منذ 7 سنوات | العالم / روسيا اليوم

انتهت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إلى أنقره ولقائه مع كل من رئيس الوزراء بن علي يلدريم والرئيس رجب طيب أردوغان.

وبصرف النظر عن المعلن في هذه الزيارة، إلا أنها جاءت بعد عدد من الشواهد الدالة. إذ بدأ الرئيس التركي عمليات عسكرية مفاجئة في "جرابلس" تزامنا مع دخول قوات خاصة تركية، ومجموعات من قوات "الجيش الحر"، إضافة إلى قصف بالأسلحة الثقيلة، وتحذيرات وإنذارات وتهديدات تركية للأكراد بالنزوح إلى شرق الفرات، بما في ذلك من "منبج". ومع مسار العمليات العسكرية وما رافقها من تصريحات، ظهر الرئيس التركي ليلقي كلمة مطولة أمام الرأي العام التركي والعالمي.

الرئيس أردوغان استبق زيارة بايدن، ليضع جملة من مسارات التوجهات التركية الجديدة (توجهات ما بعد الانقلاب) ويقطع الطريق على أي تأويلات للموقف التركي بشأن سوريا، ويحدد عددا من العوامل الفاعلة في علاقة تركيا بكل شركائها، وعلى رأسهم روسيا والولايات المتحدة. غير أن الأخيرة في هذا السياق هي المعنية بالدرجة الأولى بالعمليات العسكرية التركية في "جرابلس"، وبخطاب أردوغان.

هذه التحركات المتسارعة تؤكد عزم أنقرة على استغلال الوقت والفرصة لتمكين فصائل المعارضة السورية من بسط وجودها على المناطق الشمالية لحلب المحاذية لتركيا. كما يأتي هذا التحرك استباقا لخطوة مماثلة من جانب ميليشيات "سورية الديمقراطية" التي تخطط لذلك بعد سيطرتها على "منبج" وتضع نصب أعينها الباب وجرابلس. ووفقا لخبراء عسكريين، فإن هذه التحركات تشير إلى أنه لن يكون للأكراد نصيب في مدينة "جرابلس". إذ أن تركيا تريدها للجيش السوري الحر لاعتبارات سياسية وأمنية. وربما لاعتبارات خاصة بعلاقاتها مع كل من الولايات المتحدة والسعودية وقطر. إضافة إلى الفكرة التي لا تزال تسيطر على أنقرة بشأن المناطق العازلة، والمناطق الآمنة. وهو ما نلمحه في تحذيرات القيادة التركية للأكراد، ومطالبتهم بالتوجه إلى الشرق.

وبحسب معلومات متوافرة، فإن تركيا استبقت الأحداث عموما، وزيارة بايدن على وجه الخصوص، حيث ترى تركيا في الجيش الحر ضامنا للحدود الممتدة من إعزاز إلى جرابلس، في مواجهة أي تفكير في إقامة دولة كردية أو إقليم فيدرالي مزمع، ينوي أكراد الإدارة الذاتية إقامته.

في الحقيقة، لقد استبق بايدن زيارته أنقرة بتصريحات مرنة ومغازلات متعددة الأوجه. وإذا كانت وعوده لدول البلطيق بحمايتها والقتال من أجلها، بصفتها أعضاء في حلف الناتو، فهذا يعني أيضا تركيا عضو الحلف ورأس حربته في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأسود. وقد أوضح بايدن في تصريحاته عشية زيارته لتركيا بقوله: "أكرر ما قاله الرئيس أوباما. الهجوم على عضو في الناتو هو هجوم على الجميع، وعندما أتحدث عن الجميع، لا أقصد فقط الولايات المتحدة ودول البلطيق، بل والحديث يدور عن جميع الحلفاء. ونحن نريد أن يعرفوا هذا في موسكو أيضا نحن نعتقد بذلك حقا، وسنعمل وفقا لذلك".

من اللافت أن تركيا شهدت انقلابا عسكريا فاشلا قبل شهر.. فما علاقة زيارة بايدن إلى أنقرة بانطلاق العملية العسكرية التركية على الأراضي السورية.. واستباق تركيا تلك الزيارة بالإعلان عن محاربة داعش والأكراد، وما يتردد من معلومات تزعم بأن مدير المخابرات التركية قد زار دمشق منذ عدة أيام؟! ولا يمكن هنا أن نتجاهل أن كل ذلك يجري عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومواصلة أوباما الترويج لسياساته وتوجهاته التي ستواصلها هيلاري كلينتون في حال انتخابها.

في كل الأحوال، يبدو أن كل ما يدور الآن في شمال سوريا يروق بشكل أو بآخر للولايات المتحدة، حتى وإن كانت تدعم الأكراد. ومن جهة أخرى، فقد نجح أردوغان في الضغط على واشنطن وبقوة من خلال أوراق متعددة، على رأسها الورقتان الروسية والإيرانية. وبالتالي، فزيارة بايدن إلى أنقرة هي المحدد الأخير لرفع التقرير النهائي للإدارة الأمريكية حول "الوضع الحقيقي" للرئيس التركي وإمكانية استمراره من عدمه في السلطة، أو بلغة دبلوماسية، في العلاقة مع الولايات المتحدة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024