«ثلاثة وثلاثون عامًا مرّت على فراق الأصدقاء، أحسبها بالثانية والدقيقة، فحنين الذكريات يكاد أن يقتلني»، كان هذا هو لسان حال «مدحت حسنى» خريج مدرسة رمسيس الخاصة بشبرا، دفعة 84، المدرسة العتيقة التي يتجاوز عمرها المائة عام.
لم يستسلم «مدحت» للفراق، وجاءت أغنية الإعلان الشهيرة، حافزًا له لتنفيذ ما دار في ذهنه وتمناه منذ سنوات عديدة، «فاكر أيام لمتنا كانت تعدى ساعات في ثوانى.. يلا نرجع لمتنا»، كانت تلك الكلمات بمثابة بقعة ضوء بعث فيه الأمل من جديد، وظلت العقبة أمامه هي كيف يبدأ؟
وجد مدحت ضالته في عالم السوشيال ميديا، وتحديدا موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، تلك الوسيلة الجديدة التي لم تكن قد رأت النور حين كان مدحت وأصدقاؤه يلهون في بهو مدرستهم العتيقة، كانوا في تلك الفترة يتواصلون عبر الهواتف الأرضية التي راح زمنها مع أشياء أخرى، وكانوا حينها سعداء جدا، ولكن لم يجد هذا الرجل الخمسينى مفرا، سوى أن يلجأ إلى ذلك العالم الافتراضى ليعثر على أصدقائه القدامى.
«إلى جميع الذين تخرجوا من مدرسة رمسيس الخاصة بشبرا، أو ما زالوا يدرسون بها، هيا نجتمع بعد عشرات السنين، لنتقابل ونعرف أخبار بعضنا، ونعود إلى الوراء سنين طويلة لنتذكر أيامنا الجميلة».. كان هذا هو النداء الذي كتبه مدحت حسنى على «جروب» دشنه باسم المدرسة، على «فيس بوك»، لـ «لم شمل الأصدقاء واستعادة الذكريات الجميلة».
بمرور الوقت ذاع صيت «الجروب» على موقع التواصل الاجتماعى، وأصبح ينضم إليه يوما بعد آخر خريجو المدرسة من دفعات مختلفة على مر السنين، حتى وصل عدد المنضمين به الآن إلى أكثر من 3 آلاف عضو، جميعهم من خريجي ومعلمى مدرسة رمسيس الخاصة بشبرا.
«ليس هناك شيء أجمل من لقائك مع أصدقائك القدامى».. حكمة قصيرة للشاعرة والروائية الأمريكية سيلفيا بلاث، أراد الأصدقاء أن يتذوقوا جمالها على أرض الواقع، فلم تكف الصور والذكريات القديمة على «فيس بوك» أن تطفئ نار شوقهم للقاء.
وبالفعل حدد الأصدقاء موعدا للقاء مرة أخرى بعد سنوات طويلة، وكان المكان هو مدرستهم التي أرجعوا لها الفضل في أنها تركت لهم كل تلك الذكريات السعيدة، ولم ينس الرفقاء فضل معلميهم كذلك، فأصروا على دعوتهم وقدموا لهم شهادات تقدير اعترافا بجميلهم.
