منذ 7 سنوات | حول العالم / الحياة

يذهب الفيلم الوثائقي «استوديو الرعب» الذي عرضته قناة «العربية» أخيراً الى من هو أبعد من مشاهدي «البيت» في تصورات صانعيه. يتخلى هنا عن المقولات الجاهزة حول أهمية التوثيق عن قضايا معززة في المجتمع. لا يدور حول فكرة القصاص فقط من «أعداء الله»، كما روج تنظيم «داعش» لنفسه في محطات سابقة. يبدو هنا أنه في سباق مع الحيز الذي يقدمه إعلامه نفسه، ويدخل في كباش غير منتظر مع هوليوود وهذا أخطر ما فيه. يقول جاك شاهين (كاتب ومحاضر) وضيف في الفيلم: «بتنا نلعب في هوليوود لعبة «داعش» بدل محاربته. صحيح أن ليس كل العرب أشراراً كما يظهرون في مسلسل «ملف اكس»، لكنهم أشرار بأية حال». هكذا يريد أن يفهم من أفلام التنظيم الأشد إجراماً منذ زمن النازيين. لقد فهم في فترة قياسية ما لم يمكن فهمه من جانب كثيرين في فترة قياسية.

أبو مصعب الأردني، الملثم، إحدى الشخصيات الرئيسة في الفيلم يظهر من انطاليا – تركيا وقد عاف التنظيم وأهله ليقول إنه لم يعد استلهام أفلام العنف الأميركية وارداً في عرف التنظيم بعدما أعاد إنتاجها في أفلامه. الآن ستنقلب الآية، وستستلهم هوليوود أفعال «داعش» في برامج مصورة ينتجها بحرفية عالية تتفوق على تلفزيون الواقع وسواه.

يخسر «داعش» مواقعه تباعاً في سورية والعراق وليبيا، لكنه ينجح وفق الفيلم في سرقة شيفرة الثقافة الشعبية من هوليوود، حتى أنه استخدمها ضدها في شكل أعنف، ونجح من خلال ذلك بالتحول الى ظاهرة شعبية فوق الجميع، ولا يخضع لسلطات الاستوديو المقيدة. فهو الظاهرة المكروهة من الجميع في أفلامها الجديدة وهذا يناسب هذا التنظيم الإجرامي تماماً.

تيد جونسون مدير تحرير «فرايتي»، يقول إنه لم تُنتج أفلام كثيرة عن الظاهرة، لكنّ هناك مسلسلات تلفزيونية صارت تدور من حول تنظيمات شبيهة بـ «داعش» تقوم بمحاكاة الأفعال ذاتها، مثل مسلسل «حال الأعمال» الذي عرضته قناة «ان بي سي» بعد شهرين من قطع رأس الرهينة الأميركية المراسل جيمس فولي. والأمر ذاته ينسحب على مسلسل «هاوس أوف كاردز»، مجموعة شبيهة بهذا التنظيم الإرهابي تقوم بأعمال عنيفة ودموية، حتى أنه أصبح اعتيادياً أن نشاهد محاكاة نشيطة لأعمال «داعش» عبر مسلسلات أخرى مثل «ملفات اكس» و «هوم لاند» وسواهما.

يقول جاك شاهين أن هناك إرهابيين عرباً يظهرون في المسلسلين وهم أسوأ من أي وقت مضى. تبدو هذه الأعمال وكأنها استحضرت معظم شخصيات الماضي في حلقة واحدة.

ضيوف آخرون يحلّون على الفيلم تباعاً مثل تشارلي وينتر وعاصم الدفراوي وهما مؤرخان متخصصان في الإعلام الجهادي. بيتر فاين اوستاين خبير في شبكات «داعش»، ووسيم نصر صحافي في «فرانس 24»، وزياد شاب سوري من الرقة عمل مصوراً مع التنظيم قبل أن يفر الى تركيا بقصد «التوبة».

يتفق الضيوف هنا على الحرفية العالية التي يقدم فيها «داعش» أفلامه، من تلك التي تقصد محاكاة رقمية لتدمير برج ايفل في فرنسا وهي من صناعة أبو عبدالرحمن الأميركي، السينمائي الهوليوودي كما يصفه زياد، مروراً بأفلام قطع الرؤوس وإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة: ها هنا بعض التفاصيل الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل حول استخدام تقنية الكاميرات الأربع في الهواء الطلق، وأنواع الخدع الرقمية الأخرى. هذا ينسحب أيضاً على بعض معارك «داعش» مع الجيش السوري الحكومي، «الفرقة 17» مثلاً، حيث استخدم خمس كاميرات أثناء تطويق رجال الفرقة قبل أسرهم.

يتفق بعض الضيوف على أن الأفلام التي ينتجها التنظيم، والأفلام التي تنتج منه ستساهم بتقسيم أكبر للعالم، فـ «داعش» والخوف عاملان قابلان للتسويق، وهذا أمر تعيه هوليوود جيداً، كما يجزم مدير تحرير «فرايتي».


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024