منذ 6 سنوات | لبنان / الحياة



تسلّمت القوى السياسية اللبنانية الرئيسة أمس نسخاً مفصلة من اقتراح صيغة قانون الانتخاب الذي أعلنه الحزب التقدمي الاشتراكي ظهراً، مع الجداول التي تضمنها لتوزيع النواب والدوائر الانتخابية، لدرسه وإبداء الرأي فيه.

وأخرجت مبادرة الاشتراكي المناقشات في شأن قانون الانتخاب من دائرة حصر التقدم بالاقتراحات التي تقدم بها رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعدما اقترح 3 مشاريع فيما اكتفى الفرقاء الآخرون بإبداء الملاحظات عليها. وهو ما دفع باسيل إلى القول إن تقديم الاقتراح له إيجابية من هذه الناحية. وعلى الأثر جرى اتصال بين باسيل والوزير السابق غازي العريضي واتفقا على مواصلة البحث بعد درس الاقتراح.

وتوقعت مصادر «الاشتراكي» لـ «الحياة» أن ينحصر البحث في الأيام القليلة المقبلة باقتراحه المشروع المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي وبتوزيع متساو للنواب على النظامين حتى ضمن الطائفتين الكبريين المسيحية والإسلامية، 34 من أصل الـ64 نائباً مسيحياً يُنتخبون وفق الأكثري و34 وفق النسبي، وهكذا بالنسبة إلى الـ64 نائباً مسلماً. وهو ما يتميز به هذا الاقتراح مقارنة بالاقتراحات الأخرى التي سبق أن طرحت للصيغة المختلطة بين النظامين، كما تبلغ الاشتراكي من قادة الأحزاب الذين اتصلوا به للحصول على نص المشروع كاملاً. وينتظر أن يسلم المشروع إلى بعض الأحزاب التي لم تحصل عليه أمس. كما سترسل نسخة منه إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي.

ولفتت المصادر إلى أن الاقتراح يختلف عن اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري المختلط مناصفة بين النظامين الأكثري والنسبي الذي تقدم به قبل أكثر من سنة ونصف السنة بتوزيع الدوائر، وبجعله كل من مقعدي صيدا وبشري على النسبي والأكثري، بدلاً من أن يكونا في الأولى على النظام النسبي فقط وفي الثانية على الأكثري.

كما اتصل بري، الذي كان الوحيد من الفرقاء الذي تسلم نسخة من الاقتراح قبل إعلانه، بالعريضي مبدياً ملاحظات إيجابية عليه. 

وأوضحت مصادر «الاشتراكي لـ «الحياة» أن روح هذا المشروع سبق أن اطلع عليها بري في أفكار اقترحها عليه النائب وليد جنبلاط قبل شهرين، الجديد فيها صوغها في مشروع متكامل.

وشددت المصادر نفسها لـ «الحياة» على أن «طرح المشروع أنتج أبعاداً عدة: الأول أنه لم يعد بمقدور أي كان اتهام الاشتراكي بأنه يسعى إلى التمديد أو الفراغ أو يصر على قانون الستين، لتحميله مسؤولية فشل أي مشروع يطرح كما جرى في بعض المواقف والتحليلات. الثاني أنه مع الكلام عن أن كلاً من بري و «المستقبل» و «القوات اللبنانية» و «حزب الله» ينوون طرح اقتراحات فإن هذا يغني النقاش ويسرّع الحراك للوصول إلى اتفاق قبل 15 أيار (مايو) المقبل ويخدم مبادرتنا. والثالث اعتقادنا أن أي مشروع بعد الذي طرحناه سيؤكد أن اقتراح المشروع التأهيلي على أساس طائفي لم يعد قابلاً للحياة».

وأشارت المصادر إلى أن «الاشتراكي» كرس بدعوته الفرقاء إلى إبداء الملاحظات على اقتراحه، مبدأ التوصل إلى قانون الانتخاب بالتوافق الذي بات ثابتاً.

< أعلن الحزب «التقدمي الاشتراكي» مشروعاً انتخابياً قائماً على صيغة المختلط، للانتخابات النيابية، ما بين الأكثري والنسبي.

ووزع مع المشروع ثلاثة جداول تبين توزيع كل المقاعد على النسبي والأكثري في كل الدوائر.

