منذ 7 سنوات | لبنان / الديار

هذا كلام من عاصمة خليجية تتمتع بديناميكية ديبلوماسية خاصة وتتقاطع فيها الكثير من المعلومات ومن التوقعات: لا تنتظروا مفاجآت بل انتظروا العجائب (او الاعاجيب) في المرحلة ما بعد الزلزال التركي...

وسؤال ما اذا كان السيناريو التركي قد اعد (استخباراتيا استراتيجيا) بدقة متناهية لأن هذا كان السبيل الوحيد لتغيير قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك في المنطقة...

«الديار» سألت «وماذا لبنانيا؟» الجواب ايضا ستحدث عجائب (واعاجيب) الى اشعار اخر الرئىس السوري بشار الاسد باق في منصبه هناك في واشنطن من يرى ان اطاحته في الظروف الراهنة «يخرّب كل شيء» ما دامت المعارضة وبعد كل السنوات لم تنتج سوى تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» فيما تلاشى او سقط او اندثر الاخرون...

استطرادا لن يكون مستغربا ان يشاهد الرئيس سعد الحريري ثانية في قصر الشعب في دمشق.

ان يشاهد ايضا تيمور وليد جنبلاط، لا مشكلة بالنسبة الى الدكتور سمير جعجع لأن هناك في دمشق من يشير الى اسماء معينة ويعتبرها مسؤولة عن الكثير من التجاوزات التي حصلت في لبنان.

وفي كلام العاصمة الخليجية ان الحدث التركي اضعف السعودية استراتيجيا لأن انقرة كانت الرهان الكبير كما انه اخاف ايران.

اهل النظام هناك وبالرغم من البنية الايديولوجية الحديدية، يشعرون بأن شيئا ما يعدّ لهم دون استبعاد اختراقات دراماتيكية في بعض المؤسسات الحساسة.

حديث عن ان ما حدث في حلب مؤشر الى ما عليه الامور وما يمكن ان تكون عليه. كان الرئىس حافظ الاسد يراهن على «الجنرال زمن» وها ان ابنه بشار الاسد يراهن ايضا على «الجنرال زمن» لكن الثمن باهظ سوريا لم تعد سوريا والشعب السوري تمزق على نحو كبير...

وفي العاصمة الخليجية ان الكلام عن الديموقراطية (على الطريقة الغربية) في المنطقة نكتة سمجة، حتى تركيا، الدولة الراسخة، لم تستطع ان تتحمل الديموقراطية انقلاب عام 1960 وانقلاب عام 1980 وانقلاب عام 1997 وشنق عدنان مندريس، وصولا الى محاولة 2016 التي جعلت كل المؤسسات بيد رجل واحد...

المثير ان يقال ان التطورات التركية انقذت الجميع السعودية في مأزق وايران في مأزق وبعدما بدا ان واشنطن وموسكو رسمتا حدودا لكل شيء. لا احد مسموح له ان ينتصر ومسموح للجميع ان يخسروا... غير ان الكلام الذي يثير الانتباه هو ان «تفاعلات داخلية عميقة» تحدث في اكثر من دولة الاستخبارات الاميركية والروسية تعرف ذلك وتعرف اين هي نقاط الضعف في كل دولة وتلعبان عليها...

وفي العاصمة الخليجية ان العلاقات بين الرياض وواشنطن اهتزت كثيرا ودون ان يكون هناك البديل تركيا دخلت في ازمة طويلة اما الرهان على اسرائيل فهو انتحار بالنسبة الى دولة توجد الكعبة على اراضيها، او هي وجدت لأن الكعبة هناك.

صحيح ان التعبئة المذهبية بلغت حدوداً كارثية وان هناك من يدعو علنا الى التعاون مع اسرائىل لمواجهة «الاخطبوط الايراني» لكن هذا الخيار صعب جدا وصادم جدا ولا بد ان تترتب عليه نتائج خطيرة للغاية...

وتأكيد على ان التفاهم السعودي - الايراني آت لا محالة «قد تستغربون ان يكون رجب طيب اردوغان الوسيط بين الدولتين الساحة السورية وما تشهده في الاشهر القليلة المقبلة ستحدد مسار الازمات ومسار التسويات ومسار العلاقات...

ان تستضيف اسطنبول لقاء يجمع الملك سلمان والرئيس روحاني بات من الامور المطروحة. وهناك من يحث على الاسراع في ذلك وعدم الرهان على الادارة الاميركية الجديدة لان ما حدث بين واشنطن وموسكو من تفاهم لم يكن تفاهما بين رجلين، باراك اوباما وفلاديمير بوتين وانما تفاهم دفع اليه البنتاغون كما دفعت اليه اجهزة الاستخبارات الاميركية.

