دفعت رغبة استكشاف عالم آخر جديد، نحو تطور هائل في مجال التكنولوجيا، وفي علوم الفلك واستكشاف الفضاء. ونتيجةً لذلك أصبحنا نشاهد الصواريخ والمركبات العملاقة، التي تحمل البشر والروبوتات في مَهمَّات سفر تجوب الكون.
تمكّن البشر من تحقيق إنجازات ملموسة، في مجال استكشاف الفضاء، وتسجيل أرقام قياسية سطرها التاريخ. ساعد في هذا التنافس العلمي بين الدول؛ فكل دولة تود أن يكون لها السبق في الوصول إلى الهدف قبل غريمتها.
فيما يلي نتناول أبرز الإنجازات والأرقام التي حققها رواد الفضاء في جولاتهم لسبر أغوار الكون من حولهم.
في الثاني عشر من أبريل/نيسان عام 1961، قام رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين برحلة دوران حول الأرض في مركبة الفضاء Vostok 1. استغرقت الرحلة 108 دقيقة، واعتُبر أول إنسان يغادر حدود الغلاف الجوي للأرض.
دُفعت المركبة عالياً بواسطة صاروخ Vostok 8K72K، وأُطلِقت من موقعٍ قريب من قاعدة بايكنور في كازاخستان.
وتمكّن خلال رحلته من تناول الطعام والشراب، والحفاظ على اتصال مستمر مع المراقبين في الأرض عبر التليفون والتلغراف. وقام بتسجيل تقرير عن رحلته يصف فيه الأرض كما رآها من جبال وأنهار وغابات وسواحل وجُزر.
بعد مشاركته في مَهمَّة مكوك الفضاء Discovery STS-95، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1998، حقق رائد الفضاء الأميركي جون جلين رقماً قياسياً كأكبر رائد يسافر إلى الفضاء إذ سافر في عمر 77 عاماً.
كان الغرض الرئيسي من هذه المهمَّة، هو دراسة تأثير رحلات الفضاء على الجسم البشري، والتغيرات الطبيعية التي تحدث كلما تقدم الشخص في السِّن.
يُعد هذا رقماً قياسياً آخر يسجله جلين، بعد أن دخل التاريخ كأول رائد فضاء أميركي يدور حول الأرض في فبراير/شباط عام 19622، عندما قام بالدوران حول الكرة الأرضية ثلاث مرات، في 4 ساعات و56 دقيقة.
بعد أن نجح الاتحاد السوفيتي سابقاً، في إرسال أول إنسان خارج الغلاف الجوي في رحلةٍ حول الأرض. سعى نحو التجهيز لمَهمَّة جديدة أرسل فيها الرائد جيرمان تيتوف؛ لدراسة تأثير هذه الرحلات على البشر عندما تستمر لأوقات طويلة.
انطلق "تيتوف" في مَهمَّته في أغسطس/آب عام 1961، ليدخل التاريخ كثاني إنسان يدور حول الأرض بعد السوفييتي غاغارين الذي سبقه في العام نفسه.
لا يقتصر الأمر على هذا وحسب؛ فرائد الفضاء كان يبلغ من العمر حينها 26 عاماً، الأمر الذي جعله أصغر شخص سافر إلى الفضاء حتى الآن. وقد استمرت مَهمَّته 25 ساعة و18 دقيقة، ليصبح أيضاً أول شخص يقضي يوماً كاملاً في الفضاء، وأول من ينام في الفضاء خلال رحلته تلك.
في الخامس من مايو/أيار عام 1961، انطلق رائد الفضاء الأميركي آلان شيبرد، في مركبة الفضاء Freedom 7 من منصة إقلاعها في فلوريدا. وأصبح أول أميركي يصل إلى الفضاء بعد شهر من نجاح مَهمَّة السوفيتي غاغارين، إلا أن مَهمَّة شيبرد لم تلق احتفاءً كبيراً؛ إذ استغرقت 15 دقيقة فقط، قطع خلالها ما يزيد عن 300 ميل.
تنفرد بهذا اللقب المهمَّة التي قامت بها مركبة الفضاء كولومبيا STS-80، التي بدأت رحلتها في التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1996، واستغرقت 17 يوماً و15 ساعة و53 دقيقة؛ لتسجل أطول مهمَّة لمكوك فضائي منفرد، لا يحمل رواد فضاء على متنه، قطع خلالها 77 ملايين ميل.
في ديسمبر/كانون الأول عام 1972، قضى رائدا الفضاء هاريسون شميت ويوجين سيرنان، أثناء مهمَّة Apollo 17 التابعة لوكالة ناسا الفضائية، نحو 75 ساعة على سطح القمر أي مايعادل أكثر من ثلاثة أيام. وتُعد هذه المدة أطول فترة قضاها رواد الفضاء على القمر، كما يُعد سيرنان آخر إنسان حطَّت قدماه على القمر منذ ذلك الحين وحتى الآن.
وصلت مركبة الفضاء التي حملت طاقم مهمَّة القمر Apollo 10 التابعة لوكالة ناسا، إلى سرعةٍ قصوى تبلغ 247911 ميلاً في الساعة، أثناء رحلة العودة إلى الأرض في السادس والعشرين من مايو/أيار عام 19699، وتُعد هذه أكبر سرعة سافر بها البشر على الإطلاق.
يتطلب السفر في مَهمَّة إلى الفضاء أحياناً الخروج من المركبات؛ لإجراء بعض الإصلاحات لها أو جمع عيناتٍ وتنفيذ بعض المَهمَّات. في مارس/آذار عام 2001، سار رائدا الفضاء جيم فوس وسوزان هيلمز، أطول مسافة في الفضاء قام بها البشر على الإطلاق؛ حيث استغرقا 88 ساعات و56 دقيقة خارج محطة الفضاء الدولية التي تدور حول الأرض، أثناء قيامهما ببعض أعمال الصيانة.
تسعى وكالة ناسا بطرق مختلفة إلى تطوير وتحسين بِزّات الفضاء، من خلال تصميمها بشكلٍ أكثر مرونة، وأسهل في ارتدائها وخلعها؛ بهدف تيسير الحركة وأداء المَهمَّات لرواد الفضاء.
وصل طاقم مهمَّة القمر Apollo 13، إلى أبعد مسافة عن الأرض وصل إليها البشر، عندما كانوا على بعد 158 ميلاً عن سطح القمر، وارتفاع 248,655 ميلاً عن سطح الأرض.
سجلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية ذلك في الساعة 1:21 صباحاً بتوقيت غرينتش، في الخامس عشر من أبريل/نيسان عام 1970.
في الخامس من أغسطس/آب عام 2005، حقق رائد الفضاء الروسي سيرغي كريكاليف، رقماً قياسياً في عدد الأيام الكُليّة التي قضاها بشر في الفضاء. خلال ست رحلات سفر إلى الفضاء قام بها، سجل "كريكاليف" رقمه القياسي البالغ 803 أيام في الفضاء.
لكن كما تجري العادة، وُضِعت الأرقام القياسية ليتم تحطيمها؛ إذ أتى رائد الفضاء جينادي بادالكا ليكسر هذا الرقم الذي بقي لعشر سنوات. قبل أن يسجَّل بادالكا رقماً جديداً لمجموع الأيام التي قضاها في الفضاء يبلغ 804 أيام، في الثامن والعشرين من يونيو/حزيران عام 2015، خلال رحلته الخامسة في الفضاء.
