نزح نحو ٦٦ ألف شخص جراء معارك مستمرة بين تنظيم الدولة الإسلامية واطراف عدة في محافظة حلب في شمال سوريا، بحسب ما كشف تقرير اصدره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية امس.

وباتت قوات النظام السوري تبعد بضعة كيلومترات عن بلدة استراتيجية في ريف حلب الشمالي الشرقي تضم مضخة مياه رئيسية في اطار هجوم شنته بدعم روسي منذ منتصف كانون الثاني لتوسيع مناطق سيطرتها.

ويتحدث تقرير الامم المتحدة عن نزوح «نحو ٤٠ ألفا من مدينة الباب وبلدة تادف المجاورة، إضافة إلى ٢٦ ألفا من شرق الباب» في ريف حلب الشرقي.

ومني الجهاديون بخسارة ميدانية بارزة قبل اكثر من اسبوع مع طردهم من مدينة الباب، ابرز معاقلهم في المحافظة بعدما سيطرت عليها القوات التركية والفصائل المعارضة القريبة منها في حملة «درع الفرات» التي بدأت في آب الماضي.

وأفاد التقرير أن ٣٩٧٦٦ شخصا نزحوا من مدينة الباب وجوارها وفروا شمالا إلى مناطق تسيطر عليها فصائل أخرى معارضة، ولا يزالون غير قادرين على العودة بسبب القنابل والألغام التي زرعها الجهاديون قبل انسحابهم.

وفرّ ٢٦ ألفا آخرون منذ ٢٥ شباط من المناطق الواقعة شرق الباب حيث تخوض قوات النظام السوري هجوما ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وفر عدد كبير من هؤلاء إلى مناطق محيطة بمدينة منبج التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، تقاتل الجهاديين بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وشاهد مراسل فرانس برس في منبج امس طوابير طويلة من عشرات العائلات تنتظر عند الحواجز الامنية على مداخل المدينة. وفر هؤلاء من المعارك في ريف حلب الشمالي الشرقي على دراجات نارية وفي سيارات وحافلات صغيرة محملة بالاطفال الى جانب الحقائب والاكياس.

وخضع النازحون، الى التفتيش الدقيق من قبل عناصر قوات سوريا الديموقراطية قبل السماح لهم بالمرور.

«اطفالنا جائعون»

وتؤوي مدينة منبج وريفها بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان «عشرات الاف النازحين» الذين فروا من معارك سابقة في المنطقة، ما يجعل توفير «الاحتياجات الملحة لموجة جديدة من النازحين.. صعبا للغاية».

وقالت جومانه البالغة ٢٥ عاما التي نزحت مع طفليها من المعارك بين الجيش السوري والجهاديين «غادرنا منازلنا بدون ان نحمل شيئا. لا وقود لا خبز. اطفالنا جائعون».

وبدأت قوات النظام بدعم روسي هجوماً في ريف حلب الشرقي منذ منتصف كانون الثاني وتمكنت من انتزاع اكثر من تسعين قرية من ايدي الجهاديين، وفق المرصد السوري.

ويهدف الجيش السوري الى التوسع اكثر في ريف حلب الشرقي ليصل الى بلدة الخفسة شمالا حيث محطة رئيسية لضخ المياه تغذي بشكل رئيسي مدينة حلب التي تعاني منذ نحو خمسين يوماً من انقطاع المياه جراء تحكم الجهاديين بالمضخة. وقصفت الطائرات السورية والروسية امس مواقع الجهاديين لدعم الجيش السوري الذي بات على مسافة تسعة كيلومرات من بلدة الخفسة وستة كيلومترات من محطة المياه، وفق المرصد.

وقتل ثمانية عناصر من قوات النظام مساء السبت في تفجير انتحاري تبناه تنظيم الدولة الاسلامية في قرية السامية قرب بلدة دير حافر الواقعة على الطريق الرئيسية بين مدينتي حلب والرقة والتي تقع الخفسة الى الشمال منها.

وفي هجوم ثان تبناه تنظيم الدولة الاسلامية، فجر انتحاري امس حزامه الناسف في مدينة اعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي.

واسفر التفجير، بحسب المرصد، عن مقتل «سبعة مقاتلين واصابة آخرين بجروح بينهم حالات خطرة».

وذكرت وسائل الإعلام السورية يوم السبت أن جيش النظام وسع نطاق سيطرته على قرى كانت خاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال غرب سوريا ليبسط نفوذه على مزيد من الأراضي مع طرده المتشددين من مزيد من الجيوب في محافظة حلب.

ونقلت قناة الإخبارية المملوكة للنظام عن مصدر عسكري قوله إن الجيش حقق تقدما مطردا في الأسابيع الأخيرة في ريف حلب الشرقي في اتجاه نهر الفرات وبات يسيطر حاليا على المزيد من القرى.

وفي وقت سابق قالت المعارضة المسلحة إنها أحبطت هجوما كبيرا للجيش السوري والفصائل المدعومة من إيران على معاقلها الباقية في ريف حلب الغربي قرب حي الراشدين.

وباستعادة الجيش لأراض جنوبي الباب من الدولة الإسلامية فإنه يمنع أي تحرك محتمل لتركيا والجماعات المعارضة التي تدعمها للتوسع باتجاه الجنوب.

من ناحية أخرى اندلعت اشتباكات لليوم الرابع بين قوات المعارضة التي تدعمها تركيا وقوات سوريا الديمقراطية غربي منبج التي تعهدت قوات المعارضة باستعادتها.

