كخلية نحل وفي أجواء حماسية لافتة يستعد نحو 24 طالباً من «مؤسسة الكفاءات» (لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة)، لتقديم مسرحية «هلأ وقتا» في 30 يونيو (حزيران) الجاري على مسرح «شاتو تريانو» في انطلياس. فبلفتة تعد الأولى من نوعها في لبنان قررت إدارة المؤسسة المذكورة أن تتيح لعدد من طلابها الذين يؤلفون مجتمعين فريقا فنيا أطلق عليه اسم «نجوم الكفاءات» فرصة الوقوف على خشبة مسرح حقيقية أمام جمهور واسع سيصفق لمواهبهم الفنية رغم إصابتهم بالشلل الدماغي والتخلف العقلي وصعوبة في النطق.

فهذا الفريق الذي يعدّ بالأصل نحو 40 طالبا كان سبق وقدم مسرحيات للرحابنة وبينها «الشخص» و«بياع الخواتم» و«هالة والملك» وغيرها داخل مركز المؤسسة، وهي المرة الأولى التي يخرجون فيها إلى عالم الفن الحقيقي من خلال مسرحية كوميدية للفنان جورج خباز الذي استمر يعرضها على خشبة «تريانو» (في انطلياس) في العام الفائت لـ6 أشهر متتالية.

والمعروف أن خباز اشتهر بمسرحياته ذات القالب الكوميدي والتي بحبكتها البسيطة وإيقاعها السريع ورسائلها السياسية والاجتماعية المباشرة وغيرها، توّجته واحد من رواد هذا الفن الذي قلما نصادفه في لبنان. «عندما اتصلت بي المؤسسة تطلب مني الإذن لعرض مسرحيتي مع (نجوم الكفاءات) الذين سيؤدون دور الممثلين فيها على طريقة (بلاي باك) نظرا لصعوبات في النطق والحركة لديهم، شعرت بالفخر لا سيما أنني أجد في العمل المسرحي نوعا من العلاج النفسي الذي يعزز الثقة بالنفس لدى المشاركين فيه ويزودهم بقدرات وطاقات فكرية. وهو الأمر الذي سيطبق على هؤلاء الطلاب فيمدهم بالقوة والاستمرارية لمواجهة أوضاعهم الصعبة». يقول المسرحي جورج خباز خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «لقد آن الأوان لأن يتخلص أصحاب الاحتياجات الخاصة من منطق التهميش الذي يحيط بهم والذي يدفعهم إلى الانزواء والإحساس بالاختلاف عن غيرهم».

استغرق التحضير لهذا العمل الفني الذي يصفه خباز بأنه من أنجح أعماله المسرحية الكوميدية نحو 90 يوما، ولا تزال تجري التمرينات عليه حتى اليوم من قبل الطلاب وتتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 عاما. وتشير رلي عنداري المشرفة على الأداء المسرحي للطلاب إلى أن ريع هذا العمل يعود إلى مسرح «مؤسسة الكفاءات» لتحسين أوضاعه وتطويره. «إن هدفنا الرئيس من تقديم هذا العمل هو إظهار قدرة الطلاب على ممارسة الاختلاف المتميز تجاه الآخر. فصحيح أنهم يعانون من احتياجات عدة إلا أنهم فنانون بكل ما للكلمة من معنى». تؤكد عنداري في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط».

وتحكي المسرحية قصة جنود مكلفين بحراسة قلعة أثرية منذ سنين طويلة، وفي أحد الأيام يعلمهم الضابط المسؤول عنهم بأن فنانة استعراضية مشهورة ستزورهم، وأن لديهم فترة أسبوع واحد للتحضر لهذا الحدث مع فريق من المصورين جاء خصيصا لهذا الهدف. فتبدأ مجريات مسرحية يتخللها الانتقاد السياسي والاجتماعي ضمن حبكة تظهر التناقض ما بين أشخاص لا يعرفون سوى بقعة الأرض التي يحرسونها وفنانة مهووسة بالفن. وتؤكد عنداري أن الطلاب متحمسين جدا لفكرة تقديم هذا العمل على مسرح حقيقي، وبأنهم لو كانوا يملكون القدرة على لعب أدوار ممثليها مباشرة لما تأخروا عن ذلك إذ حفظوا نصها ظهرا عن قلب؛ نظرا لإعجابهم الكبير بالفنان جورج خباز. ويشير هذا الأخير إلى أن من شأن هذه الخطوة التي تقوم بها مؤسسة الكفاءات أن تفتح الباب أمام مؤسسات ومدارس أخرى لإدخال المواد الفنية على مناهجها الدراسية. 

ومن ناحية ثانية، يشارك الفنان جورج خباز هذا العام في مهرجانات بعلبك الدولية التي تقدم ولأول مرة على خشبتها حسب ما ذكر لنا عمل مسرحي كوميدي موسيقي بعنوان «إلا إذا». ويوضح: «سأقدم في المناسبة أغنية خاصة بمدينة بعلبك بعنوان (يا بعلبك العز) تكون بمثابة تحية تكريمية لها، كما سيرافقني على المسرح، إضافة إلى الممثلين أوركسترا تعزف مباشرة بمشاركة نحو 50 موسيقيا بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي و20 راقصا تدربوا بمعية خالد البنوش مؤلفين بذلك مسرحية كوميدية موسيقية (comedie musicale) من الطراز الأول بعد أن أجريت بعض التغييرات على حوارات ليست أساسية فيها كي تناسب مكانة الموقع الأثري الذي نقدم على خشبته هذا العمل». ويذكر أن مسرحية «إلا إذا» لجورج خباز استمر عرضها هذا العام لستة أشهر متتالية؛ نظرا للنجاح الكبير الذي حصدته. وكان جورج خباز قد خصّ طلاب «نجوم الكفاءات» بإعلان مصور من كتابته يدعو فيه اللبنانيين لحضور هذا العمل الذي يقدم لأمسية واحدة فقط في 30 الجاري على مسرح «شاتو تريانو» في انطلياس غرب بيروت.








أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024