منذ 7 سنوات | ثقافة / Huffington Post

تراود فكرة الانتقام معظم الناس عندما يوضعون في موقف لا تُحمد عقباه، كأن يرسبوا في مادة بسبب أستاذ الجامعة أو يخونهم صديق وحبيب.

ومن هنا، يأتي تعبير "حلاوة الانتقام"، الذي يتغذى على شغف إيذاء مَن آذانا لنرضي كبرياءنا المجروح.

دراسة جديدة نُشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Personality and Social Psychology)، أكدت أن السعي للانتقام ممن ظلمنا ينشأ من الحاجة لتحسين مزاجنا بأي وسيلة ممكنة، وعن طريق العدوانية على وجه التحديد.

هل الانتقام ممتع؟

الانتقام غريزة عميقة لدى الكثير من الناس، وغالباً ما يلجأ إليه المرء باعتباره وسيلة لتحقيق العدالة، وضمان عدم إيذاء الناس له مستقبلاً.

ووجدت الأبحاث السابقة أن أسبابه تنبع من القوة أو السلطة أو الرغبة في مكانة ما.

وبعبارة أخرى، يعتبر الانتقام آلية التعامل لمواجهة العار، أو العناية بالنفس.

مع وضع هذا في الاعتبار، درست مجموعة من الباحثين، من جامعة كنتاكي، الطرق التي يحسّن فيها الانتقام والعدوان من مزاج البشر.

ووجدوا أن العدوان يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإصلاح الحالة المزاجية، ولكن الارتياح الذي يوفره الغضب يكون عزاء بائساً.

طلب الباحثون من 156 طالباً جامعياً كتابة مقال عن موضوع شخصي من اختيارهم، قبل أن يتبادلوا المقالات مع الآخرين للحصول على تعليقات. تلقت مجموعة من المشاركين ردود فعل مهينة (تم تأليفها من قِبل الباحثين)، مثل "أحد أسوأ المقالات التي قرأتها في حياتي".

ثم قاس الباحثون الحالة المزاجية قبل وبعد منح المشاركين فرصة للتعبير بشكل رمزي عن العدوان؛ إذ إن وضع دبابيس شائكة في دمية فودو من المفترض أن تمثل الشخص الذي قدم لهم ردود فعل سيئة (سحر أسود)، أثبت إصلاح مزاج الذين تعرضوا لنقد سلبي.

وللتحقيق في الدوافع، قدم الباحثان ديفيد تشيستر وناثان ديوال حبة دواء وهمية إلى 154 طالباً، وزعما أن لها آثاراً جانبية؛ هي تثبيت الحالة المزاجية.

اشترك الطلاب في لعبة على الكمبيوتر، يمررون فيها كرة مع لاعبين آخرين ذهاباً وإياباً.

أولئك الذين وُضعوا في "حالة الرفض" واجهوا سلوكاً غير متعاون من اللاعبين الآخرين، والتي كانت في الحقيقة ردود فعل مبرمجة سلفاً في الكمبيوتر. لم يتلقَ أولئك اللاعبون سوى 3 تمريرات من أصل 30، مقارنة مع حصة متساوية لتمرير الكرة إلى اللاعبين في "الحالة المقبولة".



revenge

طُلب من المشاركين بعد ذلك تقييم مستوى الرفض الذين شعروا به، وتالياً بالحاجة للانتقام.

أما اللعبة التالية فهي بسيطة، وكانت عبارة عن سباق رد فعل من نوع "أول من يضغط الجرس"، ولكن كل جولة أبطأ فيها اللاعب عوقب دائماً بانفجار الضوضاء في سماعات أذنيه.

وكلما كان المشاركون أسرع، يمكنهم ضبط شدة الضوضاء في سماعات خصومهم، وتصل حتى 105 ديسيبل: أي مستوى صوت آلات ثقب الصخور، أو طائرة هليكوبتر تحوم على ارتفاع 30 متراً.

اختار الذين عانوا الرفض التسبب في انفجارات صوتية أعلى لخصومهم. ومع ذلك، فإن أولئك الذين أُعطوا الحبوب الوهمية، وتم رفضهم، لم يتأثروا بمعاملتهم بازدراء.

جعلتهم الحبة يعتقدون أنهم لا يملكون وسيلة فورية لتحسين حالتهم المزاجية، لذا لا فائدة في شن هجوم عنيف.

في استراحة بين الألعاب، تلقى المشاركون تنبيهاً على أن الحبة تعمل بطاقتها كاملة، وسيبقى مزاجهم كما هو لمدة ساعة.

أبقى هؤلاء المشاركون مستوى الانفجارات الصوتية عند حدودها الدنيا، تماما كالمشاركين الذين لم يعانوا رفضاً في وقت سابق.

وبينما لم يتأثر المرفوضون مجدداً، شعر المنتقمون بسعادة لسوء حظ شخص آخر، بعد أن رفضهم هذا الشخص اجتماعياً.

لذا، فإن السبب الوحيد الذي يجعل الانتقام يُرضي كبرياءنا هو تخفيفه حالتنا المزاجية السيئة.

العقل خلال التدبير للانتقام

توصلت دراسة أُجريت عام 2002 إلى أن فكرة الانتقام تؤدي إلى زيادة تدفق الدم في منطقة محددة بالدماغ، وهذا يعني المزيد من استهلاك الأكسجين.

يُظهر تفعيل النواة الخططية بالدماغ نوعاً من الارتياح المتوقع لمعاقبة هؤلاء الذين ينتهكون الأعراف الاجتماعية.

وكلما زاد التنشيط، زاد استعداد الناس للمضي قدماً في العقاب.

وفي الوقت نفسه، هناك منطقة أخرى في الدماغ معروفة باسم قشرة الفص الجبهي، يتم تنشيطها عندما نحتاج إلى التفكير ملياً في الرضا المستمد من العقاب.

قد يظل التفكير في الانتقام بأذهاننا؛ لأننا نبدأ في اجترار ما يزعجنا.

وعندما لا نسعى إلى الانتقام، يطاردنا هذا الحدث نفسياً. ومع ذلك، إذا لم نسعَ للانتقام، نقتنع في النهاية بأن ذلك الحدث لم يكن كبيراً كما تخيلنا، لذا نغفر وننسى.

فإذا كان الانتقام حلواً على المدى القصير، فإن الغفران صحي أكثر على المدى الطويل.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024