منذ 7 سنوات | صحة جنسية / البوابة

على مواقع التواصل انتشرت التعليقات الساخرة و"الكوميكس" التي تستهزئ من محتوى التسجيل الصوتي لأم الطالبة التي تستنكر احتضان طالب آخر لابنتها داخل المدرسة، وتنوعت ردود الأفعال بين السخرية من تهويل الأم للموقف وتضخيمه وبين رفض رسالة الوالد وأسلوبه غير اللائق.

وعكست بعض التعليقات رفضها الأفكار سلبية مترسخة في المجتمع كالتباهي بإنجاب الذكور والنظرة الدونية للبنت، فكتب "أحمد عبد الجواد" التسجيل يعكس ثقافة مُرعبة وخاصة لرجل مثلي لديه أربع بنات، فالمجتمع الذي يرى البنت سبباً في أي سلوك غير سوي تجاه المرأة مثل التحرش أو الاغتصاب مجتمع مريض".

ويعلق الدكتور محمد المهدي، الخبير النفسي، على بعض الأخطاء التربوية التي جاءت في هذا التسجيل خصوصاً فيما يتعلق بالفهم العام للعلاقات العاطفية بين الأطفال والتلاميذ بالمدارس، يقول لـ "العربي الجديد": هناك فرق كبير بين السلوك الذي اتبعه الكبار وبين سلوك الطفل، فالأطفال ليس عندهم ما يعرف "بالوعي الجنسي" وما فعله الطفل لا يحتمل أي دلالات جنسية ولا يعدو عن كونه مجرد لعب، وتبدأ المشكلة في حال تعرض الطفل لمشاهد جنسية في التلفاز أو رأى والديه يقومان بنفس الفعل أو تعرض لنوع من الإساءة الجنسية، ولهذا نحذر من تعرض الطفل للمشاهدات الجنسية، ويلزم القانون وسائل الإعلام بكتابة "للكبار فقط" حال عرض محتوى يشتمل على أي إيحاءات جنسية حتى لا تتداخل هذه المشاهد في وعي الطفل في سن غير مناسبة.

ويوضح المهدي: ما فعله الكبار سلوك غير تربوي بالمرة لأنهم "جنسنوا" هذا السلوك كما أسقطوا على الأطفال مشاعرهم وأفكارهم وهي قراءة لا تتناسب إطلاقاً مع مرحلة الطفلين وبعيدة عن المنطق السليم وكان عليهم أخذ الموضوع ببساطة أكثر، كأن تذهب الأم إلى المدرسة وتستدعي ولي أمر الطفل ويتم التحاور مع الأخصائية النفسية للمدرسة التي بدورها تقوم بضبط انفعال الطرفين وتوعية الأطفال عن طريق الكرتون وأنشطة المحاكاة لتعريف الطفل بما يصح ولا يصح.

وعلى جانب آخر، يجب على كل أسرة تعريف أطفالها باللمسة البريئة واللمسة غير البريئة وكذلك الأحضان المقبولة وغير المقبولة بقصد حفاظ الطفل على جسده باعتباره ملكاً له، وأنه له كرامة، وبالتالي حماية البنت والولد من أي لمسات بها إساءة، فكلاهما سيان ولا يجب ترسيخ فروق بين الجنسين، فلا يجب لابني الذكر أن يحضن و"يبوس" من يريد، كما جاء على لسان والد الطفل الذي يرسخ لهذه الفكرة الشاذة.

ويتابع المهدي: هذا التسجيل ينقل رسالة خطيرة في مجتمع أصبح يستسهل تسريب الخصوصيات وتشويه سمعة الآخرين أسوة بما تنقله وسائل الإعلام من تسريبات تليفونية شخصية لأشخاص بعينها دون عقاب أو جزاء رادع كما يحدث في الإعلام المصري على سبيل المثال، وبالتالي تعطي هذه القدوة الإعلامية الضوء الأخضر للمجتمع بأن الحياة الشخصية لأي فرد مباحة حتى أصبحنا نتعدى الحرمات بسهولة، ومن هنا لابد وأن نعي أن قيم المجتمع تتشكل عندما يطبق القانون بشكل حازم وواضح يردع كل من تسول له نفسه انتهاك خصوصية الآخرين وبالتالي يتشكل في نفوس الناس احترام خصوصية الآخر.

وعلى جانب آخر ترى أمينة طلعت الناشطة في مجال حقوق المرأة، أن التسجيل يعكس الكثير من المغالطات الفكرية والأمراض المجتمعية وتوضح: ما حدث يمكن اعتباره نتيجة طبيعية للنظر إلى الفتاة باعتبارها مجرد أنثى، وليست كونها إنساناً له كامل الحرية مثلها مثل الرجل، والنتيجة خلق أجيال تحتفي وتتباهى فيما بعد بـ "خلفة" الأولاد وتحس بالعار إذا لمس طفل طفلتهم ذات الست سنوات.

وتقول: النهوض بأفكار المجتمع يقوم على محورين، الأول يتمثل في تنمية كل أسرة لنفسها والارتقاء بأفكارها، والاتجاه الثاني يتمثل في وضع الدول العربية لخطط تنمية بشرية حقيقية تهدف إلى توعية المجتمع والأطفال وغرس القيم وتحصينهم من الأمراض المجتمعية في سبيل علاج الانهيارات الأخلاقية التي نعيشها.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024