منذ 5 سنوات | فن ومشاهير / البوابة



أعلنت مصر تدشين جائزة عالمية باسم الروائي الراحل – الحائز على نوبل للآداب- نجيب محفوظ، في حين جرى إعلان أسماء الفائزين بجائزة النيل.

ووافق المجلس الأعلى للثقافة بمصر (رسمي) على اقتراح تقدمت به وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم بتحويل جائزة نجيب محفوظ (محلية) إلى جائزة عالمية في الإبداع.
وأوضح المجلس في وقت متأخر أول من أمس، أنه ستجري زيادة قيمة الجائزة المالية وتوسيع نطاق الترشح والاعتماد على لجان تحكيم من داخل مصر وخارجها، دون تفاصيل أكثر.
وكان المجلس الأعلى للثقافة يمنح جائزة سنوية باسم محفوظ حتى العام 1999 ثم توقفت.
وفي آب (أغسطس) 2017 عادت الجائزة بعد توقف 18 عاما ورفع المجلس قيمتها المالية من 25 ألف جنيه (نحو 1400 دولار) إلى أربعين ألف جنيه (نحو 2300 دولار) آنذاك.
في الأثناء أعلن المجلس الأعلى للثقافة في مصر أمس الثلاثاء جائزة النيل بفروعها الثلاثة في الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية، وهي أرفع جائزة مصرية بهذه المجالات مضافا إليها جائزة النيل للمبدعين العرب التي استحدثت هذا العام لأول مرة.
وفي فرع الآداب فاز بالجائزة الناقد صلاح فضل، وفي فرع الفنون فاز الفنان التشكيلي مصطفى الرزاز، وفي فرع العلوم الاجتماعية فاز المفكر والفيلسوف مراد وهبة، في حين ذهبت في فرع المبدعين العرب إلى الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي.
وتبلغ قيمة الجائزة في كل فرع خمسمائة ألف جنيه (نحو 28 ألف دولار) إضافة إلى ميدالية ذهبية.
ونجيب محفوظ ولد في 11 كانون الأول (ديسمبر) 1911، وتوفي في 30 آب (أغسطس) 2006، روائي مصري، وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب في العام 1988. كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها سيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله: الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أدب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، فإن مواضيعا وجودية تظهر فيه. ومحفوظ أكثر أديبٍ عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون.
وُلد في حي الجمالية بالقاهرة. وكان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سناً إليه كان عشر سنواتٍ فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد. كان عمره 7 أعوامٍ حين قامت ثورة 1919 التي أثرت فيه وتذكرها فيما بعد في بين القصرين أول أجزاء ثلاثيته.
التحق بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، وشرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب. انضم إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيراً برلمانياً في وزارة الأوقاف (1938 – 1945)، ثم مديراً لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتى 1954. وعمل بعدها مديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديراً للرقابة على المصنفات الفنية. وفي 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون. آخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (1966 – 1971)، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام.
بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة. في 1939، نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر كفاح طيبة ورادوبيس منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة. وبدءا من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية القاهرة الجديدة، ثم خان الخليلي وزقاق المدق. جرب نجيب محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية وثلاثية القاهرة. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته الشحاذ، وأولاد حارتنا التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله. كما اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في روايته (الحرافيش، ليالي ألف ليلة) وكتابة البوح الصوفي والأحلام كما في عمليه “أصداء السيرة الذاتية، أحلام فترة النقاهة” واللذين اتسما بالتكثيف الشعري وتفجير اللغة والعالم، وتعتبر مؤلّفات محفوظ من ناحية بمثابة مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها تدويناً معاصراً لهم الوجود الإنساني ووضعية الإنسان في العالم الحديث، كما أنها تعكس رؤية المثقّفين على اختلاف ميولهم إلى السلطة.
توقف نجيب محفوظ عن الكتابة بعد الثلاثية، ودخل في حالة صمت أدبي، انتقل خلاله من الواقعية الاجتماعية إلى الواقعية الرمزية. ثم بدأ نشر روايته الجديدة أولاد حارتنا في جريدة الأهرام في 1959. وفيها استسلم نجيب لغواية استعمال الحكايات الكبري من تاريخ الإنسانية في قراءة اللحظة السياسية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة ليطرح سؤالا على رجال الثورة عن الطريق الذي يرغبون في السير فيه (طريق الفتوات أم طريق الحرافيش؟). وأثارت الرواية ردود أفعالٍ قوية تسببت في وقف نشرها والتوجيه بعدم نشرها كاملة في مصر، رغم صدورها في 1967 عن دار الآداب اللبنانية. جاءت ردود الفعل القوية من التفسيرات المباشرة للرموز الدينية في الرواية، وشخصياتها أمثال: الجبلاوي، أدهم، إدريس، جبل، رفاعة، قاسم، وعرفة. وشكل موت الجبلاوي فيها صدمة عقائدية لكثير من الأطراف الدينية.
أولاد حارتنا واحدة من أربع رواياتٍ تسببت في فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، كما أنها كانت السبب المباشر في التحريض على محاولة اغتياله. وبعدها لم يتخل تماماً عن واقعيته الرمزية، فنشر ملحمة الحرافيش في 1977، بعد عشر سنواتٍ من نشر أولاد حارتنا كاملة.
مع أنه بدأ الكتابة في وقتٍ مبكر، إلا أن نجيب محفوظ لم يلق اهتماماً حتى قرب نهاية الخمسينيات، فظل مُتجاهلاً من قبل النُقاد لما يُقارب خمسة عشر عاماً قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد، رغم ذلك، كتب سيد قطب عنه في مجلة الرسالة في 1944، وكان أول ناقد يتحدث عن رواية القاهرة الجديدة، واختلف مع صلاح الدين ذهني بسبب رواية كفاح طيبة. وكتب عنه محمد الجوادي في ظلال السياسة: نجيب محفوظ الروائي بين المثالية والواقعية وهو دراسة أدبية نقدية تحليلية.
في تشرين الأول (أكتوبر) 1995 طُعن نجيب محفوظ في عنقه على يد شابين قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل. الجدير بالذكر هنا أن طبيعة نجيب محفوظ الهادئه كان لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة مصرية لسنوات عديدة، حيث كان قد ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي “الممثل الشخصي للرئيس الراحل جمال عبد الناصر” بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر. فطُبعت الرواية في لبنان من إصدار دار الاداب العام 1962، ومنع دخولها إلى مصر رغم أن نسخا مهربة منها وجدت طريقها إلى الأسواق المصرية. لم يمت نجيب محفوظ كنتيجة للمحاولة، وفيما بعد أُعدم الشابان المشتركان في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنه لم يُعدما. وخلال إقامته الطويلة في المستشفى زاره محمد الغزالي الذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين وهي زيارة تسببت في هجوم شديد من جانب بعض المتشددين على أبو الفتوح.
تُوفي نجيب محفوظ في بدايه 29 آب (أغسطس) 2006 عن عمر ناهز 95 عاما إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين. وكان قبلها قد دخل المستشفى في العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024