مادام لم يعلن الرئيس سعد الحريري تبنيه ترشيح العماد ميشال عون ولم «يشهر»، تأييده لانتخابه رئيسا، ومادام لم يترجم استعداده الى قرار، فإن تحركه سيقف عند هذا الحد ولا يؤدي الى تغيير في الوضع وإلى اختراق في جدار الأزمة الرئاسية، ولا حتى الى تحويل كرة المسؤولية (مسؤولية التعطيل والفراغ) إلى ملعب حزب الله الذي يلتزم اقصى درجات الصمت والترقب ولا يبادر في أي اتجاه ولا يحرك ساكنا رئاسيا الا بعد اعلان الحريري موقفه رسميا وقطعه «الشك باليقين» عندئذ يبنى على الشيء مقتضاه ويكون لكل حادث حديث.

من الملاحظ ان الحريري يخوض تجربته الجديدة باتجاه ترشيح عون بغير الطريقة التي اتبعها عندما رشح النائب سليمان فرنجية، ترشيح فرنجية حصل من دون مقدمات ونزل على حلفائه وجمهوره نزول «الصاعقة» ما تسبب له في اهتزازات ومتاعب وخسائر عمل جاهدا على امتداد اشهر لاحتوائها والحد منها.

اما ترشيح عون فإنه يأتي مسبوقا بحملة مشاورات واتصالات وقائية لحصر الاعتراضات والاضرار في اضيق رقعة، عنصر المفاجأة لا يعد موجودا والجميع يصبح في حال جهوزية سياسية وشعبية للتعاطي مع هذا التطور اذا صار واقعا.

ومن الملاحظ ايضا ان الحريري الذي يأخذ وقته ولا يريد ان يحدث معه في موضوع عون ما حدث في موضوع ترشيح فرنجية، يبدو متريثا وغير مستعجل الى حين التأكد من توافر عناصر النجاح لمبادرته الجديد، وإلى حين جلاء الوضع في مجالات تدفع به الى التريث وهي:

1- الموقف السعودي الذي لا يبدو واضحا وجليا كما كان الحال عليه عند ترشح فرنجية وبالقدر الذي يشجع الحريري على إعلان قراره.

2- موقف الحلفاء وأولهم الرئيس نبيه بري الذي يتحلق حوله عدد من القوى السياسية الوازنة مثل جنبلاط وفرنجية والكتائب وكل معارضي انتخاب عون عند مسيحيي 14 آذار، وموقف بري مازال معترضا بقوة على انتخاب عون ويمتلك الهامش الكافي لترجمة موقفه والمناورة وممارسة الضغوط والشروط والتحرك بين حدين: اسقاط صفقة عون ـ الحريري كحد اقصى، والحصول على الثمن المطلوب كحد ادنى، وهو الثمن الذي حدده في «سلة» اصبحت «تفاهمات».

الحريري يحسب حسابا لعلاقته مع بري «نقطة ضعف» الحريري الذي يصعب عليه احلال ثنائية حزب الله ـ عون محل ثنائية بري ـ جنبلاط في اي شراكة ومعادلة في الحكم، والذي اذا خسر بري وجنبلاط سيجد نفسه بين فكي كماشة في رئاسة حكومة العهد الجديد.

3- الوضع داخل الطائفة السنية غير الناضج وغير الجاهز تماما لـ «رئاسة عون» فإذا كان الحريري قطع شوطا متقدما في احتواء اجواء المعارضة داخل تيار المستقبل ولا مشكلة له مع حزبه وكتلته النيابية، فإن ما يقلقه هو ردة فعل الشارع السني وكيف سيتفاعل مع هذا التطور، خصوصا في ظل تهديدات وتحذيرات اللواء اشرف ريفي والتي يوحي فيها كأن انتخاب عون سيفجر حالة سخط وغضب وانتفاضة شعبية وسيدفع الحريري الثمن غاليا في الانتخابات النيابية المقبلة، مع ان هناك في تيار المستقبل من لا يقيم وزنا لتهديدات ريفي الذي رفع لهجته وشن هجوم استباقي لإخافة الحريري ودفعه الى عدم الاقدام على هذه الخطوة.

بالنسبة للحريري، القرار بتأييد انتخاب عون رئيسا للجمهورية متخذ، المسألة مسألة اخراج وتسويق وتحصين لهذا القرار.. المسألة مسألة وقت.. وتوقيت مناسب.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024