منذ 5 سنوات | ثقافة / سيّدي

لطالما قدمت لنا الروايات الأدبية والأفلام الدرامية الشخصيات المرعبة مثل فرانكنشتاين والدكتور جيكل والسيد هايد، وحتى دراكولا مصاص الدماء الذين كانوا عبارة عن كوابيس حقيقية تداهم الكتاب والمؤلفين في منامهم كل ليلة تقريباً.

ولقد جعل نجاح تلك الشخصيات واكتسابها شعبية كبيرة وتحولها إلى أيقونات درامية وفنية خالدة في أذهان الجميع أطباء علم النفس إلى دراسة كيف ترجم مخترعو تلك الشخصيات الكوابيس التي كانت تراودهم وحولوها إلى أعمال فنية حققت نجاحاً باهراً بتلك الطريقة .

ولقد توصل المتخصصون بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس المستمرة وبشكل متواصل يتمتعون بعقول أكثر إبداعاً وحيوية بالمقارنة مع الإشخاص الطبيعيين، ولكن ولكي نفهم كيف تؤثر الكوابيس على الإبداع علينا أولاً أن نفهم ما هو الكابوس بالضبط، وهذا ما ستعرفه من خلال التقرير التالي.

1- متى نعتبر الأحلام السيئة كوابيس؟

يظن الكثرون أن الكوابيس هي رؤيتهم لأحلام سيئة وأمور غير مفهومة لعناصر أو أشياء يشعرون بالخوف منها في الحياة الطبيعية، ولكن الأمور في الطب النفسي ليست بتلك البساطة، ففي الحقيقة ما يعتبره معظمنا كوابيس هو في الواقع نوبات فزع ليلية طبيعية وليست كوابيس وحتى في  بعض الليالي أثناء طفولتك أو حتى في الوقت الحالي ربما قد تكون لاحظت أنك في الكثير من الأحيان تشعر بأنك قد راودتك أحلام سيئة للغاية، وقد تخبرك عائلتك بأنك كنت تصرخ أو تبكي أثناء نومك، ولكنك في الحقيقة  لم تشعر بذلك ولا حتى  تتذكر تحديداً ما الذي حلمت به؛ لأن تلك الأحلام ببساطة ليست بكوابيس بل مجرد أمور عادية ناتجة عن تغيير في نمط النوم أو المعاناة من اضطرابات النوم أو حتى بسبب تناول الطعام الدسم مباشرةً قبل النوم.

فالكوابيس وفق علم النفس أخطر من ذلك بكثير وتأثيرها يمتد بعد اليقظة من عدة دقائق إلى أيام وأسابيع وأشهر، كما أنها من المستحيل أن تُنسى فهي تظل عالقة في ذاكرة الإنسان ربما إلى الأبد بسبب فظاعتها.

2- ما هو الرابط بين الكوابيس والإبداع؟ 

بعكس الأحلام السيئة المتواصلة التي يحلم بها الكثير من البشر بشكل مستمر يعتقد متخصصو علم النفس أن الكوابيس المرتبطة بحالات الإبداع نادرة الحدوث حيث إن 85% من الأمريكيين لا يحلمون بالكوابيس سوى مرة واحدة أو مرتين فقط خلال العام .

ولكن وبشكل عام هناك عدة طرق تعزز فيها الكوابيس من الطاقات والقدرات الإبداعية للمصابين بها ولعل من أهمها:

- تبقى في الذاكرة

كما ذكرنا من قبل الكوابيس ليست مثل الأحلام السيئة فهي لا تُمحى من الذاكرة، ومن المستحيل نسيانها عند الاستيقاظ وتظل تلاحق صاحبها لفترات طويلة.

ولتوضيح الصورة أكثر فإن ماري شيلي مخترعة شخصية فرانكنشتاين المرعبة أشارت في كتابها إلى أن تلك الشخصية كانت تلازمها في معظم الأيام بمجرد وضع رأسها على الوسادة، ومحاولتها الحصول على بعض الساعات من النوم وعند استيقاظها وفي كل الأوقات تقريباً حتى نجحت أخيراً في تحويل ما تراه إلى شخصية واقعية أصبحت من أشهر شخصيات الرعب في العالم .

- تفكير غير عادي

كشفت دراسة كندية أن الأشخاص الذين عانوا من كوابيس منتظمة (ما يصل إلى 2 في الأسبوع) يُظهرون نمطاً غير عادي من التفكير؛ فخلال الدراسة التي  اعتمدت الحصول على معانٍ وتصورات أول ما يفكر فيه الأشخاص عند سماع كلمات مثل الرعب والغضب والحزن من مجموعتين احتوت الأولى على الأشخاص الطبيعيين، بينما احتوت الثانية على نظرائهم الذين يعانون من الكوابيس المتكررة بشكل كثيف وجد القائمون على الدراسة أن المجموعة الثانية التي احتوت على الأشخاص الذين يعانون من الكوابيس بشكل متكرر أكثر إبداعاً بشكل واضح وفوارق متسعة في وضع تصوراتهم حول الكلمات من نظرائهم من المجموعة الأولى .

- أكثر عاطفة 

وفقاً لدراسة تم نشرها عام 2013 فإن هناك رابطاً وثيقاً وقوياً للغاية بين الإبداع والعاطفة، فلقد أظهرت نتائج الدراسة أن المصابين بالكوابيس عاطفيون للغاية وأكثر إظهاراً لمشاعرهم وأكثر إيجابية والتزاماً تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم من الأشخاص الطبيعيين .

ولقد خلُصت الدراسة إلى أن‬‎ قوة الإبداع وارتفاع مستواه له تأثير كبيرة على جعل المصابين بالكوابيس أقرب إلى المثالية الاجتماعية وأعلى وعياً وإبداعاً من نظرائهم الطبيعيين .


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024