منذ 7 سنوات | حول العالم / Huffington Post

"يرقص كالفراشة ويلدغ كالنحلة"؛ كان هذا هو الوصف الدقيق لأسطورة الملاكمة الراحل محمد علي. هذه الصورة الشعرية التي رسمها كلاي بطريقته في الأداء ربما كانت الأنسب لقراءة تجربة الملاكم المصري - الإيطالي عمر حسن.

حسن استبدل ملاكمة المحترفين بفن التصوير الزيتي بعلب الطلاء والقماش بعد أن أصيب بمرض السكري، والذي أجبره على التخلي عن الرياضة التنافسية التي تفوق فيها وحقق البطولات، والدخول في مجال الفن بلكمات ترقص لوناً في لوحات تتلقى الضربات.

يقول عمر حسن لـ "هافينغتون بوست عربي" إن "الملاكمة هي الاستعارة الحقيقية للحياة وأعمالي مستوحاة من تجارب الحياة. كل شيء يمكن أن يكون مصدر إلهام: الطبيعة، الناس، الحيوانات، الكتب، السفر، المشاعر المختلفة، وأنا أحاول أن أرى كل شيء بطريقة مختلفة مع كثير من الحساسية".

ودخل حسن عالم الفن بمجموعة من اللوحات التي تبدو أقرب للحركة الفنية الدادائية - التي نشأت في أعقاب الحرب العالمية الأولى كاحتجاج فني على الحرب العبثية التي راح ضحيتها 10 ملايين إنسان -.

ربما لجأ حسن إلى هذه الطريق كاحتجاجٍ نفسيٍ على إصابته التي أخرجته من الحلبة، فراح يغمس قفازاته في الطلاء و"يَلْكُمُ" اللوحات.

لوحات الرياضي المصري - الإيطالي خرجت من حلبة مرضه وفنه لتثير ضجيجاً فنياً في أنحاء العالم، من معارض فنية في إيطاليا، إلى شوارع لندن، إلى معرض روزنباوم المعاصر في ميامي الأميركية.

رسالة سلام "عنيفة"



2

حسن المولود لأم إيطالية وأب مصري، يبلغ من العمر 29 عاماً، وتعتبر أعماله الفنية المتميزة - بحسب نقاد الفن التشكيلي - ترجمة لتمازج الثقافات، فأصوله المختلطة أفرزت تلك الصور الفنية الفريدة يهدف لمحو الصورة النمطية السلبية للملاكمة كنوع من الرياضات العنيفة.

ومن شاهد فيلم "الملاكم" للنجم دانيال دي لويس ومن إخراج جيم شرايدن، سيتفهم تماماً طموح الفنان مصري الجذور المولود في ميلان، إلى تحويل ما تعرف بالضرورة كرياضة عنيفة إلى رسالة للسلام، من خلال ربطها بالفن. فالفيلم الشهير قدم صورة فنية للسلام لآيرلندا المنقسمة بسبب الطائفية، عبر لعبة الملاكمة وعبر ملاكم يحاول جمع الشعب على كلمة واحدة.

يقول حسن، "أعلم أن الملاكمة قد تبدو رياضة عنيفة، حيث يقوم رجلان بكيل الضربات لبعضهما البعض وسط حلبة صراع، وصراخ متعصبين لتلك الرياضة.. لكني أرى في تلك الرياضة نوعاً من الانضباط يعلمنا أن نصبح رجالاً".

هذا الانضباط - كما يشرح حسن - هو صورة مجازية "واقعية" جداً للحياة "لأنه في واقع الحياة كثيراً ما تجد نفسك وحدك وعليك أن تقاتل لتعيش وتنجو. ومثلما في الحلبة قد يكون لديك بضعة دقائق من الراحة وبعدها عليك أن تقاتل مرة أخرى، تسقط أحياناً، ولكن عليك أن تقوم لتقاتل من جديد. هذا هو المعنى الحقيقي للحياة".

الاختراق



3

اعتاد عمر حسن ممارسة الملاكمة كمهنة وتعني الكثير بالنسبة له، ربما لهذا كان من الصعب أن يستبعدها تماماً من حياته واختار أن يحتفل بهذا الجزء من حياته عن طريق الفن.

سلسلة الأعمال الفنية التي أطلق عليها الملاكم الفنان اسم "الاختراق" لم تأت فكرتها عن طريق الخطأ أو المصادفة، بل هي - كما يصفها - نموذج لعرض مادي جداً للقوة والغضب والطاقة الشافية.

وعن بداياته يقول حسن، "بدأت الملاكمة عندما كنت في سن المراهقة. وقد كانت طريقتي في السيطرة على شخصيتي الحماسية النارية. لكني اضطررت إلى التخلي عن ملاكمة المحترفين وإغراء الرياضة التنافسية عندما أصبت بمرض السكري، تشخيص جعلني غير مؤهل لتلك اللعبة بحسب قواعد الصحة والسلامة".

ومع ذلك فسلسلة لوحات "الاختراق" ليست مجرد محاولة ملاكم أن يجد عملاً بديلاً أو يصبح فناناً، "ليس هذا هو الحال. فمن خلال هذا العمل الأدائي، أردت أن أحتفي بمفهوم الملاكمة الحقيقي وأقدم لفتة التصوير بشكل عفوي مع تأثير قوي".

ولا يحب حسن أن يُنظر إلى فنه الغريب الذي يمزج بين الأداء الجسدي والتشكيل على أنه أداء مسرحي يتم التدريب عليه، فقد كان هدفه خلق حلقة وصل بين الجسد، واللوحة، وتلك الحركات النبيلة للملاكمة.

وربما يتبادر إلى الذهن سؤال: هل يتصور حسن منافساً أو غريماً أو عدواً من نوع ما وهو يكيل اللكمات اللونية للوحة أمامه؟! لكنه يقول إنه لا يوجد عدو ولا منافس معه في رياضته الفنية الجديدة، "فقط أنا وأفكاري، والحقيقة أنني ألكم الألوان وليس اللوحة نفسها".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024