المؤسسات الاميركية باتت على قناعة بأن الارهاب هو العدو رقم واحد. اي فوضى في الشرق الاوسط ستجعل من الصعب على اي باخرة او بارجة اميركية الرسو في اي من موانىء المنطقة. هذا مجرد مثال كما يقول المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ولوكالة الامن القومي الجنرال مايكل هايدن الذي لا يكن الحد الادنى من الود لا لايران ولا لـ «حزب الله» لكنه يعتبر ان «الفوضى الخلاقة » وهو المصطلح الشهير لهنري كيسنجر لم تعد لمصلحة اميركا.

اما السبب وكما تقول معلومات العاصمة الخليجية فهو ان واشنطن هي التي «اخترعت» التيارات الاسلامية المتشددة ولاغراض تكتيكية واستراتيجية لكنها لم تكن تتوقع ظهور الايديولوجيات المجنونة التي لم يعد بالامكان برمجتها في اي حال بعدما بدا جليا كيفية اجتياحها للحدود بين الدول وللمجتمعات في هذه الدول.

وهناك قناعة لدى الادارة الاميركية بأن ابا بكر البغدادي الاكثر استقطابا من اي حاكم عربي لـ «الجماهير» ودون ان يبقى تأثيره محصورا في حيز جغرافي معين بل انه موجود في اورلاندو وفي باريس وفي بروكسل، وفي نيس، وفي روان، وفي الاتحاد الالماني ايضا.

وما يقال ان حلب كانت الرهان الكبير حتى اذا ما سقطت سقطت دمشق حتى ان احمد داود اوغلو كان يعتبر انه اذا ما خرجت حلب من قبضة النظام «حدث طوفان بشري في الشام» ولاذ اركان السلطة بالفرار.

اما وقد سقط الرهان وبحسب المعلومات اياها فإن الامور ستأخذ مسارا اخر. والطريف ان يقال ان واشنطن اكتشفت ان التفاهم مع موسكو اسهل بالنسبة اليها من التفاهم مع حلفائها الذين لم يكونوا يتفقون سوى على تقويض النظام السوري دون ان تكون لديهم اي رؤية مشتركة حول النظام البديل لا بل كانت هناك خلافات عميقة حول الوحدة الجغرافية لسوريا وحول الهيكلية الفلسفية والايديولوجية والاستراتيجية للدولة البديلة... وحتى اذا ما تبدلت الادارة في الولايات المتحدة فثمة ثوابت روسية لا مجال لزحزحتها وهي عدم تسليم سوريا لأي دولة (او دول) اقليمية وعدم السماح في حال من الاحوال بقيام نظام اسلامي فيما لو اقتضى ذلك حرب عالمية ثالثة...

واعتراف بأن السيناريو (الكاريكاتوري) الذي تم طبخه اقليميا لاعلان انفصال «جبهة النصرة» عن تنظيم القاعدة قد انهار ايضا اذ سارع قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جو فونل الى القول ان الجبهة وايا كان الاسم الذي تتخذه هي منظمة ارهابية وانها «لا تزال تنظيم القاعدة».

داخليا هل بات الوزير نهاد المشنوق هو الرجل الثاني في بيت الوسط؟ اين الرئيس فؤاد السنيورة في هذه الحال؟ وزير سابق في تيار المستقبل قال لـ «الديار» ان من السخافة ما رددته بعض المواقع من ان السنيورة وراء ذلك البيان الغامض الذي يدعو الى حركة تصحيحية داخل التيار لكن الثابت ان ثمة فجوة بينه وبين الحريري الذي باتت له مآخذ كثيرة على رئىس كتلته النيابية اذ كان يفترض خلال غياب «الشيخ سعد» في الخارج ان يضبط الوضع داخل التيار وهو البارع في ذلك لا ان تتفلت الامور بتلك الطريقة لا بل بدا وكأن السنيورة يتعمد ذلك لتكون له جماعته الضاغطة داخل التيار.

المشنوق هو الذي اوصل الرسالة الى من يعنيهم الامر حول انتخاب رئىس للجمهورية قبل اخر العام. لوحظ انه حتى نواب التيار ابتعدوا عن «قنبلة المشنوق» هؤلاء النواب اخر من يعلم وفي رأس الحريري تبديل ثلثهم على الاقل.


ـ السلطانة هيام ـ


وقبل ان يقول وزير الداخلية ما قاله كان الحريري وهو يتابع خطوات السلطانة هيام في مسلسل «حريم السلطان» على السجادة الحمراء في شوارع بيروت يأمل ان يكون اخر السنة «خيرا وبركة على اللبنانيين» يأمل ايضا ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية...

الحريري بات خبيرا في الاخراج المسرحي هكذا تسريب خبر لقاء باريس وطرح ترشيح النائب فرنجية لرئاسة الجمهورية والان اترك لنهاد المشنوق ان يعلن ان الرئاسة وراء الباب.

