منذ 6 سنوات | ثقافة / نبض الوطن

عمر: ”فلنذهب إلى غرفة جدنا ونرى إن كانت رائحتها كريهة“.ردت ليلى: ”أذكر أن في آخر مرة دخلناها كانت رائحتها كالجبنة الفاسدة“.

إن هذا الاقتباس من المسلسل الكرتوني ”راجراتس“ الذي عرض في تسعينات القرن الماضي يقصد به المزاح لا أكثر، لكن الفكرة تستند إلى أرضية علمية في الحياة الواقعية. فكما هو معروف، لكبار السن رائحة جسد خاصة يسهل تمييزها.

روائح التعفن أو المستحضرات الطبية أو الأطعمة الفاسدة أو—ببساطة—رائحة شخص هرم؛ هي التوصيفات الأكثر استخداماً عند الناس، لكن اليابانيين أطلقوا عليها تسمية أكثر لباقة ”كارييشو kareishu“.

في إحدى الدراسات اليابانية، نسب الباحثون تلك الرائحة إلى مركب كيميائي يدعى ”2-nonenal“، ينتج عن تفكك مواد كيميائية أُخرى، ما يؤدي إلى إفراز مادة دهنية تنفذ جزيئاتها من الجلد وتنتشر في الجو.

قمصان مصممة خصيصاً لتخزين ”رائحة الجسد“ قبل النوم.

دراسة أُخرى شملت اثنين وعشرين شخصاً تتراوح أعمارهم بين السادسة والعشرين، والخامسة والسبعين، طلب منهم ارتداء قمصان مصممة خصيصاً لتخزين ”رائحة الجسد“ قبل النوم.

ومن خلال تحليلهم للجزيئات العالقة في الثياب، لاحظ الباحثون أن نسبة المركب الكيميائي”2-nonenal“ عند كبار السن تساوي ثلاثة أضعاف ما أفرزه ذوي الطبقة المتوسطة من العمر. أما الأصغر سنا، فكانت نسبة طرحهم لهذا المركب هي الأقل.

من جهة ثانية، اعتبر الباحثون أن تفكك الأوميغا 7 (وهو قسم من الاحماض الدهنية غير المشبعة) هو السبب في ازدياد منسوب ”2-nonenal“، حسب ما أظهره تحليل جزيئات المواد الكيميائية العالقة في ثياب المتطوعين الأكبر سناً. ومن الممكن أن يكون ”2-nonenal“ ناتج ثانوي عن تفكك الأوميغا 7، بسبب تقلبات عمليات الاستقلاب عند التقدم في العمر، أو تغير نسبة المواد الكيميائية الأُخرى التي تُطرح عبر الجلد خارج الجسم.

في حين كشفت دراسة أُخرى تعتمد على قدرة المتطوعين على تمييز عمر الناس من خلال تحسس روائح عينات فحص السكري (البول)؛ كشفت أن التفريق بين روائح الفئات العمرية التي تتراوح بين العشرين والثلاثين، وبين الخامسة والأربعين والخامسة والخمسين أمر شبه مستحيل. لكن المتطوعين ميزوا بسهولة روائح العجائز الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسبعين والخامسة والتسعين. مع ذلك، لم يقيّم المتطوعون روائح كبار السن تحديداً على أنها كريهة أو مقرفة، بل كانت فريدة وسهلة التمييز.

وبالرغم من أن الغرض البيولوجي من ”رائحة كبار السن“ ما زال غامضاً، يعتقد بعض الباحثون أنها مرتبطة بمسألة الكشف عن التقدم بالعمر الموجودة عند البشر والحيوانات. فعلى سبيل المثال، تتمتع بعض الحيوانات بالقدرة على تمييز الفرق العمري عند قريناتها من خلال الرائحة فقط، وتنجذب إلى مرافقة من يكبرها سناً.

ومن الممكن أن القدرة على تحسس رائحة الحيوانات الأكبر سناً يكشف سر بقائها على قيد الحياة لفترة أطول، وبالتالي، يمتلك الناجون جينات مميزة زادت فرصهم بالنجاة والتكاثر.

وبالنتيجة، ”روائح كبار السن“ إشارة إلى تفوق جيني فريد، وهذا ما يعطي تفسيراً جديداً لسر جاذبية الرجال الأكبر سناً.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024