل هيئات مشتركة لحفظ النظام، لكي يشعر السكان المحليون بالأمان.

وبشأن اقتراحات دي ميستورا حول الحفاظ على المجلس المحلي الذي يسيطر حاليا على أحياء حلب الشرقية، أكد لافروف استعداد موسكو للعمل مع دمشق لدراسة إمكانية الحفاظ على مؤسسات السلطة المحلية الموجودة في تلك الأحياء، على الرغم من كونها معارضة للحكومة السورية.

وفي هذه الاثناء، هدد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الفرنسي. وقال للصحافيين: «لا يمكن أن أرى كيف يمكن أن ندع هذا القرار يمر»، معتبراً أن المشروع الفرنسي «تمت صياغته على عجل، أعتقد أنه لم يتم إعداده من أجل إحراز تقدم، بل من أجل الدفع نحو فيتو روسي».

وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أكد أن مشروع القرار الفرنسي يتضمن عددا من المواقف غير المقبولة لروسيا، إضافة إلى أنه يسيس الجانب الإنساني بقدر كبير، معتبراً أن القرار بصيغته الراهنة يهدف إلى ممارسة مزيد من الضغط على الحكومة السورية، وبالتالي، موسكو.


 


 


 


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024