وقال عضو «اللــقاء الديموقراطي» النائب غازي العريضي في مؤتمر صحافي في مقر الحزب في وطى المصيطبة، حضره أمين السر العام ظافر ناصر والقيادي هشــام ناصر الدين ومفوض الإعلام رامي الريس: «كنا نتلقف كل الأفكار والمبادرات من أجل أن نصل الى اتفاق حول قانون جديد للانتخابات خصوصاً في الأيام الأخيرة، لا سيما اننا دخلنا مرحلة حساسة وصعبة أمام ضغط المهل الدستورية وبعد استخدام رئيس الجمهورية ميشال عون حقه الدستوري الأسبوع الماضي بتعليق عمل المجلس النيابي لمدة شهر، لذلك منذ شهرين ونيف كان كلام واضح من رئيس الحزب(وليد جنبلاط) أمام الجميع أننا سنذهب الى تقديم أفكار جديدة تركز على حماية الوحدة الوطنية والتنوع وترجمته بشراكة تامة مع كل الأطراف السياسية بحيث نكون كحزب تقدمي قادرين في منطقة معينة على ترجمة ذلك. وانطلقنا في حركة سياسية واسعة شملت المرجعيات والأحزاب والقوى المعنية بهذا الأمر من دون استثناء، واستمعنا الى آراء الجميع وقدمنا رأينا في كل ما كان يطرح».

أضاف: «كان الثابت الأساس في حركتنا عدم الدخول في سجالات أو مزايدات لأننا نتطلع للوصول إلى قانون جديد تجرى هذه الانتخابات على أساسه ضمن المهل الدستورية، ولذلك لم يكن وليس لدينا أي رهان في الداخل إلا رهان التوافق والتعاون لإنقاذ البلد من أزمة سياسية كبيرة».

وقال العريضي: «ليس لدينا أي رهان على الخارج ولا ننتظر شيئاً منه. لا نقحم قانون الانتخابات أو أي مسألة وطنية في أي حساب له الأبعاد الخارجية، وأمام هذه المسؤولية سبق أن قدمنا ترجمة كلام رئيس الحزب في المؤتمر العام، قدمنا أفكاراً لدولة الرئيس نبيه بري الحليف والصديق والأمين، وكان اتفاق بيننا على ألا ندخل في تفاصيلها. نواكب من جانبنا وهو في موقع طليعي متقدم بالمواكبة أيضاً من جانبه وشريك أساس في إنتاج قانون الانتخابات بما يمثل على كل المستويات. ثم نفكر معاً ماذا يجب أن نفعل. طُرحت صيغ وأفكار كثيرة، طبيعي ألا نصل الى نتيجة جماعية وموافقة جماعية في شأنها، واتفقنا جميعاً وصدرت تصريحات ومواقف في المجلس النيابي وخارجه تؤكد أن قانون الانتخابات ليــس عملية حسابية وليس بنداً عادياً على جدول أعمال جلسة لمجلس الوزراء. القانــون يقَر بالتوافق، ولأن التوافق لم يحصل ولأننا تحت ضغط المهل أردنا أن نكون مبادرين لكي نستفيد من كل لحظة من الآن وحتى 15 أيار(مايو) بعمل جدي وتشاور مفتوح مع كل القوى السياسية، لكي نصل الى ما أشرنا اليه».

 

مشروع متكامل ومعايير واحدة

تابع: «أعِدّ مشروع متكامل على المستوى الوطني العام لا يستثني أحداً، فيه المعايير الواحدة، والعناوين الأساسية التي طرحتها قوى أساسية في البلد. هذا القانون يقوم على الشراكة، واحترام التنوع وهو مبني على صيغة تأخذ في الاعتبار الفكرتين الأساسيتين اللتين طرحتا منذ بداية النقاش: نسبي نسبي أو أكثري أكثري، وقد وضعت تركيبة سوف تطرح الآن أمامكم تشكل اذا تم التوافق حولها مدخلاً الى تطبيق اتفاق الطائف بالكامل ونقل لبنان من حالة نعيش فيها الواقع المذهبي للأسف والواقع الطائفي وفي سياق متابعة مشروع قانون الانتخابات».

