منذ 7 سنوات | خاص / خاص - LIBAN8

ما حصل اليوم في دار الفتوى بعد رفض المرشحة الرئاسية الفرنسية رئيسة الجبهة الوطنية "مارين لوبان" وضع الحجاب على رأسها للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مغادرةً دار الفتوى دون أن تلتقيه، أثار ضجةً في الوسط اللبناني وعلى مواقع التواصل الإجتماعي فكان هناك المؤيد لموقف دار الإفتاء، حيث أشادوا به واتهموا لوبان بأنّها تشبه المتطرفين والمتعصبين، بالمقابل كان هناك الفريق المعارض لموقف دار الفتوى معتبرين أن هذا البروتوكول غير لائق ويجب شطبه وأن هذا تطرف مفرط وكل إنسان حرّ في اختياراته والله يحاسب الجميع، وكما يقولون "كل واحد على دينو الله يعينو"، متسائلين ما هو موقف المسلمين في حال فرضت فرنسا قراراً يمنع دخول المحجبات إلى البلاد؟

وبين هذا وذاك وبكل تجرّد وموضوعية وبعيداً عن المعتقدات الدينية فإنّ موقف دار الفتوى لا يُعد تطرفاً وليس فعلاً داعشياً بل هو من ضمن العادات والبروتوكولات لهذا البيت الإسلامي، وإن كانت "لوبان" أو أي شخصية أخرى يجب عليها احترام هذا البروتوكول بغض النظر عن ماهيته، فمن يدخل بيتاً عليه أن يتحلى بآدابه.

لذا لا بدّ أن نضع النقاط على الحروف لمن يجهلها خاصةً " لوبان " السيدة الكاثوليكية، ولن نحدّثها بالدين الإسلامي وعاداته نظراً للإسلاموفوبيا الذي تعاني منه بل سنأتي من بابٍ آخر هي أكثر العارفين به وإن كانت تجهله سنذكرها ونُلفت انتباهها إلى أن الحصول على شرف مقابلة البابا فرنسيس خلال جلسةٍ عامة أو أي حدث مهم آخر يرافقه بعض القواعد الواجب أخذها بعين الاعتبار في ما يتعلق باللباس خاصةً لباس السيدات، حيث يجب تغطية الأكتاف كما لا يجب أن يكون طول التنانير أو الفساتين أقصر من الركبة كما ويجب التأكد من أن خط العنق غير براق ومن المستحسن ارتداء طرحة سوداء على الرأس وعدم الإفراط في ارتداء المجوهرات. أما في ما يتعلق بلون اللباس، فمن المستحسن ارتداء الأسود وتفادي الأحمر، لون الكرادلة والبنفسجي الذي يحمل معاني ليتورجية عميقة والأبيض لون البابا، كما أن هناك استثناء وحيد في هذا المجال هو ما يُعرف بـ"الامتياز الأبيض" وهو امتيازٌ حصري للملكات الكاثوليكيات وأقران الملوك الكاثوليك وهي لافتةٌ تعبّر من خلالها الكنيسة على شكرها البيوت المالكة على وفائها في حين اعتنق الآخرون البروتستانتية.

بالإضافة إلى ذلك كان بروتوكول الفاتيكان في البداية يقضي أن يرتدي الرجال معطفاً طويلاً وهم في حضرة الحبر الأعظم إلا أنه وابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي، أصبح البروتوكول أقل صرامةً فأصبح باستطاعهم ارتداء حلة داكنة – سوداء أو رمادية وربطة عنق بألوان رصينة. كما ومن الممكن مقابلة البابا باللباس التقليدي الوطني للشخص المعني.

فإن كانت "لوبان" تُدرك هذا الأمر فيبدو أن كرهها للمسلمين أعمى عيونها عن حقيقة لا بدّ أن تدركها هي أن وضع الحجاب على الرأس ليس تطرفاً وليس من مظاهر الإسلام فحسب بل هو يتجلى من ضمن البروتوكولات، ومن ترتدي الحجاب ليست إرهابية أو داعشية، ويا سيدة "لوبان" ليس للإسلام علاقة بعقدك النفسية، فإذا شوّه بعض المتطرفين صورة الإسلام مع العلم أن لا علاقة لهم بالإسلام والدين المحمدي، فالإسلام سيبقى دين الإعتدال وتقبُّل الآخر واحترامه وكذلك الدين المسيحي.

لكن تجدر الإشارة إلى بيان المكتب الإعلامي في دار الفتوى الذي أوضح أن رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان رفضت وضع غطاء الرأس كما هو متعارف عليه عند زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان. مع العلم بأن المكتب الإعلامي كان قد أبلغ المرشحة الرئاسية عبر أحد مساعديها بضرورة غطاء الرأس عند لقاء سماحته كما هو البرتوكول المعتمد في دار الفتوى. وعند حضورها إلى دار الفتوى فوجئ المعنيون برفضها الالتزام بما هو متعارف عليه بغطاء الرأس بعد أن تمنى المعنيون عليها وإعطائها الغطاء لوضعه على رأسها رفضت وخرجت دون إتمام اللقاء المتفق عليه مسبقاً مع سماحته، وتأسف دار الفتوى لهذا التصرف غير المناسب في مثل هذه اللقاءات.

ولاحقاً ردّت "لوبان" على البيان، في حديث مع الصحافيين المرافقين لها، مؤكدة ابلاغها دار الفتوى في الأمس أنها لا تغطي رأسها، ولم يبادر المعنيون إلى إلغاء الموعد، فاعتقدت أنهم وافقوا على ذلك، معتبرة أنهم سعوا إلى فرض ذلك عليها ووضعها تحت الأمر الواقع قائلة "لا يمكنهم وضعي تحت الأمر الواقع"، هذا الكلام نفاه مدير الإعلام في دار الفتوى، خلدون قوّاص حيث شدد أن المرشحة الفرنسية لم تبلغهم برفضها وضع الحجاب، وشرح "طلبنا منها عبر مستشارينا ان تجلب حجاباً معها، قالت ok، وحين وصلت من دونه قدمت لها غطاء أبيض بيدي فرفضت".

وبناءً على كل ما تقدم هل ما فعلته "لوبان" كان مقصوداً "لغاية في نفس يعقوب" وذلك لرفع رصيدها الإنتخابي في المنافسة لرئاسة فرنسا بخاصة أن الإعلام الفرنسي سرعان ما أشاد بموقفها معتبرين أن ذلك تعبير عن حرية المرأة... لكن يبقى السؤال الأهم والذي سنضعه بين أيدي السيدة "لوبان" علّ الجواب يصلنا في الأيام المقبلة.. أنّه في حال فوزها بالرئاسة الفرنسية وزارت البابا في الفاتيكان هل سترفض وضع الغطاء لمقابلته؟!!


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024