منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية




لم يعد في الميدان سوى نيسان، فجاة صُنِّف هذا الشهر على أنه شهر الخلاص، فرُحِّلت اليه الملفات الحساسة مقرونة بما يشبه الحسم من القوى السياسية الأساسية بأنه سيحمل الفرج المنتظر بإحداث ثغرة في الجدار المسدود وولوج باب المخارج، والحلول، إن في ما خصّ سلسلة الرتب والرواتب التي أخذت استراحة موقتة 

وعُلِّق الحراك المطلبي حولها إذ لعلّ الرياح الربيعية تهبّ عليها في نيسان وتنأى بها عن عاصفة الضرائب والرسوم التي ضربتها وذوّبت تقديماتها قبل أن تُعطى الى مستحقّيها من الموظفين، أو في ما خصّ القانون الانتخابي الذي أحيط بوعود سياسية من القوى الكبرى بحراك جدي ومُنتج غير الحراك السابق الذي دار في متاهات السياسة والمصالح والطروحات العشوائية.

وسط هذا الجو الملبّد، برز موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي حذّر من «خطر اضمحلال دور لبنان، جرّاء الخلل الديموغرافي الناتج عن عدم توازن العدد بين المسلمين والمسيحيين، 

وايضاً جرّاء الحرب السورية والكمّ الكبير من النازحين السوريين الذين باتوا يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد سكانه، ويزاحمون اللبنانيين على لقمة العيش ويشكلون عبئاً على الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يدفع بالكثير من اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين، الى الهجرة.

إذًا، تمّ إلقاء كل الحِمل السياسي والاقتصادي والمعيشي على نيسان، واللبنانيون دخلوا في رحلة انتظار ما سيحمله الآتي من الايام، فقد تعلّموا من التجارب السابقة الّا يصدّقوا شيئاً إلّا ليلمسوا بأيديهم الانتقال من العتمة الى الضوء، خصوصاً انّ المناخ السياسي لم يتحرّر بعد من أسر الانقسامات والتباينات الحادة حول كل الملفات، وبالتالي يُبقي الخشية قائمة من أن ينتهي نيسان كما يبدأ عادة، بكذبة تُحبط كل الآمال المعلّقة عليه.

فالسلسلة معلّقة حالياً بوعد جديد بإقرار سريع لها في المجلس النيابي كحق للموظفين، وبمعزل عن الايرادات وتغطية كلفتها التي هي من مسؤولية الحكومة، إنما ذلك لن يتم قبل بناء الهيكل الانتخابي بقانون جديد، وهو أمر يريح الهيئات الاقتصادية التي ما زالت تحذر من أن تلتفّ السلسلة على خناق مالية الدولة بارتدادات سلبية تأخذ البلد الى انهيار حتمي، الّا أنه في المقابل يضع الحركة المطلبية والنقابية في موقع القلق الشديد من أن يكون نيسان شهر النسيان وطَمس كل المطالب والحقوق،

 وعلى ما يقول بعض النقابيين لـ«الجمهورية»: من الصعب الرهان على أن يصلح نيسان ما أفسدته سنوات من المماطلة، بل ما نتوقّعه هو محاولة وضع سلسلة الرواتب أمام جولة جديدة من سياسة الهروب الى الامام على نحو ما اعتَدنا عليه طيلة السنوات الاخيرة، تُلقي بها في الادراج مجدداً، وتذهب بحقوق الموظفين ومستحقي السلسلة أدراج الرياح، وهذا المنحى يُنذر حتماً بحراك تصعيدي مفتوح غير محدد بزمن او بسقف.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024