منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية

«مخيّم عين الحلوة»، إسم أرعَب اللبنانيّين من دون أن تُرافقه أيّ عبارات أخرى، فارتباطه بمعظم العمليات الإرهابية التي لوّعت المواطنين منذ انتهاء الحرب الأهلية كان كفيلاً برسم صورة لِما يدور داخله من دون أن يدخله أحد... إلّا أنّ مفاجآت جديدة ستطرق أبوابه، فماذا يُحضّر للمخيم؟

أوكار مسلّحين «محميّين» يُمارسون شعائرهم «الإرهابية»، عمليات تُحضّر لأهداف خارج المخيم تحت شعار «اقتلوا أكبر عدد من المواطنين»، وأزقة تُرحّب بكل خارج عن القانون: أهلاً بكم في مخيم عين الحلوة، الأرض اللبنانية تحت سلطة الفوضى، التي يشكّل فيها الأبرياء الذين هربوا إليه والذين يعيشون في الفقر المدقع، متراساً للمسلحين وحجّة يَحتمون فيها عند الحاجة.


إلّا أنّ حديثاً عن مجيء الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان بدأ يلوح في الأفق، بالتوازي مع استقالة قائد «القوة الأمنية المشتركة» في لبنان اللواء منير المقدح، وحزم الطرف اللبناني في بحث الموضوع الفلسطيني بجدية وإعداده ملفاً مفصّلاً سيسلّم إلى عباس يتضمّن نقاطاً أساسية عدة، بحسب مصدر متابع لـ«الجمهورية».


أوّل ما سيتضمّنه الملف هو لائحة بأسماء المطلوبين الخطرين في المخيم من جنسيات مختلفة، بالإضافة الى كل المعلومات عنهم وعن أماكن وجودهم، وسيتضمّن ثانياً موضوع الانشقاقات داخل حركة «فتح»، والتي أدّت الى اختراق الإسلاميين لها.


أمّا ثالثاً فسيتطرق الملف الى موضوع اللاجئين الفلسطينيين الذين أتوا من المخيمات السورية الى عين الحلوة وغيره من المخيمات، حاملين معهم فكراً إسلامياً متشدّداً، ومتسبّبين بغياب الاستقرار بشكل كبير، وبناءً عليه ستطلب الجهات اللبنانية من السلطة الفلسطينية إعداد إحصاء دقيق لهؤلاء، كون الطرف اللبناني عَجز عن هذا الموضوع، إضافة الى إعادة تنظيم أجهزة «فتح» التي يتعامل الطرف اللبناني معها على اعتبارها تُمثّل السلطة الوطنية الفلسطينية أو الطرف الرسمي الفلسطيني.


أمّا السلاح المتفلّت خارج المخيمات، فلن يكون نقطة بحث مع عباس، لكنّ الطرف اللبناني سيُشدّد على أنه لن يكتفي بوعود الوفود الفلسطينية التي تزور لبنان دورياً وتؤكد أنها ستساعد في حلّ الملفات وأنها تبذل جهدها، فيما لا يحصل أيّ تقدم عملياً، فالمخيّم أرض لبنانية في نهاية المطاف والسيادة عليه عائدة للبنان، وعلى رغم أنّ الطرف اللبناني يأخذ في الاعتبار الظروف المعيشية لأهالي المخيم، لكن هناك خطاً أحمر هو حدود السلم الأهلي اللبناني، ولن يُسمح للمخيم أن يكون مصدر أذى للخارج، خصوصاً أنّ كل الشبكات الإرهابية التي كشفت أخيراً كانت على علاقة بالمخيم أو بمجموعاته، وإن بطريقة غير مباشرة، وأنّ تجربة «القوة الأمنية المشتركة» فشلت، أكان من ناحية قيادتها أو تركيبتها، على رغم إعطاء الجانب اللبناني كل التسهيلات التي طلبتها.


علامات استفهام حول المقدح


منذ تسلّم المقدح قيادة القوة، علَت أصوات الأطراف الفلسطينية التي كانت تبلّغ الجانب اللبناني أنّ هذه القيادة تغضّ النظر أو تسهّل مرور مجموعات إسلامية من المناطق المسيطرة عليها الى مناطق أخرى لتشتبك مرة مع مجموعات «اللينو» ومرات أخرى مع مجموعات ضبّاط آخرين من «فتح» نتيجة الخلافات داخلها.


