منذ 7 سنوات | اقتصاد / 24.ae

يعتبر الكاتب التركي السياسي أوغور غرسيس أن تراجع قيمة صرف الليرة التركية أمام الدولار والعملات الصعبة، ما هو إلا تفسير واضح لجميع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جرت مؤخراً هناك. 

ويقول غرسيس إن معدل صرف الليرة ليس مجرد دلالة اقتصادية، بل لطالما كان قضية مركزية بالنسبة لتركيا، على مدار خمس وعشرين عاماً. فإن معدلات الصرف الأجنبية في تركيا تحكي أشياء كثيرة. وفي الوقت الحالي، بات الفقراء والأغنياء وسكان المدن والريف، والشباب والعجزة يدركون جيداً مشكلة تركيا الرئيسية. 

ارتفاع حاد
ويذكر الكاتب بآخر أزمتين تعرضت لهما تركيا في عام 1994 وفي 2001، عندما قادت مشاكل سياسية كبرى لارتفاع حاد في قيمة الصرف الأجنبي. وها قد مضى 27 عاماً على إقرار نظام صرف العملات الأجنبية، بهدف تسهيل تحويل الليرة التركية، وفتح المجال أمام تدفق رؤوس أموال. 

ساحة رأسمالية
وبحسب غرسيس، كان يفترض أن تلعب تركيا دور ساحة رأسمالية عالمية، مع الالتزام بقواعد اللعبة. وقد شملت تلك القواعد أسساً مثل حكم القانون والقيم الديمقراطية، والمحاسبة، وتوفر صحافة حرة، وممارسة حرية التعبير. وكلما ابتعدت تركيا عن قواعد اللعبة، انعكس ذلك في الحقل الاقتصادي. ومن أبرز تلك الدلالات، حركات الصرف الأجنبي. فإن النضج الاقتصادي الذي حققته تركيا على مدار 27 عاماً، وعلاقاتها بآليات الرأسمالية الدولية( في ما يتعلق برؤوس الأموال ومعدلات الدين)، لا يمكن أن يصمد في مواجهة الابتعاد عن تلك القيم، علماً أن أي ابتعاد عن مبادئ الفصل بين السلطات، والتعددية، وحكم القانون والحقوق الديمقراطية، ينعكس في الاقتصاد عبر حركة رؤوس الأموال. وهناك مؤشر قوي يتمثل في استمرار تدهور قيمة الليرة التركية. 

قوة سرية
وبمعنى آخر، يشير غرسيس، لارتفاع قيمة معدلات الصرف الأجنبي، بالنسبة لليرة التركية، بنسبة 8% خلال سبعة أو ثمانية أيام مع بداية العام الجديد. وقبل هذا، حدث ارتفاع بنسبة 20% خلال الأشهر الثلاث الأخيرة. ولا يفترض بأي كان أن يرجع ذلك إلى أثر "قوة سرية"، أو لوجود" عملية تخريب"، من ورائه. 

ويلفت الكاتب إلى أنه في بلد منفتح على العالم الخارجي، وحيث تتحرك رؤوس الأموال بحرية، وحيث تبلغ قيمة العملات الأجنبية التي تحتاجها تركيا، خلال العام المقبل، ما يقل عن 200 مليار دولار، فإن محاولة إجراء تعديل دستوري، من خلال عملية غير تعددية ، ستؤدي حتماً لارتفاع معدلات الصرف الأجنبي. 

صمت المصرف المركزي
وبحسب غرسيس، تكتسب هذه القضية أهمية خاصة عندما يلتزم المصرف المركزي التركي الصمت رغم فقدان الليرة لأكثر من 25% من قيمتها. ولأن المصرف المركزي كان دوماً أشبه بعامل إطفاء حرائق، وحاول معالجة الجراح السياسية، ولذا لا عجب بأن يؤدي صمته لتسارع تدهور قيمة صرف الليرة. 

ويختم الكاتب رأيه بالإشارة لوجوب تدخل المصرف المركزي التركي لإصلاح ما يمكن إصلاحه، ولكي تستقر أوضاع سوق الصرف، مع تأكيده على أن إقرار التعديلات الدستورية المقترحة قد تطيح بتلك الآمال.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024