بالتزامن مع تصاعد الجدل في تركيا حول طرح الرئيس رجب طيب أردوغان إعادة تجريم «الزنا» في تركيا، تبحث لجنة حكومية شكلت أخيرا فرض عقوبة «الخصي الكيميائي» في محاولة لردع الاعتداءات الجنسية على الأطفال التي تفاعلت في الأسابيع السابقة، عقب عدة اعتداءات جنسية استهدفت أطفالا في البلاد.

وفي العاشر من الشهر الجاري، هزت البلاد واقعة اعتداء جنسي من قبل شاب في الثلاثينيات من عمره على طفلة لم تتجاوز الخمس سنوات في محافظة أضنة التركية، ما ولد مطالبات واسعة بفرض عقوبات رادعة بحق المتهمين بممارسة اعتداءات جنسية على الأطفال.

وفي خضم حملات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي واحتجاجات نظّمها مواطنون وممثلو مؤسسات حقوقية، شكلت الحكومة التركية لجنة خاصة من 6 وزراء ورئاسة أحد نواب رئيس الوزراء لبحث إجراءات تعديلات تنفيذية وقانونية لردع حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال.

وبينما طالب مواطنون بإعادة تطبيق عقوبة الإعدام وفرضها على المتهمين بهذه الاعتداءات، قالت اللجنة التي بدأت اجتماعاتها إنها سوف تبحث بقوة للعمل بعقوبة «الخصي الكيميائي» بحق المتهمين بالقيام باعتداءات جنسية على أطفال في محاولة لردع هذه الجرائم.

و»الخصي الكيميائي» عقوبة نادرة تطبقها بعض الدول لا سيما روسيا ضد المتهمين بالاعتداءات الجنسية على أطفال، وتتمثل باتخاذ تدابير طبية بحق هؤلاء الأشخاص للتسبب بإصابتهم بالعجز الجنسي عبر التدخل الجراحي أو إجبارهم على تناول عقاقير خاصة. ولا توضح الحكومة حتى الآن ما إن كان المطروح في تركيا يتعلق بالتدخل الجراحي أو العقاقير الكيميائية، وهي الأرجح، كون تمرير الأولى عبر قانون جديد في البرلمان سيواجه صعوبات بالغة لتعارضه مع الكثير من القوانين الدولية المتعلقة بالطب والعقوبات.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد أن حالات الاعتداء الجنسي لا تعتبر جنحة أو جريمة عادية، وهي تمثل «انحرافا كبيرا»، مشيرا إلى أن اللجنة الحكومية التي جرى تشكيلها سوف تبحث تطبيق أقسى العقوبات، واعدا بقرارات وإجراءات رادعة.

وعلى الرغم من أن الادعاء العام في مدينة أضنة طالب بإنزال عقوبات يصل مجموعها إلى السجن 66 عاما بحق المتهم بارتكاب جريمة اغتصاب طفلة أخيرا في المدينة، إلا أن المطالبات الشعبية تتصاعد لصالح تسريع إقرار عقوبات جديدة وتطبيقها على المتهم.

وأمس الخميس، قال الناطق باسم الحكومة التركية إن اللجنة تبحث بقوة فرض أقسى العقوبات على المتهمين ومنها «الخصي الكيميائي» وغيرها، لكنه أشار إلى أنها تبحث أيضا إلى جانب ذلك إجراءات تهدف إلى الحد من هذا النوع من الجرائم وكل ما يؤدي إليها، في محاولة لعلاج المشكلة. كما كشف الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عن أن التعديلات التي سيتم إجراؤها على قانون عقوبات المتهمين بهذا النوع من الجرائم ستشمل منع استفادتهم من قانون تخفيض العقوبات في حالات إثبات المتهم تحسنه وتوبته عن ما ارتكبه. هذا الجدل تزامن مع طرح الرئيس التركي لإعادة تجريم «الزنا»، حيث قال الثلاثاء الماضي: «أعتقد أن مناقشة قضية الزنا مجددا، ستكون أمرا صائبا جدا، لأن هذا المجتمع لديه وضع مختلف من ناحية القيم المعنوية»، مضيفا: «نحن أخطأنا سابقا باتخاذ خطوات تتوافق مع مطالب الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص».

وعام 2014، وافق البرلمان التركي على تعديل دستوري يزيل اعتبار «الزنا» جريمة يعاقب عليها القانون، وذلك رضوخا أمام إصرار الاتحاد الأوروبي على إجراء هذا التعديل قبيل البدء في مفاوضات دخول تركيا إلى عضوية الاتحاد، ولكن مع تراجع إمكانية حدوث أي اختراق في المفاوضات بين أنقرة وبروكسل أعاد أردوغان طرح الموضوع، وهو ما يتوقع أن يتسبب بمزيد من التوتر والتراجع في العلاقات بين الجانبين في حال إعادة تجريم «الزنا».

وفي أول إشارة عملية إلى الاستجابة لدعوة الرئيس، كشف المتحدث باسم الحكومة بكير بوزداغ، عن أن اللجنة التي شُكّلت أخيرا للنظر في عقوبة الاستغلال الجنسي، ستناقش مقترح الرئيس، بشأن مراجعة البنود الخاصة بتجريم «الزنا» في الدستور التركي.

وقال بوزداغ إن المحكمة الدستورية التركية كانت قد ألغت في وقت سابق البنود المتعلقة بتجريم الزنا في قانون العقوبات التركي، قبل وصول حكومة حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، مشيرا إلى أن البنود المذكورة لم تُعدّل حتى بعد استلام الحزب مقاليد الحكم بسبب مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: «الزنا لا يُعدّ جريمة في الوقت الراهن بالنسبة إلى قوانيننا، وسوف تعمل هذه اللجنة (المعنية بعقوبة الاستغلال الجنسي)، على مناقشة هذه القضية على خلفية تصريحات رئيس الجمهورية».


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024