منذ 6 سنوات | لبنان / الجمهورية



في السياسة، بدت الساحة الجنوبية وكأنّها صندوق بريد لتبادُل الرسائل السياسية وغير السياسية، وفي الاتّجاهات كلّها، وكانت لافتةً للانتباه في هذا السياق الجولة الجنوبية لرئيس الحكومة سعد الحريري، والتي جاءت على مسافة 24 ساعة من الجولة الإعلامية التي نظّمها «حزب الله» إلى المنطقة ذاتها، وما رافقها من تأييد من حلفاء الحزب، وكذلك من التباسات وتحفّظات في الجانب الآخر، وخصوصاً على المستوى الدولي. وأمّا في الملف الانتخابي، فقد أعطى فشلُ التوافق السياسي في إيجاد مفتاح الخروج من المأزق الانتخابي الراهن، اللبنانيين سِمة دخول إلى غرفة الانتظار القلِق لِما سيكون عليه حال بلدهم حينما تحين التواريخ الساخنة؛ بدءاً من تاريخ 15 أيار المقبل موعد انعقاد جلسة مجلس النواب وعلى جدول أعمالها اقتراح التمديد سَنة للمجلس، وكذلك تاريخ 20 حزيران اليوم الأخير من عمر ولاية المجلس الحالي. وأمام هذين التاريخين ليس سراً أنّ البلد مفتوح على شتّى الاحتمالات.

خَطفت زيارة الرئيس الحريري إلى الحدود الجنوبية (برفقة وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون، اهتمامَ المراقبين، وخصوصاً أنّها تأتي من خارج سياق الحدث الانتخابي الذي يشغل كلّ الحواس السياسية الداخلية.


وإذا كانت الجولة الإعلامية التي نظمها «حزب الله» الخميس الماضي ما تزال محلّ تساؤل في أوساط محلية وخارجية عن أبعادها والغاية منها في هذا التوقيت بالذات، فإنّ زيارة الحريري أحيطَت بتساؤلات أيضاً عن أبعادها وتوقيتها في هذه اللحظة السياسية، وما إذا كانت رسالة اعتراضية على جولة «حزب الله»، ومن المنطقة التي يفترض أنّها تحت سيطرة ونفوذ الحزب.


واللافت للانتباه أنّ الحريري أعلنَ مِن مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة أنّ «الحكومة غير معنية بما حصَل ولا تقبل به، وهي تلتزم تطبيق القرار 1701».


وأكّد أنّ الجيش «هو وحده المكلّف بحماية الحدود والذي يدافع عنّا بصفته القوّةَ الشرعية التي لا قوّة فوق سلطتها».


وجدَّد التزامَ لبنان «كلَّ قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، وقال: «نحن كدولة، واجبُنا الأساسي حماية السيادة والحدود والمحافظة على الأمن والاستقرار لأهلنا في هذه المنطقة العزيزة».


وشدّد الحريري على أنّ «الدولة اللبنانية لكلّ اللبنانيين، والجيش اللبناني لكلّ اللبنانيين، وليس لديه أيّ أجندة سوى مصلحة كلّ اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم وسيادتهم على أرضهم. ولا سلطة في لبنان فوق هذه السلطة ولا أجندة في لبنان خارج هذه الأجندة، وهذا الكلام يجب أن يكون واضحاً للجميع». وأكّد أنّ الحكومة والدولة مسؤولان عن السلام في الجنوب.


إنتخابياً، تبدو المسألة مسألة أيام؛ يفترض أن يتحدّد فيها المسار النهائي الذي سيَسلكه البلد، إنْ نحو التوتير السياسي - الانتخابي وما قد يستتبع ذلك من سلبيات، أو نحو التبريد ودخول البلد في ربيع سياسي، وما بين التوتير والتبريد خيط رفيع قابل لأن ينقطع في أيّ لحظة، تبعاً للأداء السياسي الذي في يده عودُ الثقاب لإشعال التوتّر عبر الاستمرار في حالِ التباعد والانقسام الراهن والاختلاف حتى على جنسِ الملائكة، وفي يده أيضاً الماء للإطفاء والتبريد عبر ارتفاع الجميع إلى مستوى المسؤولية وحسم التوافق الانتخابي بصورة جدّية ونهائية.

وإذا كانت الحركة حول الملف الانتخابي قد لفَحها في الساعات الأخيرة شيء من حيوية، إنْ في الاتصالات التي تكثّفَت بين الرباعي؛ التيار الوطني الحر، و«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المستقبل»، لجوجلة أفكار وصيَغ انتخابية، إلّا أنّها لم تبلغ بعد عتبة التوافق أو التفاهم حول أيّ من نقاط البحث، ما خلا الالتقاء على بعض العناوين العامة الشكلية وليس التفاصيل الجوهرية المرتبطة بشكل القانون الانتخابي، وعدد الدوائر وماهية القانون؛ نسبي أو أكثري أو تأهيلي أو مختلط، مع الإشارة إلى أنّ «حزب الله» ما زال يرفض أيّ قانون مختلط، بل يتمسّك بالنسبية ويترك لحلفائه هندسة الدوائر. وهو يتناغم بالموقف من النسبية مع الرئيس نبيه بري الذي قال إنه سيبادر الأسبوع المقبل إلى طرح صيغة انتخابية قائمة على النسبية الكاملة، وتراعي، كما قال، الجميعَ والبلدَ بالدرحة الأولى.

وعلمت «الجمهورية» أنّ مراجع رسمية عليا تبلّغَت موقفَ الحزب من أجل عدمِ التورّط في مشاريع قوانين لن تبصر النور.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024