منذ سنتين | أنت وطفلك / وكالات


في الماضي، كان يقول الخبراء إنه لا ضرر من أن يرى الأطفال الزوجين وهما يتشاجران، طالما أنهم يرون والديهم وهما يتصالحان بعد ذلك. ولكن التطورات الأخيرة والدراسات الحديثة تقول عكس ذلك. عندما يسمع الأطفال صراخًا غاضبًا، ترتفع هرمونات التوتر لديهم، حتى الرضيع النائم يسجل هذه الأصوات العالية والغاضبة في لا وعيه ويعاني اندفاعًا من المواد الكيميائية المسببة للإجهاد.

بالنسبة للأطفال، إنه من المخيف أن يروا الكبار يصرخون ويتشاجرون مع بعضهم البعض لأن الآباء هم مصدر أمان الطفل. فعندما يكون هذا المصدر خارج نطاق السيطرة، يصبح العالم مكانًا مخيفًا.

كما إن ذلك يعطي الأطفال رسالة مفادها أنه عندما يكون هناك خلافات بين البشر، فإن الصراخ هو الطريقة "البالغة" والناضجة للتعامل معهم.


الجدال يؤثر على الأطفال

أظهرت دراسة أجريت عام 2011 أن هرمون الكورتيزول لدى الأم، أو هرمون التوتر، يعبر إلى المشيمة ويخلق مستويات ضغط عالٍ على الجنين. وُجد أن الأطفال الذين يتعرضون للإجهاد المتكرر في الرحم يولدون بمستويات أعلى من الكورتيزول عند الولادة مقارنة بالأطفال الذين يولدون لأمهات أقل إجهادًا.

تقول تشاد رادنيكي، أخصائية علم نفس الأطفال: "يتطور الجهاز العصبي منذ ما قبل ولادة الأطفال ويتأثر بالإجهاد".

أشارت دراسة أُجريت عام 2010 إلى أنه في عمر 6 أشهر، يعطي الطفل ردود فعل إجهادية اتجاه تعابير الوجه الغاضبة. ويمكن أن يرتفع معدل ضربات القلب لدى الأطفال المعرضين لأصوات عالية وغاضبة، مما يؤدي أيضًا إلى ارتفاع هرمون التوتر.

تقول جينيفر تومكو، معالجة نفسية: "يولد الأطفال بالفطرة وهم يبحثون عن الأمان وبناء الثقة في تلبية احتياجاتهم. عندما يسمع الطفل الصراخ أو يشعر بفعل عدواني يشعر بعدم الأمان مما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر ويؤدي إلى حالة من عدم الارتياح".

إنه لأمر رائع أن يرى الأطفال الكبار يختلفون مع بعضهم البعض باحترام. بمعنى آخر، يستفيد الأطفال من رؤية الخلافات الصحية. لذا لا مانع من بعض الاختلافات الصغيرة التي تظهر مع شريكتك أمام أطفالك. لكن تذكر أنه بمجرد أن يؤدي خلافك إلى عدم الاحترام أو الصراخ، فأنت في طريقك للخروج من المنطقة الصحية ويؤثر ذلك بالسلب على أطفال.


ما هي الآثار طويلة المدى؟


إذا رأى الأطفال الآباء يبكون وغاضبين، فمن المحتمل أن يبدؤوا في البكاء، ولكن إذا توفر لدى الطفل الدعم والشعور بالأمان من خلال القراءة والغناء والحمل والعناق، فإنه يستعيد الشعور بالأمان في غضون دقائق.

ولكن إذا لم يتم استعادة مشاعر الأمان، فستتغير النتيجة. إذا كان لدى الطفل شعور مستمر أو متكرر بالخطر، فسيشعر بالإجهاد معظم الأوقات. بمرور الوقت، يمكن أن يتسبب التوتر المتزايد عند الأطفال في الشعور بالانفصال والغربة ومشاكل في النوم.

بالإضافة إلى ذلك، بمجرد أن يبدأ الأطفال الصغار بتطوير مهاراتهم اللغوية، فإنهم يقلدون اللغة وأساليب التواصل بين البالغين حولهم، ويشمل ذلك اختيار الكلمات ونغمة الصوت الأسلوب.

قد يعاني الأطفال الصغار من نوبات غضب متكررة، أو يواجهون صعوبة في تكوين صداقات أو يعانون من التعبير عن مشاعرهم أو أفكارهم بطريقة هادئة.

على المدى البعيد، قد يعاني الأطفال من صعوبات في التركيز ومن القلق، أو يصابون بمشاكل سلوكية.

على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2012 أن الأطفال الذين سمعوا آباءهم يتشاجرون بقسوة أو بشكل متكرر كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والمشكلات السلوكية.

وجدت دراسة أخرى أن الكثير من الخلافات الأسرية يمكن أن تغير كيمياء أدمغة الأطفال وجعلهم يتعاملون مع مشاعرهم بشكل مختلف. هذا يجعلهم يواجهون المزيد من التحديات الاجتماعية في وقت لاحق من الحياة. كما أن المراهقين سيكونون نموذجًا لما يرونه من آبائهم في علاقاتهم مع أقرانهم.


