منذ 7 سنوات | اقتصاد / وكالات

حينما يتراجع المعروض من سلعة ما وسط طلب متنام، فإن ردة الفعل المتوقعة هي ارتفاع فوري في سعر تلك السلعة، وهذا ما حدث للسكر خلال العام الجاري، إذ ارتفعت الأسعار بنهاية تداولات الجمعة 30 كانون الأول / ديسمبر، آخر جلسات العام، بنحو 25% حول مستويات 521 دولارا للطن مقارنة مع 419 دولارا للطن بنهاية 2015.

 

وبلغت ذروة ارتفاع السكر في جلسة 28 أيلول/ سبتمبر لتبلغ نحو 610 دولارات للطن أي نحو 50% مقارنة مع مستويات العام الماضي.

 

والمستوى الحالي المسجل هو أعلى مستوى للسكر في نحو 4 سنوات.

 

كلمة السر البرازيل والهند

 

ويقول محللون ومسؤولو شركات استطلعت "أرقام" آراءهم، إن مشاكل تتعلق بالإنتاج في الهند والبرازيل نتيجة  لظروف مناخية سيئة، بالإضافة إلى تنامي الطلب في أسواق الشرق الأوسط وأوروبا من بين الأسباب الرئيسية لارتفاع سعر السكر منذ مطلع العام الجاري.

 

وبحسب بيانات رسمية منشورة على موقع الحكومة الهندية- أكبر مستهلك للسكر في العالم- تراجع إنتاج السكر خلال الخمسة أشهر الأولى من 2016 بنحو 25% على أساس سنوي مع تراجع المساحات المزروعة بقصب وبنجر السكر، وتأثير سلبي للجفاف على المساحات المزروعة بالفعل.

 

وقالت الحكومة الهندية في أواخر الشهر الماضي إن الإنتاج المتوقع من السكر للبلاد سيتراجع بحوالي 35% في 2016 مقارنة مع العام الماضي.

 

وفي البرازيل، خفض عدد من كبريات الشركات العاملة بالسوق من توقعاتها لإنتاج السكر خلال العام الجاري؛ إذ قالت شركة "أولام"، التي تتخذ ريدو جانيرو مقراً لها، في بيان صحفي منتصف الشهر الماضي، إن الظروف المناخية بالبرازيل ستؤثر بالسلب على الإنتاج بصورة عامة في البلاد.

 

وتوقعت الشركة البرازيلية أن يتراجع انتاج البلاد من السكر بنحو 16%.

 

فجوة العرض والطلب

 

وقال "بيل هوتر"، كبير المحللين لدى "جلوبال ريسييرش" لأبحاث السلع الأولية، لـ"أرقام": "هناك حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب في أسواق السكر العالمية؛ ففي الوقت الذي يرتفع فيه الطلب بشدة من أسواق على غرار أوروبا ينخفض الإنتاج في الدول الكبرى الخمس المنتجة".

 

وأكبر خمس دول لإنتاج السكر في العالم هي: البرازيل، والهند، والصين، وباكستان، وتايلاند. بحسب منظمة التجارة العالمية، ويمكن متابعة أكبر دول العالم انتاجا لقصب السكر الهام لإنتاج تلك السلعة من هنا.

 

وتوقعت منظمة الأغذية العالمية في تقرير حديث لها صدر منتصف أكتوبر الماضي، أن يبلغ الطلب على السكر في 2016 و2017 نحو 174 مليون طن متري، فيما توقعت أن يبلغ متوسط الإنتاج خلال تلك المدة 96 مليون طن متري فقط.

 

وعزت الفاو في تقريرها، الفجوة بين العرض والطلب إلى التغيرات المناخية، وتراجع المساحات الزراعية من قصب وبنجر السكر.

 

ويتابع "هوتر": "هناك طلب متنام على السلعة بالوقت الحالي من أسواق الشرق الأوسط على وجه التحديد. دعنا نأخذ مصر كمثال، هناك طلبيات مستمرة من الحكومة وسط نقص واضح للسعلة بالسوق".

 

وطرحت مصر- أكبر البلاد العربية سكاناً- نحو 4 مناقصات لاستيراد نحو مليوني طن سكر خلال 45 يوماً فقط، وسط نقص شديد في المعروض وأحاديث عن احتكار السلعة من كبار الموردين.

