تستمر الاتصالات في الكواليس لإيجاد تصور أولي، يشكل انطلاقة فعلية لرسم معالم الحكومة الجدية التي يتولاها زعيم تيار “المستقبل” الرئيس المكلف سعد الحريري الموجود في السعودية، حيث من المنتظر أن تكون له بالتوازي، مجموعة لقاءات مع القوى السياسية لتسهيل ولادة حكومته في وقت قريب، رغم أن القريبين منه لا يتوقعون ذلك، كما أبلغوا “السياسة”، لأن حجم المطالب كبير، وبالتالي فإن الأمور تحتاج إلى وقت غير محدد بعد، لإنضاج الأمور ووضع التأليف على السكة، مشيرين إلى أن رفع سقف الشروط يتطلب جولات من المفاوضات لن يتم حسمها بسهولة.
وأشارت المعلومات المتوافرة لـ”السياسة”، إلى أن الرئيس المكلف ليس بوارد عزل أي طرف، لا بل إنه حريص على أن تتمثل الكتل النيابية في التشكيلة الجديدة، لافتة إلى أن أحداً لا يريد استهداف حزب “القوات اللبنانية”، ولا غيره من القوى السياسية التي حققت نتائج إيجابية في الانتخابات النيابية، لكن بالتأكيد لن يكون بمقدور الرئيس الحريري تلبية مطالب القوى السياسية جميعها.
وأوضحت أن الحكومة العتيدة مرجحة أن تكون ثلاثينية، في إطار تشكيلة وحدة وطنية، كفريق عمل يتابع تنفيذ البرامج التي بدأتها الحكومة السابق، وفي مقدمها ما يتصل بمؤتمر “سيدر”، وقضية النازحين وتسليح الجيش، إضافة إلى وضع الستراتيجية الدفاعية على الطاولة مجدداً، من خلال الحوار الذي سيدعو إليه رئيس الجمهورية ميشال عون.
وقد أكدت مصادر بارزة في حزب القوات اللبنانية لـ”السياسة”، أن “محاولات من جانب الوزير جبران باسيل، لإحراج القوات، سعياً لإخراجها من المعادلة الحكومية، لكن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل، لأن القوات ستكون لاعباً أساسياً في التركيبة الحكومية الجديدة، بالنظر إلى حجمها التمثيلي الذي أظهرته في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبالتالي فإن حصتها الوزارية ستكون مساوية لحصة التيار العوني”.
وفي هذا السياق، قال نائب “حزب الله” الوليد سكرية، إن “الرئيس الحريري لا يستطيع الخروج من السعودية والسعودية لا تستطيع الخروج منه”، مضيفاً إن “الحريري لا يستطيع كسر الجرة مع المقاومة”، متسائلاً “هل نحمي لبنان بالخرزة الزرقاء ام بالمقاومة؟”.
ومع زيادة الحديث عن تشكيل حكومة وفاق وطني تضم معظم القوى السياسية، وإمكانية مشاركة حزب “الكتائب” فيها، أوضح عضو المكتب السياسي في الحزب النائب السابق إيلي ماروني في تصريح لـ”السياسة”، أنه لغاية تاريخه ليس هناك من حديث جدي بهذا الإطار، فالجلسة الأولى مع الرئيس المكلف سعد الحريري كانت بإطار الإستشارات، على أمل أن تعقبها لقاءات لاحقة بعد عودة الحريري من السفر. وفي ضوء المحادثات التي ترافق تشكيل الحكومة والتوازنات التي قد تنشأ بداخلها يصبح الحديث جدي أكثر، ويتقرر ما اذا كانت الكتائب ستشارك في الحكومة أم لا.
وفي قراءته لمجريات الإتصالات الدائرة بهذا الخصوص، رأى ماروني أنها تسير بإتجاهين: تصريحات الوزير جبران باسيل من جهة، والتي بدأت تخلق عقبات بخصوص مشاركة القوات اللبنانية في الحكومة، بسبب عدم إعترافه بوجود الآخر، وهو بذلك يعرقل عملية التشكيل، بحيث أنه إذا ما استعرضنا كل التطورات التي حصلت من جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية الى اليوم، يتبين من جهة ثانية، أن هناك شخصا معينا يريد الهيمنة على كل شيىء. وقد تتجه الأمور الى تشكيل حكومة أكثرية كما قال رئيس الجمهورية، طالما لم يعد هناك مصلحة للوطن، بعد أن أصبح التقاسم والتحاصص سيدي الموقف، ما يعني أن مسألة التأليف قد تطول. وفي النهاية يبقى القرار عند الرؤساء الثلاثة ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري بتشكيل الحكومة، حيث بإمكانهم أن يشكلوا حكومة أكثرية، وقد ألمح الى ذلك نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي بعد لقائه الرئيس المكلف، فهو لم يستبعد خلق معارضة جديدة، وكأنه يسلم بالاتجاه الى حكومة أكثرية، وإنّ منطق حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف دونه عراقيل كثرة نتمنى تجاوزها. وقال “المؤسف أنه ولا مرة منذ العام 2005 كان هناك خلاف على مشروع وطني. كل الإشكالات التي كانت تحصل ناتجة عن حجم الحصص والمحاصصة”.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024