إبرة الظهر او الإيبيدورال كانت ولا تزال أكثر الطرق شيوعًا في مجال تسكين الام الولادة بحيث لا تشعر المرأة الحامل بأي ألم طيلة فترة المخاض حتى الولادة. لكن وعلى الرغم من تمتعها بنواح إيجابية يعتقد البعض بوجود نواحٍ سلبية أخرى، وحرصًا منا على تزويدك بكل المعلومات التي تحتاجينها عن هذا الموضوع، سنطلعك اليوم على بعض الحقائق المهمة عن إبرة الظهر والتي سيكشفها لك أخصائي التخدير والعناية المركزة الدكتور محمد هاشم ملحم في ما يلي:
الإيبيديورال كأي ابره تخترق الجلد تسبب ألمًا موضعيًا يستمر ليومين أو ثلاثة أيام لا أكثر. والجدير ذكره أن ما يقارب ٣٠٪ (وإن كانت النسبة تتفاوت بين الدراسات) من النساء اللواتي يلدن ولادة طبيعية يعانين ألم ظهر مزمن قد يمتد إلى ٦ أشهر بعد الولادة والسبب في ذلك هو حمل الجنين طيلة 9 أشهر بالإضافة الى وضعية الساقين المرفوعتين أثناء الولادة وإخراج الجنين، وتتساوى احتمالية حصول الألم المزمن بين الحامل التي حصلت على الايبيديورال والتي لم تحصل عليها.
يحصل هذا الألم بشكل أساسي بسبب اختراق الابرة غشاء إضافيًا (Dura) أثناء تركيبها ويحصل عادة حينما يكون تركيبها صعبًا إذا كانت الحامل شديدة السمنة او لديها انحناء في العمود الفقري كما وأن خبرة الطبيب تعتبر عاملًا أساسيًا في نسبة حصولها وتقترب من الصفر لدى الخبير والذي تدرب عليها بشكل سليم وصحيح.
يتميز هذا الصداع بأنه يحصل فقط لدى الجلوس أو الوقوف ويقل بشكل كبير أو يختفي عند التمدد الافقي. يبدأ عادة بعد ١٢-٢٤ ساعة من الخضوع الى الإبرة. في معظم الأحيان يكون علاج هذا الصداع بالمسكنات العادية متل ال Panadol أو Ibuprofen إضافة الى شرب كميات كبيرة من السوائل والكافيين. وهو علاج فعال ومحبوب لدى عاشقات القهوة!
وفي الحالات النادرة التي لا تستجيب لهذا العلاج فانه يمكن عمل ابرة خاصة Epidural Blood Patch يحقن قليل من دم المريضة في الايبيديورال وتكون الاستجابة فورية بـ ٩٠ ٪ من الحالات لكن لابدّ من عملها لدى طبيب تخدير متخصص ولديه خبرة عالية فيها.
يعتبر هذا أول سؤال نسأله من قبل أم الحامل أو أم زوجها. في الحقيقة ليس لدي أي فكرة عن مصدر هذه المعلومة وهذه السمعة السيئة التي تؤمن بها معظم السيدات المسنات. إن ما قد يسبب الاذى لأعصاب الحبل الشوكي هو حقن مادة تكون سامة له أو حصول نزيف epidural hematoma يضغط على الأعصاب ويسبب نقصًا في ترويتها.
إن الأدوية التي يتم حقنها في أيامنا هذه هي خالية تمامًا من أي مواد حافظة كما وأن كافة الدراسات أظهرت أنها لا تؤثر على أعصاب الحبل الشوكي. أما فيما يتعلق بحصول النزيف فإن الحالات النادرة التي حصلت في العالم كانت جميعها لدى نساء يستخدمن أدوية مسيلة للدم أو لديهنّ مشاكل في تخثر الدم لذلك فإننا نتأكد دائمًا أن الحامل لا تستعمل أية أدوية مسيلة للدم ولا تشكو من أية مشكلة متعلقة بتخثر الدم قبل عمل الايبيديورال لها.
رغم ما يقال في بعض المقالات عن تأثير الايبيديورال على الطفل الا أنه لم بتم إثبات ذلك في الدراسات العلمية الدقيقة، وأظهرت معظم الدراسات أن الأدوية التي تحقن في الايبيديورال لا تؤثر على المولود طالما انها تكون بتراكيز مخففة وبكميات محسوبة، لذا من الضروري أن يكون من يتابع الايبيديورال بعد تركيبها لديه الخبرة والدراية المفصلة بالتراكيز المختلفه للأدوية التي تحقن فيها وأن يتم متابعة الحامل باستمرار طول فترة استعمالها.
من أكثر الأمور التي تم الإختلاف عليها في السابق هو تأثير الابرة على توسع عنق الرحم وتسببها في الحاجة الى الولادة القيصرية. لكن مع ظهور الدراسات الحديثة من المراكز الطبية المرموقة فإن الايبيديورال حين يتم استعمال التراكيز المخففة من الأدوية التي تحقن بها، فإنها لا تزيد على الإطلاق الحاجة الى الولادة القيصرية. كما وأنه من الملاحظ ازدياد الطلب على الولادة القيصرية من الحوامل وبخاصة الحامل البكر تجنبًا لألم المخاض والوضع وبالتالي فإن استخدام الايبيديورال لهؤلاء النساء سوف يقلل من الحاجة الى الولادة القيصرية وليس العكس.
لا تحتاج كل حامل الى الايبيدورال لتخفيف ألم المخاض والولادة فالحامل التي سبق لها أن ولدت مرات عدة يكون عادة مخاضها قصيرًا وأسهل من المخاض لدى الحامل للمرة الأولى. برأيي الشخصي ومن خبرتي فإنني أرى أنها يجب أن تستخدم لدى كل حامل بكر ما لم يكن هناك سبب علمي يمنع ذلك.
باختصار: إن استخدام الايبيديورال لتخفيف ألم الولاده هو أنجح السبل لتسهيل الولادة وجعل يوم الولادة يوما سهلًا وأجمل.
ليس هناك في الطب أمر خال ١٠٠٪ من المضاعفات لكن اختيارك للمركز والطبيب ذي الخبرة العلمية السليمة يجعل احتمال حصول أي مضاعفات أقرب الى العدم. اختاري طبيب التخدير بعناية كما تختارين طبيب الولادة بعنايه وأتمنى ولادة ميسرة سهلة لكل حامل!