تابع: «اليوم نتقدم بهذا المشروع ونأمل بأن يأخذ مكانه في النقاش السياسي من جانب كل القوى السياسية ونحن على استعداد للتفاهم حول صيغ تنقذ البلد من الأزمة السياسية. سمعنا كثيراً من النقاش والكلام حول مجلس الشيوخ، اتفاق الطائف واضح يحدد الآليات والمراحل والإجراءات التي ينبغي أن تقر للوصول الى مجلس شيوخ. اليوم هذا هو الإطار السياسي وهذه هي الرسالة السياسية لكل شركائنا في البلد، ونأمل بأن نصل الى توافق في ما بيننا قبل 15 أيار».

وزاد: «نحن لسنا في موقع كفريق أن نفرض ولا يستطيع أحد كفريق أو فرقاء أن يفرضوا موقفاً أو شرطاً أو قانوناً للانتخابات على الآخرين، قلت نريد الاستفادة من كل الأفكار ومن كل الفرص والمبادرات، هذه نعتبرها مبادرة أساسها واضح نأمل بالتفاعل معها. المهم قبل 15 أيار ان نصل الى تفاهم حول مشروع جديد للانتخابات نذهب لإجراء الانتخابات على أساسه، أعتقد ان هذه هي الأمانة الأساسية بين أيدينا اليوم لإنقاذ البلد».

 

وردّ العريضي على أسئلة الحضور، فقال: «نحن لا نريد التمديد ولا الفراغ، في الوقت ذاته لا نريد ولا نقبل بأن يكون البلد تحت أي شكل من أشكال التمديد أو التهويل أو التخويف، ولا تضييع وقت، نحن جميعاً ورشة عمل مفتوحة ومكثفة حتى نصل الى اتفاق قبل 15 أيار». وأضاف: «نحن في تواصل مع كل القوى السياسية، وكل الاتصالات التي أجريت في الأيام والساعات الأخيرة لم تؤد الى الاتفاق على مشروع القانون الذي طرح وبالتالي ماذا نفعل؟ هل نترك البلد ينتظر مشاريع أخرى أيضاً لا نتفق عليها ثم نصل الى الحائط المسدود ونعود الى أجواء التشنجات أو الى الشارع؟ يجب ان ينصب الجهد لمناقشة هذه المبادرة وغيرها من المبادرات التي يمكن ان تطرح لنصل الى تفاهم».

أضاف: «نحن نحترم ونقدّر خصوصية كل القوى السياسية ولا ننكفئ في كل الحالات ونبقى نجد وسائل لكي نتواصل مع كل القوى. وضعنا هذه الفكرة والمبادرة أمانة بين يدي الرئيس بري والتي تتجاوز الستين ولا علاقة لها بالستين، هذا المشروع المقدم باسم الحزب الاشتراكي لا علاقة له بالستين ولو كان الأمر غير ذلك لكنا بكل شجاعة وجرأة قلنا نتمسك بالستين لأنه معروف أن البعض يريد الستين لكن لا يعلن ذلك، ومعروف ان البعض لا يريد الستين بالمطلق. يعني في الحالتين لا يمكن ان يكون قاعدة للتوافق بين القوى السياسية(...). هذا هو المشروع الذي يقدم اليكم وهو يناقض قانون الستين، لكن اذا لم نصل الى اتفاق في 15 أيار ماذا نفعل؟ نحن لا نريد التمديد، الخيار الثاني الفراغ، وكنا أول من قال ان أخطر ما يمكن ان يطرح هو الفراغ وخصوصاً في المجلس النيابي لأن نظامنا هو نظام برلماني. إذا كان الفراغ ولم يكن لدينا مجلس نيابي، فأين يقرّ هذا القانون؟ أين يأخذ هذا الاتفاق بيننا صفته التشريعية؟».

وسأل: «أين يُنتخب الرئيس اذا المجلس غير موجود؟ كنا في حاجة إلى اتخاذ قرارات كبرى في المجلس وقد حصل ذلك. اتفاق الطائف عندما أقرّ لو كان ثمة فراغ وتكرس تعطيل المجلس، هل كان بإمكاننا إقرار الاتفاق؟ إذاً، لا بد من مجلس نيابي لذلك قلنا لا للفراغ، لا للتمديد ولا للستين. تعالوا لنبحث عن مشروع مشترك. السؤال الذي يطرح نفسه: هل نحن في دولة قانون ودستور أم لا؟ هل نسقط القوانين النافذة الموجودة والمعمول بها لأننا لم نتفق على قوانين أخرى؟ سبق لقوى سياسية أساسية في البلد قبلنا وليست على توافق معنا ان قالت هذا الأمر وقالت القانون النافذ يعتمد ولا يلغى قانون إلا بقانون».