هل طعن فرنجية في الظهر وهو الذي عرفت عنه الفروسية والشهامة؟ ولماذا لم يتم ابلاغه بما صرح به المشنوق الى الـ LBCI؟

الذي يجعل هذا السؤال ضروريا هو ان رئىس تيار المرده قصد عين التينة ولم يقصد بيت الوسط. زيارة للاستفسار؟ المقربون من رئيس المجلس يقولون الا علم له لا بخلفيات ولا بحثيات ما ادلى به المشنوق...

وقد يكون الذي اثار فرنجية اكثر ان وزير الداخلية الذي هو قناة الاتصال والتواصل بين بيت الوسط والرابية هو من ادلى بالتصريح اياه وان كان هناك من يقول ان المشنوق من وزن وسائر وزراء ونواب تيار المستقبل من وزن اخر...

استطرادا لو ادلى اي اخر بما ادلى به المشنوق لما اخذ على محمل الجد في حين راحت جهات سياسية تحلل التصريح الذي ادلى به فرنجية اثر لقاء بري. هل هو موجه الى الحريري ام الى مرجعيات اخرى او من هي هذه المرجعيات؟

نفى صحة اي كلام حول انسحابه مشيرا الى ان مبادرة الحريري لترشيحه «ما زالت بالنسبة الينا قائمة» ولكن اذا حدث اجماع على شخص اخر اكان عون او غيره  فنحن لا نقف في وجه الاجماع ليضيف «ان احدا لا يمون علينا سوى الاجماع الوطني والمصلحة الوطنية اما اي مناورة هنا او اي لعبة من هناك فلا احد يمون علينا».

واوضح ان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لن يطلب منه الانسحاب وكذلك الرئيس بشار الاسد و«انا موجود في المعركة حتى اخر دقيقة».

حتى اهل السياسة يسألون عن الحقيقة، غداة كلام المشنوق حول قرار دولي كبير وجدي وغير منظور بانتخاب رئىس للجمهورية اخر السنة، بدا الرجل وكأنه يغرد خارج السرب مع انه لا يمكن ان يقول ما قاله الا اذا كان واثقا من هذا الكلام الى اقصى الحدود، والا اذا كان الحريري موافقا عليه.

وبالرغم من ذلك فإن الدكتور سمير جعجع الذي اكد انه على تواصل مع رئىس تيار المستقبل في صدد ترشيح عون وصف الملف الرئاسي بـ «الصعب والمعقد». واعتبر ان «حزب الله» غير جدي في ترشيح العماد عون للرئاسة فهو لا يحتمل خسارته والتيار الوطني الحر على صعيد التحالف السياسي ولكن في الوقت نفسه لا يريده رئىسا، ليضيف ان الحزب «يفضل رئىسا على قياسه صغير ويتحكم به».


ـ السيد نصرالله والسعودية ـ


من جهة ثانية شن السيد نصرالله حملة عاصفة على السعودية معتبرا ان ما حدث في حلب اسقط المشاريع الاقليمية والاحلام الامبراطورية ولم يبق امام السعودية سوى فرصة لمراجعة حساباتها والقبول بالتفاوض والا الهزيمة».

وسأل «اين السعودية كرقم اساسي في معادلة الصراع القائم الان في المنطقة؟ لافتا الى انها «تفتح بابا فقط مع الاسرائىليين وبلا اثمان او مكاسب لحقوق الفلسطينيين ومقدساتهم ومطالبهم داعيا الجميع الى «ان يتخذوا موقفا من اي تطبيع مع العدو». وتحدث عن «تطبيع سعودي مع اسرائيل وبالمجان، وهذا سيفتح الباب كليا ونهائىا فعندما تأتي السعودية التي تقدم نفسها في العالم العربي والاسلامي انها دولة الاسلام او انها دولة الشريعة المحمدية المقدسة وانها دولة القرآن وانها حكومة الحرمين الشريفين وتتصل وتقيم العلاقات وغدا تعترف وضمنا تنسق مع اسرائيل ستقول اي دولة عربية اذا السعودية عقدت علاقات او اتصلت وهي تنسق فلماذا تحملوننا ما لا يطاق؟»

وتطرق السيد نصرالله الى المسائل الداخلية قائلا لا يمكن في هذا البلد ان يزاد قرش واحد على ضريبة قبل فتح ملفات الفساد ويستعاد المال العام المنهوب لأن هذا يعني تأمين مال بسرقات جديدة». ولوحظ ان السيد لم يتناول موضوع الرئاسة ولا جدول اعمال طاولة الحوار التي تبدأ الثلثاء.

وسارع الحريري الى الرد على كلام السيد نصرالله واصفا المملكة بأنها تاج مرصع بالخير والمكرمات في التاريخ العربي وعنوان لن ينكسر للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين».

اضاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي «ان من يسمح لحزبه ومسلحيه ان يكونوا اداة ايرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية لن يحصل على براءة ذمة مهما ابدع في التزوير السياسي».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024