منذ 6 سنوات | رياضة / القدس العربي

أصبح المصري محمد صلاح، بالتوازي مع أدائه اللافت مع ناديه ليفربول الانكليزي، محط أنظار في بلاده حيث يحاول الكل الاستفادة من لاعب شاب بات وجها دوليا لامعا.

في القاهرة، لا تخفي السلطات رغبتها في الاستفادة من نجوميته. وعلى رغم حرص اللاعب البالغ 25 عاما على الابتعاد عن السياسة، لم يتردد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في وصفه بأنه «رمز القوة الناعمة لمصر». وأتى تصريح المسؤول المصري عبر «تويتر»، بعد الأداء المبهر لصلاح في ذهاب الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي ضد ناديه السابق روما، حين سجل هدفين ومرر كرتين حاسمتين، ليقود «الحمر» الى الفوز 5-2، واكتساب أفضلية كبيرة لبلوغ المباراة النهائية، قبل مباراة الاياب في العاصمة الايطالية اليوم. ولم يقتصر التنويه بصلاح على المتحدث باسم الخارجية، بل وصل أيضا الى تعبير الرئيس عبدالفتاح السيسي عن «فخره» بصلاح و»بكل مصري يرفع اسم مصر عاليا»، في أعقاب مباراة الأسبوع الماضي.

وفي بلد تدهورت صورته منذ ثورة 2011 وما تلاها من اضطرابات سياسية واقتصادية، تعد نجاحات صلاح فرصة ذهبية. ويقول مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس باسكال بونيفاس: «عندما يتمكن رياضي بهذا المستوى من ان يخترق الجدار الإعلامي ويصبح وجها دوليا، فإن هذا ينعكس بالضرورة على بلده الأصلي». 

واكتسب صلاح، إبن قرية نجريج بدلتا النيل، شهرة كبيرة منذ وصوله الى بريطانيا الصيف الماضي من روما في صفقة وصلت قيمتها الى 42 مليون يورو، إضافة الى ثمانية ملايين من الحوافز والمكافآت. وبرز صلاح بشكل لافت، اذ يتصدر هدافي الدوري الانكليزي، واختير أفضل لاعب فيه هذا الموسم حسب تصويت اللاعبين. ودفع أداؤه بالعديد من المعلقين الى الحديث عن انه بات منافسا جديا هذا الموسم على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، والتي يهيمن عليها الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو منذ عشرة أعوام. وأتى تتويجه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الانكليزي، بعد أشهر من اختياره في كانون الثاني الماضي كأفضل لاعب افريقي لعام 2016. 

وإضافة الى أدائه على صعيد الأندية، ساهم صلاح بشكل أساسي في تأهل المنتخب المصري الى نهائيات كأس العالم في روسيا، للمرة الأولى منذ 28 عاما. وفي ظل كل هذه النجاحات، يبقى بونيفاس الذي أصدر مؤلفات عن الجغرافيا السياسية للرياضة، مشككا في مدى نجاح محاولات الاستفادة سياسيا «على الصعيد الدولي» من صلاح، فهي، برأيه، محاولة «مكشوفة للغاية» وشبيهة بوسائل الدعاية القديمة التي عفى عنها الزمن.

وفي المقابل، يمكن لنجاح النجم ان يكون له مردود ايجابي على «الشعور بالذات الوطنية»، حسب بونيفاس. وفي مصر، تصعب منافسة الرئيس السيسي في ما يتعلق بانتشار الصور، لا سيما في 2018، العام الذي شهد إعادة انتخابه لولاية جديدة. الا ان صلاح يحضر في كل مناحي حياة المصريين اليومية: لافتات دعائية ضخمة، شاشات التلفزيون، والصفحات الأولى للصحف.

وحيدا أو الى جوار زملائه، بات صلاح وجها إعلانيا للمشروبات الغازية، لأحد المصارف، أو لإحدى شركات الهواتف المحمولة.

وعلى الصعيد «الرسمي»، يساند صلاح حملة وزارة التضامن الاجتماعي لمكافحة المخدرات بعنوان «انت اقوى من المخدرات»، ويظهر في فيديو تبثه محطات التلفزيون المحلية لتحذير الشباب من هذه الآفة. وحسب الوزارة، أدى فيديو صلاح الى زيادة كبيرة في عدد المكالمات للجهاز المسؤول على المساعدة على الاقلاع عن المخدرات. وحسب الخبير في مركز الأهرام للدراسات الأستراتيجية جمال عبدالجواد، فإن محاولة تحويل نجم كبير الى رمز للقوة الناعمة ليس جديدا في مصر. وتبقى «كوكب الشرق» أم كلثوم، «أكبر رمز لقوة مصر الناعمة» بعد أربعة عقود على رحيلها، بحسب عبدالجواد الذي يرى انه قبل كرة القدم، «كان الفن هو المجال الأساسي للقوة الناعمة المصرية». لكن بسبب الرهانات الكبيرة على نجم ليفربول، فإن شهرته يمكن ان تؤدي كذلك الى خلافات، ومنها الأزمة التي نشبت في الأيام الماضية مع الاتحاد المصري لكرة القدم على خلفية سوء استخدام حقوق الصورة العائدة له. 

وتعد إحدى أبرز نقاط الخلاف، استخدام صورة صلاح على الطائرة العائدة للمنتخب، والى جوارها العلامة التجارية لشركة الاتصالات «وي» الراعية للمنتخب، وهي شركة منافسة لـ«فودافون» الراعي الشخصي لصلاح.

وبعدما خرج صلاح عن صمته الأحد في القضية، واعتبر ان ما يحصل يمثل «إهانة كبيرة جدا» له، بدا ان الأزمة سلكت طريق الحل بحسب تأكيد مسؤولين مصريين واللاعب الذي لم يفته ان يشكر المشجعين الذين جعلوا من وسم «#ادعم_محمد_صلاح» الأكثر انتشارا عالميا على «تويتر» الأحد.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024