برز خلال الساعات الأخيرة ما يشي بنوايا مبيتة لتكريس ذهنية قمع حرية التداول بالأوضاع المالية والاقتصادية في البلد، من خلال ما بدا بمثابة “فرمان” صادر عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، على الطريق نحو الإمعان في سياسة تعليب الإعلام وتطويعه في إطار موجّه يخدم فقط الترويج لنظريات السلطة، تحت طائل التعرض للحبس بموجب المادة 209 من قانون العقوبات التي تحدد ماهية النشر، والمادتين 319 و320 من القانون نفسه والتي تحدد العقوبات التي تنزل بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية… وصولاً إلى حجب حق “الكلام أو الصراخ والكتابة والرسوم واللوحات والصور والأفلام والتصاوير على اختلافها”، في حال تقرر أنها من وسائل نشر “الشائعات المالية”.

ولعل ما عزز الهواجس من نوازع قمعية يختزنها هذا “الفرمان”، (الذي تقاطعت المعلومات المتوافرة عند التأكيد على كون وزير الرئاسة سليم جريصاتي يقف وراء تعميمه)، هو مسارعة التلويح عبر قناة “أو تي في” بأنّ “العمل جارٍ على ملاحقة كل من يعمل على بث الشائعات التي تستهدف رئيس الجمهورية”. بالتوازي مع تحريك النيابة العامة المالية لفتح تحقيق فوري وملاحقة “كل من يهدد الثقة بالنقد الوطني”… فهل يُستدعى مثلاً أمام التحقيق معدو تقارير وكالات التصنيف الدولية لتأكيدهم على هشاشة الوضع الاقتصادي وارتفاع المخاطر الإئتمانية في لبنان؟ وهل يُعتبر تشكيك بعثة صندوق النقد الدولي بتحقيق الأرقام الملحوظة في موازنة 2020 قياساً على عدم التزام الدولة بأرقام موازنة 2019 جريمة يحاسب عليها “الفرمان”؟ خصوصاً وأنّ أحد المسؤولين الذين التقوا في الآونة الأخيرة أعضاء بعثة صندوق النقد أكد لـ”نداء الوطن” أن البعثة غير واثقة من التزام لبنان الرسمي بالأرقام نتيجة التباطؤ الحاصل في تنفيذ الإصلاحات، مشيراً إلى أنّ صندوق النقد يطرح ويصرّ على وضع ضرائب جديدة وإدخال زيادة على تسعيرة تعرفة الكهرباء لتعزيز الإيرادات، وأضاف نقلاً عن أعضاء هيئة الصندوق أنّها تصف الوضع في لبنان بـ”الدقيق وقد يصل إلى مرحلة الخطر إذا لم تسارع الدولة إلى الالتزام بتنفيذ الخطط الإصلاحية”، متوقعاً في ضوء ذلك أن يكون تقرير صندوق النقد المرتقب صدوره أواخر الشهر الجاري “قاسياً ومطابقاً لتوصيف بعثة الصندوق وهواجسها”.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024