وقال المرصد السوري وناشطون إن طائرات يُعتقد أنها روسية قصفت سوقا للماشية في بلدة عقيربات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في ريف حماة الشرقي مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص وإصابة عشرات آخرين.

لكن مصدرا بالجيش السوري قال إن طائرات استهدفت معسكر تدريب يديره تنظيم الدولة الإسلامية مما أدى إلى قتل ما لا يقل عن ٤٠ متشددا.

وقصت طائرات روسية أيضا مناطق سكنية بمدينة الدانا في محافظة إدلب مع مقتل ما لا يقل عن خمسة مدنيين وإصابة أكثر من عشرة آخرين.

إسقاط ميغ ٢٣

على صعيد اخر افادت وكالة انباء الأناضول التركية الحكومية امس أن طيارا تابعا للقوات الجوية السورية تمكن من القفز من طائرته العسكرية التي تحطمت في تركيا وقال لفريق إنقاذ تركي إن طائرته وهي من طراز ميغ-٢٣ أسقطت.

ويدعى الطيار محمد صوفان (٥٦عاما) وقال فريق طبي إنه ليس في حالة حرجة على الرغم من إصابته بكسور في العمود الفقري.

وذكرت وكالة الأناضول أن صوفان قال للسلطات التركية في بيان أولي إن طائرته أسقطت وهي في طريقها لمهاجمة مناطق ريفية قرب إدلب بشمال سوريا. وقال إنه أقلع من اللاذقية بسوريا.

وتبنت حركة احرار الشام الاسلامية الناشطة في محافظة ادلب اسقاط الطائرة.

وقال المتحدث باسم الحركة احمد قرة علي السبت إن «كتائب الدفاع الجوي في حركة أحرار الشام تمكنت من إسقاط طائرة ميغ ٢٣ تابعة لنظام الأسد كانت تحلق في سماء محافظة إدلب ونفذت غارات في الريف الشمالي».

كانت وكالة دوجان التركية للأنباء قالت في وقت سابق إن السلطات عثرت على الطيار على بعد نحو ٤٠ كيلومترا من حطام طائرته. واصطحبه فريق الإنقاذ أولا لمركز الشرطة ثم للمستشفى.

ونقل التلفزيون السوري يوم السبت عن مصدر في الجيش قوله إن القوات الجوية فقدت الاتصال بمقاتلة أثناء مهمة على مقربة من الحدود التركية دون إعطاء تفاصيل.

ولم يتضح بعد سبب تحطم الطائرة وهل تعرضت لهجوم أم لعطل فني.

الغوطة الشرقية

ميدانياً أيضاً، كثف النظام السوري غاراته الجوية امس على الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق.

وأفيد أن النظام شن أكثر من أربعين غارة على حيي القابون وبرزة في غوطة دمشق الشرقية ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين على الأقل في إحصائية أولية قابلة للزيادة، خاصة أن هناك عشرات الجرحى والمفقودين تحت الأنقاض.

كما شنّ النظام قصفا مدفعيا وجويا مكثفا استهدف منازل المدنيين في حرستا وعربين وزملكا وقرية الافتريس ومزارع سقبا بالغوطة الشرقية في ريف دمشق، مما أدى إلى قتلى وجرحى وخسائر بالممتلكات.

يأتي ذلك بالتزامن مع اشتباكات اندلعت بين قوات النظام وقوات المعارضة المسلحة على أطراف حرستا الغربية وبساتين برزة، في محاولة من النظام لاقتحام المنطقة.

ووصف قصف اليوم على الغوطة بأنه تصعيد غير مسبوق منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في كانون الثاني الماضي الذي رعته روسيا.

الوضع السياسي

سياسياً، وعلى الرغم من أن الجولة الرابعة من محادثات جنيف حول سوريا لم تخرج خالية الوفاض، بل حددت على الأقل جدول أعمال الجولة الخامسة، إلا أن موعد تلك الجولة لم يحدد بعد من قبل المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الذي اكتفى بالقول، الجمعة، إنها ستجري هذا الشهر.

لكن يبدو أن روسيا استبقت موقف دي ميستورا وحددت من جانب واحد التاريخ. فقد سارعت إلى تحديد٢٠ آذار الحالي موعداً للجولة الخامسة من المفاوضات.

وحسب المصادر ذاتها فإن الجانب الروسي يريد «لي ذراع» المبعوث الدولي الذي لم يعطِ تاريخاً محدداً في مؤتمره الصحافي الختامي مساء الجمعة، مشيراً إلى مشاوراته مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع مجلس الأمن الدولي، واكتفى بالقول إن «جنيف-٥» ستكون في الشهر الحالي.

واعتبرت المصادر أن النتيجة الإيجابية «الرئيسية» التي استطاع المبعوث الدولي انتزاعها من وفدي النظام والهيئة العليا للمعارضة في جنيف-٤ تتمثل في إقرار «التوازي» في تناول الملفات الأربعة أو السلات (الحوكمة، والدستور، والانتخابات، والإرهاب) التي ستشكل محاور جنيف5.

إلا أن لا شيء قد يكفل ثبات النظام السوري على هذا الجدول، لاسيما أن رئيس وفده إلى جنيف، بشار الجعفري، طالب مجدداً في المؤتمر الصحافي الذي عقده في جنيف السبت بـ«وفد موحد» للمعارضة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024