ما الذي يمكنك فعله لمنع الضرر الدائم؟

الجدال والصراع في العلاقات الزوجية أمر طبيعي، ولن تستمر لمدة طويلة.  كما أن الأطفال كائنات مرنة للغاية، ولا ينبغي أن نضغط كثيرًا على أنفسنا كآباء لنكون مثاليين. لن تكون المجادلة العرضية أو الأصوات المرتفعة الاستثنائية ضارة بشكل عام.

في الواقع، يمكن أن يصبح الخلاف الزوجي أحيانًا فرصة تعليمية للأطفال في كفية حل المشاكل والنزاعات بشكل صحي.

في حين أظهرت الأبحاث التي تم إجراؤها في عام 2016 أن التوترات التي لم يتم حلها نتيجة الخلاف الأبوي مرتبطة بزيادة القلق والاكتئاب والرهاب الاجتماعي لدى الأطفال. بينما أشارت دراسة أجريت عام 2017 أن طلاب المدارس الذين حل آباؤهم نزاعاتهم يتمتعون بمهارات أفضل في التأقلم.

أظهرت نفس الدراسة أن الآباء الذين عبروا عن مشاعرهم وتعاطفهم تجاه بعضهم البعض أثناء الخلافات، ساعدوا في شعور الأطفال بالأمان، حيث تيقن هؤلاء الأطفال أن عائلاتهم ستكون بخير على المدى الطويل.

أثناء الخلافات، يوصي باستخدام كلمة "أنا" والتركيز على احتياجاتك الخاصة وتجربتك العاطفية بدلاً من اتهام شريكتك أو سلوكها.على سبيل المثال، قل "أشعر بالأذى" أو "أنا مستاء" كرد فعل على شيء حدث، بدلاً من انتقاد شريكتك. هذا يمكن أن يكون مثالا صحيا للاختلاف.

كما يمكن للآباء أن يزيدوا من وعيهم بالأسلوب غير الصحي للخلافات ويحاولون تجنبه مثل الشتائم أو السخرية أو تجاهل مشاعر الشريك أو ذكر الماضي.

علم أطفالك أن تتحلى بالشجاعة ليعبروا عما يدور في أذهانهم، ولكن بطريقة صحية ليتعلموا أنه يمكنهم تلبية احتياجاتهم من خلال حوار صحي ووضع حدود مناسبة.



إذا بدأ الجدال في الاحتدام أمام أطفالك، خذ قسطًا من الراحة وحاول استئناف المحادثة عندما يهدأ كلاكما. لأن أثناء الغضب، سيصدر كلاكما ردود أفعال قد تضر بعلاقتكما أولا وبصحة أولادكما النفسية ثانيًا. كما إنه من المهم أن تدع طفلك يرى أنك تحل الأمور ليشعر بالأمان من جديد. كما إنه من الجيد أيضًا أن يرى الأطفال آباءهم وهم يعتذرون لبعضهم البعض.

إذا حدثت المشكلة بينك وبين زوجتك بسبب أحد من الأطفال، قد يعتقدون أنهم السبب في الخلاف وقد يبدؤون في رؤية أنفسهم على أنهم" سيئون "أو" يتسببون في غضب الجميع وهذا قد يترك لديهم شعورا دائما بالإحساس بالذنب وجلد الذات.

يمكنك أيضًا التحدث مع أطفالك حول شعورهم بعد أي خلاف مع زوجتك للتأكد من مشاعرهم اتجاه ما حدث. هل شعروا بالخوف أو الإحباط أو الغضب عندما رأوك أنت وشريكتك تتجادلان.

تأكد في نهاية الحديث معهم  أنهم يعرفون أنك تحبهم  وأكد عليهم أن هذه المواقف مؤقتة وليست دائمة وأنك تحب أمهم وهي تحبك ولكن ما حدث مجرد شيء طارئ.

إذا كان الخلاف متكررا، فكر في الذهاب إلى استشاري علاقات زوجية.

إذا وجد الأزواج أنفسهم غير قادرين على الاختلاف بطريقة هادئة والتوصل إلى تفاهم أو حل وسط، فمن المحتمل أن يكون هذا هو الوقت لطلب مساعدة متخصص. إذا لم ينجح الأمر بعد محاولات عدة، فلا بأس من إنهاء العلاقة لأن البقاء في علاقة مليئة بالخلافات وغير صحية يمكن أن يضر أكثر مما ينفع.

وإذا حدث انفصال، فتأكد من أن طفلك يعلم أنه لم يكن خطأه وأنكما ما زلتما تحبانه. لا تشرك طفلك في مشاكلكما ولا تستخدمه أبدًا كوسيط ولا تسيء أبدًا إلى شريكتك السابقة أمامه لأنها والدته. سواء كنتما معًا أو منفصلين، فإن أهم شيء يجب القيام به هو التأكد من أن طفلك يشعر بالأمان.


(موقع الرّجل)


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024