إضافة الى ذلك، ألقي القبض على ابن المقدح فيما كان يقاتل الى جانب «جبهة النصرة»، وجَرت اتصالات مع الطرف اللبناني بين «حزب الله» ومخابرات الجيش والأمن العام، وتَقرّر إجراء مبادرة حسن نيّة وإطلاق ابنه لعلّ المقدح يتعاون في المخيم أكثر، وهو ما لم يحصل.


كذلك تربط المقدح علاقات قرابة مع مسؤول كبير للإسلاميين داخل المخيم، من هنا كان هناك دائماً شكوك حول تصرفاته وطريقة تعامله مع الملف إذ لم يحسم في أيّ موضوع عندما كان على رأس القوة، على رغم أنه كان يُعطى أسماء مطلوبين وتفاصيل عنهم.


الى ذلك إتّهم المقدح أخيراً الطرف اللبناني بعقده اتفاقاً معه لإخراج أحد أقربائه من المستشفى ليعود ويتراجع معتقلاً إيّاه، ليتبيّن أنّ القصة الحقيقية هي أنّ أحمد المقدح، أي الموقوف، متهم بتنفيذ عمليات داخل المخيم، وهناك مذكرات توقيف بحقه، لكنّه كان مصاباً، وتَجاوباً مع وضعه الصحي تقرَّر نقله الى المستشفى على أن يتمّ توقيفه ما إن يتعافى لاستكمال التحقيق، والجيش لم يعطه ضمانة بإخراجه كما ادّعى.


زيادة على ذلك، طرحت علامات استفهام حول مسائل كانت تحصل داخل حركة «فتح»، وكان يتبيّن أنّ للمقدح يداً فيها كونه مقرّباً من الإسلاميين، وهو ما لن يسكت عنه الطرف اللبناني، إذ إنّ ذلك سيؤدي الى انفجار في المخيم لا يتحمّله لبنان ولا الفلسطينيون.


إستقالة للابتزاز؟


يُفسّر المصدر استقالة المقدح على أنها من باب ابتزاز الدولة اللبنانية، علماً أنّ الطرف اللبناني يعتبر نفسه غير معنيّ بالموضوع ولا يريد التعامل معه أصلاً، فقد ضاق به ذرعاً من خلال محاولة المقدح التقليل من قيمة العمليات النوعية التي كان الجيش ينفذها داخل المخيم، على غرار عملية اعتقال أمير «داعش» عماد ياسين، وتسريبه معلومات غير صحيحة في كل مرة، هذا عدا عن علاقاته المشبوهة بالإسلاميين.


الحسم في طريقه


لا يهمّ الجانب اللبناني من يستقيل ومن يُعيّن، بل يشكّل تسليم الـ150 مطلوباً الهاجس الوحيد لديه، والقرار اتخذ وسيُنقل إلى عباس: لن يُسمح لهذه المخيمات أن تكون بؤرة يخرج منها الإرهاب الى المناطق اللبنانية، أو أن تكون مكاناً يأوي الإرهابيين مهما كانت جنسياتهم، فالدولة لن تقبل بتسليم مطلوبين بتهم عادية «لإسكاتها» بدلاً من الخطيرين، وسيحرص الجانب اللبناني على تسليم عباس ملفاً حُضّر خصيصاً له يتضمّن تفاصيل عمليات كانت تحضّر في المخيم، إضافة الى هويات مخططيها من «فتح» وخارجها، والخروق في الحركة.


إسلاميون محميّون؟


ساهمَ تغاضي «فتح» عن الإسلاميين و«داعش» و«النصرة»، وحماية قيادات فلسطينية متطرفة موجودة في المخيم لهم، في تمدّدها داخل المخيم وخارجه، وهو ما لن يسكت عنه الجيش الذي يؤكد ضرورة أن تنظّم «فتح» قيادتها ووجودها في المخيم.


وسواء أعادت إحياء «الكفاح المسلح» أو وَحّدت كل الفصائل الفلسطينية المسلحة تحت راية «الحرس الوطني الفلسطيني»، ما يهمّ هو أنّ الفوضى لن تعود شعاراً للمخيم، والدولة ستفرض سيطرتها بالقوة بعدما «سايَرتهم» كثيراً.





أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024