أضاف: «المبادرة موجودة بين يدي الرئيس بري كأمانة من بداية الطريق، وله كلام اليوم ان فيها أفكاراً جيدة وايجابية وقابلة للنقاش. نحن نأمل من القوى السياسية بأن تنكب على درس هذه الفكرة التي ليست صعبة ولا معقدة. نحن منفتحون للنقاش في شأنها ومنفتحون للنقاش اذا كانت هناك مبادرات أخرى».

 

صيغة قانون الانتخابات المختلط

قدّم الحزب التقدمي صيغة لقانون الانتخاب ترتكز على النظام المختلط وتجمع بين الأكثري والنسبي، أعلنها المسؤول عن الملف الانتخابي في الحزب هشام ناصر الدين، وهي كالآتي:

أكثري (26 دائرة - 64 مقعداً)، نسبي (11 دائرة - 64 مقعداً)

دوائر النظام الأكثري هي الدوائر الـ26 المعتمدة في القانون 25/2008

دوائر النظام النسبي هي:

بيروت (1): تضم بيروت الأولى والثانية

بيروت (2): تضم بيروت الثالثة

عكار: تضم محافظة عكار الإدارية

الشمال: تضم أقضية طرابلس، المنية، الكورة، البترون، زغرتا، وبشري

جبل لبنان الشمالي: تضم قضاءي كسروان وجبيل

جبل لبنان الأوسط: تضم قضاءي المتن الشمالي وبعبدا

جبل لبنان الجنوبي: تضم قضاءي الشوف وعاليه

بعلبك - الهرمل: تضم القضاءين

البقاع: تضم أقضية زحلة، البقاع الغربي وراشيا

الجنوب: تضم أقضية صيدا، الزهراني، جزين وصور

النبطية: تضم أقضية النبطية، بنت جبيل، حاصبيا ومرجعيون.

وفي الأسباب الموجبة والمعايير: «يحمل هذا الاقتراح صيغة وسطية بين النظام الأكثري بالكامل والنسبي بالكامل، ويراعي التوازن في التوزيع العام للمقاعد، إذ لحظ 64 مقعداً على النظام الأكثري و64 مقعداً على النظام النسبي. أي 32 مقعداً على أساس الأكثري و32 على النسبي عند المسلمين والمسيحيين.

كما يراعي التوازن في توزع مقاعد المذاهب والطوائف مناصفة بين الأكثري والنسبي. وفي الدوائر جعل الاقتراح المقاعد مناصفة بين النظامين الأكثري والنسبي.

و «لأن العدالة المطلقة مستحيلة التحقيق»، قال ناصر الدين: «جرى تصحيح بعض الخلل على حساب الأقضية ذات اللون الطائفي والمذهبي الواحد للمحافظة على التوازن المقصود في المناطق (الدوائر المختلطة). (وعلى سبيل المثل لا الحصر، نقل مقعد الأرمن الكاثوليك في بيروت الأولى من النظام النسبي إلى النظام الأكثري)».

أضاف: «يحافظ هذا الاقتراح على مستوى معقول من «النقاش الإيجابي» بين المذاهب في الدائرة الواحدة، والشعور بحاجة أي فريق إلى التواصل والحوار مع الفريق الآخر، بعيداً عن حسابات الربح والخسارة والتصنيف المذهبي من خلال الانتماء السياسي. ويضمن هذا الاقتراح لما يسمى بالأقليات المذهبية أو الطائفية التأثير الانتخابي من خلال الاقتراع النسبي والصوت الأفضلي».

ووفق الصيغة، فإن «أي انتخابات لا تقوم على تحالفات سياسية ووطنية لا تعبر عن التمسك بالعيش المشترك والوحدة الوطنية، وبالتالي لا تقدم أي ضمانة لاستقرار الصيغة اللبنانية المميزة».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024