منذ 7 سنوات | العالم / الديار

هل يمكن ان تتحقق في سوريا دولة علمانية، بعدما نص دستورها على ان يكون دين رئيس الدولة الإسلام، وان تكون دولة ذات طابع إسلامي رغم حفاظ نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد مدة 40 سنة، عبر غطاء من حزب البعث العربي الاشتراكي، على العلمانية بهذا الشكل؟ لكن تحت ضغط الاخوان المسلمين وبقية الرأي العام الإسلامي، اضطر الرئيس الراحل حافظ الأسد الى تعديل الدستور ووضع بدل سوريا دين الدولة الإسلام، اصبح دين رئيس الدولة الإسلام.

لكن بيان موسكو الصادر عن ايران وتركيا وروسيا، اعلن ان سوريا ستكون دولة علمانية ديموقراطية، ومعنى ذلك ان ايران وتركيا لا مشكلة عندهما بشأن علمانية النظام السوري، لكن المشكلة ستكون في سوريا ولدى المسلمين والمنظمات السلفية الإسلامية.

وينص البيان الصادر عن اجتماع موسكو على ان يشترك في المفاوضات الأطراف كافة ومن كل الأديان ومن كل الأعراف على مختلف المستويات، وان تحصل بين النظام السوري وبين المنظمات المدنية والمعارضة حتى المسلحة دون تسميتها مثل الجيش السوري الحر، لكن بيان موسكو استثنى «داعش» وجبهة النصرة وقال ان وقفا لاطلاق النار شاملاً يجب ان يحصل في سوريا وفي طول وعرض البلاد، باستثناء الحرب على داعش وجبهة والنصرة التي ستكمل الحرب قوات التحالف ضد داعش وجبهة النصرة.

ولم يذكر البيان الجيش السوري الحر ولا جيش الفتح الإسلامي ولم يذكر بقية المنظمات الإسلامية، بل ركز على منظمتين فقط، هما داعش وجبهة النصرة.

ودعا البيان الى بدء المفاوضات فورا، وان الحل السلمي هو الحل الوحيد في سوريا وان ما جرى في حلب وكفريا والفوعا ومضايا والزبداني، والذي صاغته اتفاقات روسيا - تركيا شاركت فيها أيضا ايران، أدت الى اخلاء 25 الف مواطن ومسلح من شرق حلب، واجلاء مواطنين من كفريا والكوعا، الى حلب عن طريق الراموسة.

كذلك فان موسكو وفق لافروف قال لا يمكننا تجاهل التعاون الأميركي- الروسي، وهو ما كانت ترفضه ايران ان تأتي الولايات المتحدة وتشارك معها، لكن روسيا أصرت على توسيع المفاوضات لاحقا، لاي طرف عنده الرغبة في التفاوض من اجل حل الازمنة السورية.

وهكذا بعد بيان موسكو بشأن وقف اطلاق النار وتنفيذ انسحابات كما حصل في حلب وكفريا ومضايا والفوعا والزبداني، فان الجو في سوريا سيصبح افضل باستثناء الحرب على داعش وعلى جبهة النصرة، خاصة في محافظة الرقة ومحافظة دير الزور، إضافة الى تدمر، وريف حمص وحمادة.

وتوافقت الدول الثلاث على رؤية واحدة للحل، فلم يكن هنالك فرق في الرؤيا، والرؤيا هي الآتية:

أولا السعي لاعلان وقف اطلاق النار في سوريا كلها، ثانيا، استكمال الحرب على داعش وجبهة النصرة، واللافت في النظر ان بيان موسكو لم يسم بقية القوى المعارضة المسلحة وعلى رأسها الجيش السوري الحر.

ومن دمشق لم يصدر أي ردة فعل بشأن بيان موسكو حتى الان، كذلك فان المعارضة لم يصدر عنها شيء. الا انه يبدو ان ايران ستؤثر في سوريا وحزب الله وحلفائها، كي يشتركوا في المفاوضات في الاستانة في كازاخستان. وستتولى تركيا الضغط على المعارضة للمشاركة في المفاوضات. لكن تركيا هذه المرة عبر مشاركتها في الفرات ستشارك في ضرب داعش وجبهة النصرة حتى في أماكن داخل الأراضي السورية دون الإعلان عن ذلك رسميا.

اما بالنسبة الى روسيا، فقد أعلن لافروف انها ستكمل حربها على «داعش» وجبهة النصرة وتؤيد في الوقت ذاته وقفا شاملا لاطلاق النار في سوريا. ويعني ذلك ان المئة طائرة الروسية واكثر ستضرب الرقة ودير الزور وأماكن «داعش» في تدمر بشكل يؤدي الى اضعاف جبهات الإرهاب التي سماها مجلس الامن وهي جبهة النصرة و«داعش» وانهائها، مع إبقاء بقية التنظيمات حتى لو كانت مسلحة، لان البيان لم يأت على ذكرها.

وقال لافروف ان الانسحاب من حلب سينتهي خلال يومين، كذلك قال وزير خارجية تركيا امرا خطيرا عندما قال يجب وقف دعم حزب الله، واكمل جولته قائلا اعتقد انكم فهمتم ماذا قلت.

اما وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف فأعلن ان بلاده تؤيد الحل السلمي والمفاوضات بين النظام والمعارضة وستسعى بكل جهدها لانجاح المفاوضات، كذلك تؤيد في الوقت نفسه وحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا على كل أراضيها كم قالت تركيا وروسيا، وانها مع استمرار الحرب على «داعش» وجبهة النصرة وتحقيق وقف اطلاق انار والمصالحات في بقية المناطق.

بيان موسكو جاء ليؤكد ان الحل السلمي انطلق فعليا من كازاخستان في مدينة الاستانة، وان موسكو سترعى المفاوضات مع تركيا وايران، والامل كبير بنجاح هذه المفاوضات في ظل وجود ايران وتركيا وروسيا على خط واحد واتفاق واحد للحل في سوريا. ذلك ان روسيا هي الوحيدة التي تؤثر بشكل قوي في الرئيس بشار الأسد وتطلب منه المطالب التي تريدها المعارضة جزئيا، وليس كل مطالب معارضة. وعندما ستبدأ المفاوضات، ستعلن المعارضة المدنية انها تطالب بحكومة انتقالية في سوريا فور انتهاء المفاوضات التي يجب الا تطول.

ولم يعرف موقف الرئيس بشار الأسد من تشكيل حكومة انتقالية  الا ان المفاوضات ستكون صعبة جداً بشأن الحكومة الانتقالية وقيامها في سوريا، لكن الخطوات التركية - الإيرانية - الروسية ستؤدي حتما الى تخفيف اطلاق النار في سوريا، وستخفف الحرب على جبهات عديدة، وبخاصة حول دمشق وحول حلب. لكن المعارك الكبرى ستكون في ادلب والرقة ودير الزور. ويبدو ان المعركة القادمة ستكون انطلاقا من جورين باتجاه سهل الغاب وباتجاه ادلب.

اتفاق موسكو اعلن العد العكسي لبدء الحل السلمي لسوريا، وفي الوقت عينه اعلن العد العكسي لاكمال الحرب على داعش وجبهة النصرة، فماذا سيكون موقف أوروبا واميركا، كذلك ماذا سيكون موقف النظام السوري والمعارضة السورية.

أسئلة بحاجة الى أجوبة خلال الأسبوعين القادمين، او خلال هذا الأسبوع.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024