 

ويستطرد: "السكر كسلعة عرف الكثير من الخسائر خلال السنوات الماضية بفعل الرسوم التي فرضتها الهند والتحذيرات المتكررة التي تطلقها منظمة الصحة العالمية بشأن ضرورة ترشيد استهلاك السلعة البيضاء".

 

وخلال خمس سنوات مضت، تراجعت أسعار السكر نحو 52%؛ بفعل قرار من الهند- أكبر مستهلك بالعالم- بزيادة رسوم الاستيراد على السكر بنسبة 10% إضافية على النسبة السابقة 15% لتبلغ رسوم الاستيراد في الهند نسبة 25%، وهو الحد الأعلى لرسوم الاستيراد لديها.

 

وفي 2015، ارتفعت أسعار السكر بنحو 50%؛ أي أن أسعاره تضاعفت منذ مطلع 2015 حتى 23 أكتوبر الماضي.

 

وتأثر السكر أيضاً بعد نشر منظمة الصحة العالمية تقريراً يوضح نسبة ملحوظة في مرض السكري على مستوى العالم.

 

الشركات المنتجة في الواجهة

 

ويرى "فيفل لي"، محلل أسواق السلع لدى بنك باركليز لندن، أن بعض الشركات الكبرى المتحكمة في السوق ربما تلجأ إلى تأجيل بيع منتجها لحين ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يؤدي بالتبعية إلى حدوث نقص في المعروض.

 

ويقول "لي" في إفادة لـ"أرقام": "بالإضافة إلى الظروف الأخرى التي تؤثر على المعروض، فإن هناك طريقة شائعة للغاية في أوساط المنتجين وهي التوقف عن بيع المنتج لحين استقرار الأسعار. أعتقد أن هذا الأمر أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ارتفاع سعر السلعة على مدار 18 شهراً الماضية".

 

وفي منتصف 2015، اتخذت شركتا "كوسان" و"سان مارتينو" البرازيليتان قراراً بتأجيل بيع إنتاجهما لحين استقرار الأسعار.

 

وتقول "مارثا بولين"، مسؤولة العلاقات العامة، في "سان مارتينو" البرازيلية لــ"أرقام":"ارتفاع  أسعار توريد قصب السكر أثرت بكل تأكيد على سياسات التسعير في منتجات الشركة... ولكن المحصلة النهايئة تبقى جيدة للشركة مع وجود مخزونات قديمة تم تكوينها في فترات هبوط الأسعار.

 

وارتفعت أسعار أسهم الشركات المنتجة للسكر بالبورصات العالمية بنحو الضعف خلال العام الماضي، مقارنة مع متوسط بلغ نحو 17% في 2015 و10% في 2014 بحسب دراسة بحثية صادرة عن "أتشيفرز للسلع" والتي تتخذ من البرازيل مقرا لها.

 

شركات الأغذية الإقليمية تتأثر سلباً

 

مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، تتأثر شركات الأغذية التي يدخل السكر كعنصر أساسي في مكونتها بالسلب مع حاجتها لرفع أسعار منتجاتها لتجنب حدوث خسائر.

 

ويقول مدير التسويق بالشركة الدولية لمشروعات التصنيع الزراعي "بيتي"، التابعة للمراعي السعودية، "أدهم السيد" لـ"أرقام": "بالتأكيد إن ارتفاع أسعار السكر وغيره من المدخلات يؤثر على السياسات التسعيرية لمنتجات الشركة ولكن بالوقت الحالي لدينا مخزون كاف.. إذا ما استمرت أسعار المدخلات بالارتفاع سنحرك حينها سعر المنتج النهائي".

 

ويتزامن ارتفاع أسعار السكر مع زيادة أخرى في أسعار الحليب وهو الأمر الذي يضغط على هوامش ربحية شركات الأغذية ويجعلها تفكر في رفع أسعار منتجاتها.

 

فيما  تقول "سيليا دي افرلانج"، مسؤولة علاقات المستثمرين بشركة دانون العالمية إن ارتفاع أسعار السكر وبودرة الحليب جعل الشركة تفكر في رفع أسعار منتجاتها بكافة الأسواق بنسب تتراوح بين 10-15%.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024