الحكومة السلامية باقية حتى إشعار آخر، والتمديد لقائد الجيش حاصل، والألغام السياسية المتبقية سيعمل على تعطيلها بالتدرج الدارج كوسيلة تصعيدية.

على مستوى رئاسة الجمهورية ليس ما يؤشر على قرب الفرج، لا في الداخل ولا في المحيط، ولعل أقرب موعد افتراضي سيكون بعد الثامن من نوفمبر المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وما بعدها من المتغيرات المحتملة في السياسة الأميركية التي برمجها أوباما، على توقيت رهاناته الإيرانية في المنطقة.

لكن يبدو ان التيار الوطني الحر، فقد ميزة «الصبر» وطاقة الانتظار، ولهذا قرر التصعيد المتدرج منذ الآن وصولا لفرض انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في الموعد الجديد للجلسة الانتخابية في البرلمان يوم 28 أيلول الجاري وبالتالي حتى 13 تشرين الأول، تاريخ إخراج عون من قصر الرئاسة في بعبدا على يد السوريين، حيث يقول العونيون ان ذلك التاريخ سيكون نهاية المطاف.

إعلام التيار الوطني يشير الى ان شهر سبتمبر انتهى في 14 منه، مع سفر الرئيس سلام في رحلة قد تستغرق شهرا كاملا، وبعد عودته، هناك موعد لجلسة وزارية في 29 سبتمبر، وتقول إذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار الحر «انها ستكون جلسة بمن حضر وهدفها تكريس قائد الجيش لسنة إضافية».

بعدها، يضيف الإعلام العوني، تدخل البلاد في المجهول، مجهول مرشح لأن يزيد سخونة وحماوة نتيجة ترجيح بعض العارفين ان نشهد في الأسبوعين المقبلين بعض الخبطات المسرحية، عسكرية وأمنية لتبرير ذلك.

ويراهن الصوت العوني على عنصر وحيد إيجابي «يمكن ترقبه بحذر» وهو ما أكده د.غطاس خوري مستشار الرئيس سعد الحريري، من ان الأخير عائد الى بيروت بنية السعي الى إحداث خرق في الجدار الرئاسي، وفي معلومات المصدر ان الحريري بات الآن في السعودية وهي المكان المثالي للعودة الى لبنان، بالعدة اللازمة لكسر المأزق، والتوقيت مثالي ايضا بنظر المصدر عينه، وهو 28 الجاري، ما قد يسمح بإنقاذ سبتمبر والجيش والجمهورية والبلد معا. وما يطمئن المصدر العوني ان رزنامة الأحداث باتت واضحة، الموعد بين 28 سبتمبر و13 اكتوبر، كما قال ميشال عون، أما ماذا بين التاريخين، وماذا بعدها؟

هنا يقول الدكتور سليم جريصاتي باسم كتلة التغيير والاصلاح ونقلا عن العماد عون: «عندما نتحرك بعد هذين التاريخين لن يقف تحركنا، وقد اعذر من انذر.. ولن نتوقف قبل الرئاسة وقانون الانتخاب بالمعايير الميثاقية، لا اكثر ولا اقل، وسنرسي حكم الاقوياء الضامن الحقيقي لانها في مشروع الدولة القوية والعادلة، على ما ورد في ميثاق العهد، وعلى امل التحرر يوما من القيد الطائفي».

واضاف: من 28 سبتمبر الى 13 اكتوبر وجهتنا ومقصدنا، نقول اليوم يا كفرة ماذا فعلتم بالعهد والميثاق؟ ان تحرك عون يهدف الى انقاذ لبنان.

بمقابل هذا التهويل السياسي الواضح، وردا على رهان عون على عودة الحريري الى لبنان، واحتمال خرقه جدار الجمود الرئاسي، قالت مصادر رئيس تيار المستقبل لصحيفة «الاخبار» القريبة من حزب الله، ان مسألة الرئاسة ليست مرتبطة به وحده، ولا وجود لأي تحول لمصلحة ترشيح عون.

بدوره الرئيس تمام سلام وامام زواره، اعتبر انه ليس المعني بانزال التيار الوطني الحر عن الشجرة التي صعد اليها، بل ربما حلفاؤه يستطيعون، علما ان كل ما يجري هو رفع للنبرة والسقف.

وهل المقصود بالحلفاء حزب الله؟

مصادر سلام تقول لـ«الأنباء» ان كلامه واضح وليس بحاجة لتفسير.

وتعتقد المصادر ان حزب الله يمكن ان يتضامن مع العماد عون في مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، لكنه لن يجاريه في النزول الى الشارع كما حصل سابقا، وقد ابلغ الحزب موقفه هذا الى العماد عون من خلال سلسلة زيارات للرابية، كانت الاخيرة منها للحاج وفيق صفا مسؤول الارتباط في الحزب الذي تقول المصادر انه التقى بالعماد عون والوزير باسيل معا يوم الجمعة الماضي، حيث برر عون نهجه التصعيدي القائم بالهواجس السياسية التي تنتابه في هذه المرحلة.

وتردد ان ثمة تحضيرات للقاء بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وبين العماد ميشال عون لكن ذلك لم يتأكد، وتقول مصادر التيار انه تم وضع الحزب في اجوائه التصعيدية، لكنه لم يطلب منه شيئا.

اما بالنسبة للقوات اللبنانية فتؤكد المصادر ان العماد عون لم يطلب منها شيئا وهدفه ان يقتصر التحرك على عناصر التيار للتأكيد على الحيثية رغم الانشقاقات التي حصلت بعد الانتخابات البلدية.

يبقى موقف اللقاء النيابي الديموقراطي غير الواضح من الخيارات الرئاسية المطروحة، وهو ما يمكن ان تبلوره كلمة رئيس اللقاء النائب وليد جنبلاط في حفل افتتاح مسجد الامير شكيب ارسلان، في المختارة، يوم الاحد المقبل برعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، علما بأن ما صرح به عضو اللقاء النائب فؤاد السعد امس لا ينم عن اي تحول جنبلاطي باتجاه عون، فقد اعتبر السعد ان المتاجرة بالميثاق والشراكة وحقوق المسيحيين تجاوزت الخطوط «الحمر» وبات السكوت عنها جريمة موصوفة، وخلص الى القول: ان التصعيد العوني مهما بلغ، لن يحصد سوى الريح، فعون لن يصل الى بعبدا بضربة السيف، والحكومة لن تسقط.

بدوره وزير الاتصالات بطرس حرب وفي مؤتمر صحفي عقد امس، اعلن رفضه التصعيد والتعطيل الذي يمارسه التيار الحر باسم حقوق المسيحيين، ودعا الى وقف المتاجرة بهذه الحقوق والمغامرات المجنونة، التي دفع شعبنا اثمانها غاليا، واعلن حرب انه كان ينوي الاستقالة، لكنه ادرك بأن الاستقالة تخدم الطامعين ما جعله مرغما على تحمل المسؤولية.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024